صفحة جزء
[ ص: 77 ] من القواعد التي يبنى عليها كثير من الأحكام ، استصحاب حكم اليقين ، والإعراض عن الشك ، فلو تيقن الطهارة ، وشك في الحدث ، أو عكسه ، عمل باليقين فيهما . ولو ظن الحدث بعد يقين الطهارة ، فكالشك ، فله الصلاة . ولنا وجه : أنه إذا شك في الحدث خارج الصلاة ، وجب الوضوء ، وهذا شاذ ، بل غلط . ومن هذا الباب ما إذا مس الخنثى فرجه مرتين ، وشك ، هل الممسوس ثانيا الأول ، أم الآخر ؟ أو شك من نام قاعدا ، ثم تمايل وانتبه ، أيهما كان أسبق ؟ أو شك هل ما رآه رؤيا ، أم حديث نفس ؟ أو هل لمس البشرة ، أم الشعر ؟ فلا يلزمه الوضوء في جميع هذا . وكذا الشك في الحدث الأكبر . ولو تيقن بعد طلوع الشمس حدثا ، وطهارة ، ولم يعلم أسبقهما ، فثلاثة أوجه . أصحها ، وقول الأكثرين : أنه إن كان قبل طلوع الشمس محدثا ، فهو الآن متطهر ، وإن كان متطهرا فالآن محدث إن كان ممن يعتاد تجديد الوضوء ، وإلا فمتطهر أيضا ، وإن لم يعلم ما كان قبل طلوع الشمس ، وجب الوضوء . والوجه الثاني : أنه على ما كان قبل طلوع الشمس ، ولا نظر إلى ما بعده ، فإن لم يعلم ما كان قبله ، وجب الوضوء . والثالث : لا نظر إلى ما قبل الطلوع ، بل يجب الوضوء بكل حال .

قلت : الوجه الثاني : غلط صريح ، وكيف يؤمر بالعمل بما تيقن بطلانه ؟ ! والوجه الثالث : هو الصحيح عند جماعات من محققي أصحابنا . وفيه وجه رابع : يعمل بغلبة الظن ، وقد أوضحت دلائله في شرح ( المهذب ) . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية