صفحة جزء
[ ص: 58 ] باب

الإحرام

ينبغي لمريد الإحرام ، أن ينوي ويلبي . فإن لبى ولم ينو ، فنص في رواية الربيع : أنه يلزمه ما لبى به . وقال في المختصر : وإن لم يرد حجا ولا عمرة ، فليس بشيء . واختلف الأصحاب على طريقين . المذهب : القطع بأنه لا ينعقد إحرامه . وتأويل نقل الربيع ، على ما إذا أحرم مطلقا ، ثم تلفظ بنسك معين ولم ينوه ، فيجعل لفظه تعيينا للإحرام المطلق .

والطريق الثاني : على قولين . أظهرهما : لا ينعقد إحرامه ؛ لأن الأعمال بالنيات . والثاني : يلزمه ما سمى ؛ لأنه التزمه بقوله . وعلى هذا لو أطلق التلبية ، انعقد الإحرام مطلقا ، يصرفه إلى ما شاء من كلا النسكين ، أو أحدهما .

قلت : هذا القول ضعيف جدا ، والتأويل المذكور أضعف منه ، لأنا سنذكر قريبا - إن شاء الله تعالى - أن الإحرام المطلق ، لا يصح صرفه إلا بنية القلب . - والله أعلم - .

واعلم أن نصه في " المختصر " يحتاج إلى قيد آخر ، يعني : لم يرد حجا ولا عمرة ، ولا أصل الإحرام ، هذا كله إذا لبى ولم ينو . فلو نوى ولم يلب انعقد إحرامه على الصحيح الذي قاله الجمهور .

وقال أبو علي بن خيران وابن أبي هريرة ، وأبو عبد الله الزبيري : لا ينعقد إلا بالتلبية .

وحكى الشيخ [ ص: 59 ] أبو محمد وغيره قولا للشافعي - رحمة الله عليه - : أنه لا ينعقد إلا بالتلبية ، لكن يقوم مقامها سوق الهدي ، وتقليده ، والتوجه معه . وحكى الحناطي هذا القول في الوجوب دون الاشتراط ، وذكر تفريعا عليه : أنه لو ترك التلبية ، لزمه دم .

قلت : صفة النية : أن ينوي الدخول في الحج أو العمرة أو فيهما والتلبس به . والواجب : أن ينوي هذا بقلبه . فإن ضم إلى نية القلب التلفظ ، كان أفضل . - والله أعلم - .

فرع

إذا قلنا بالمذهب : إن المعتبر هو النية ، فلو لبى بالعمرة ونوى الحج ، فهو حاج ، وبالعكس معتمر . ولو تلفظ بأحدهما ، ونوى القران ، فقارن . ولو تلفظ بالقران ، ونوى أحدهما ، فهو لما نوى .

التالي السابق


الخدمات العلمية