صفحة جزء
الشرط الثالث : أهلية الذابح .

وفيه مسائل : إحداها : يستحب أن يذبح ضحيته وهديه بنفسه . وله أن يوكل في ذبحها من تحل ذبيحته ، والأولى أن يوكل مسلما فقيها ، لعلمه بشروطها . ولا يجوز توكيل المجوسي والوثني ، بخلاف الكتابي . وإذا وكل فيستحب أن يحضر الذبح . ويكره توكيل الصبي في ذبحها . وفي كراهة توكيل الحائض ، وجهان :

قلت : الأصح : لا يكره ؛ لأنه لم يصح فيه نهي . والله أعلم .

والحائض أولى من الصبي ، والصبي المسلم أولى من الكتابي .

الثانية : النية شرط في التضحية . وهل يجوز تقديمها على الذبح ، أم يجب أن تكون مقرونة به ؟ وجهان : أصحهما : الجواز . ولو قال : جعلت هذه الشاة ضحية ، فهل يكفيه التعيين والقصد عن نية الذبح ؟ وجهان : أصحهما عند الأكثرين : لا يكفيه ؛ لأن التضحية قربة في نفسها ، فوجبت النية فيها ، واختار الإمام والغزالي : الاكتفاء . ولو التزم ضحية في ذمته ، ثم عين شاة عما في ذمته ، بني

[ على ] الخلاف في أن المعينة ، هل تتعين عن المطلقة في الذمة ؟ إن قلنا :

[ لا ] فلا بد من النية عند الذبح ، وإلا ، فعلى الوجهين ، ولو وكل ونوى عند [ ص: 201 ] ذبح الوكيل ، كفى ولا حاجة إلى نية الوكيل ، بل لو لم يعلم أنه مضح ، لم يضر . وإن نوى عند الدفع إلى الوكيل فقط ، فعلى الوجهين في تقديم النية . ويجوز أن يفوض النية إلى الوكيل إن كان مسلما ، وإن كان كتابيا ، فلا .

الثالثة : العبد القن ، والمدبر ، والمستولدة ، لا يجوز لهم التضحية إن قلنا بالمشهور : إنهم لا يملكون بالتمليك ، فإن أذن السيد ، وقعت التضحية عن السيد . فإن قلنا : يملكون ، لم يجز تضحيتهم بغير إذنه ؛ لأن له حق الانتزاع . فإن أذن ، وقعت عنهم ، كما لو أذن لهم في التصدق ، وليس له الرجوع بعد الذبح ولا بعد جعلها ضحية . والمكاتب لا تجوز تضحيته بغير إذن السيد ، فإن أذن ، فعلى القولين في تبرعه بإذنه . ومن بعضه رقيق ، له أن يضحي بما ملكه بحريته ، ولا يحتاج إلى إذن .

الرابعة : لو ضحى عن الغير بغير إذنه ، لم يقع عنه . وفي التضحية عن الميت ، كلام يأتي في الوصية إن شاء الله تعالى .

قلت : إذا ضحى عن غيره بلا إذن ، فإن كانت الشاة معينة بالنذر ، وقعت عن المضحي ، وإلا ، فلا ، كذا قاله صاحب " العدة " وغيره . وأطلق الشيخ إبرهيم المروذي : أنها تقع عن المضحي ، قال هو وصاحب " العدة " : لو أشرك غيره في ثواب أضحيته وذبح عن نفسه ، جاز ، قالا : وعليه يحمل الحديث المتقدم : " اللهم تقبل من محمد وآل محمد " . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية