صفحة جزء
فصل

يحرم أكل نجس العين والمتنجس كالدبس والخل واللبن والدهن . وسبق في كتاب الطهارة وجه : أن الدهن يطهر بالغسل ، فعلى هذا إذا غسل حل .

[ ص: 278 ] فرع

يكره أكل لحم الجلالة كراهة تنزيه على الأصح الذي ذكره أكثرهم ، منهم العراقيون ، والروياني وغيرهم وقال أبو إسحاق والقفال : كراهة تحريم . ورجحه الإمام والغزالي والبغوي . والجلالة : هي التي تأكل العذرة والنجاسات ، وسواء كانت من الإبل أو البقر أو الغنم أو الدجاج . ثم قيل : إن كان أكثر علفها النجاسة ، فهي جلالة . وإن كان الطاهر أكثر فلا . والصحيح : أنه لا اعتبار بالكثرة ، بل بالرائحة والنتن . فإن وجد في عرقها وغيره ريح النجاسة ، فجلالة ، وإلا فلا . وقيل : الخلاف فيما إذا وجدت رائحة النجاسة بتمامها ، أو قربت الرائحة من الرائحة . فإن قلت الرائحة الموجودة ، لم تضر . ولو حبست بعد ظهور النتن ، وعلفت طاهرا فزالت الرائحة ، ثم ذبحت ، فلا كراهة فيها . ولو لم تعلف ، لم يزل المنع بغسل اللحم بعد الذبح ، ولا بالطبخ وإن زالت الرائحة به ، وكذا لو زالت بمرور الزمان عند صاحب " التهذيب " . وقيل خلافه .

وكما يمنع لحمها ، يمنع لبنها وبيضها ، ويكره الركوب عليها إذا لم يكن بينها وبين الراكب حائل . ثم قال الصيدلاني وغيره : إذا حرمنا لحمها فهو نجس ، ويطهر جلدها بالدباغ ، وهذا يقتضي نجاسة الجلد أيضا . وهو نجس إن ظهرت الرائحة فيه ، وكذا إن لم تظهر على الأصح ، كاللحم . ثم ظهور النتن وإن حرمنا به اللحم ونجسناه ، فلا نجعله موجبا لنجاسة الحيوان في حياته ، بل إذا حكمنا بالتحريم ، كان كما لا يؤكل لحمه ، لا يطهر جلده بالذكاة ويطهر بالدباغ .

[ ص: 279 ] فرع

السخلة المرباة بلبن الكلبة ، لها حكم الجلالة . ولا يحرم الزرع وإن كثر الزبل وسائر النجاسات في أصله ؛ لأنه لا يظهر فيه أثر النجاسة وريحها .

قلت : وإذا عجن دقيقا بماء نجس وخبزه ، فهو نجس يحرم أكله . ويجوز أن يطعمه لشاة وبعير ونحوهما ، ونص عليه الشافعي رحمه الله تعالى ، ونقله البيهقي في " السنن الكبير " في باب نجاسة الماء الدائم عن نصه ، واستدل له بحديث صحيح . وفي فتاوى صاحب " الشامل " : أنه يكره إطعام الحيوان المأكول نجاسة . وهذا لا يخالف ما نص عليه الشافعي في الطعام ؛ لأنه ليس بنجس العين . قال ابن الصباغ : ولا يكره أكل البيض المسلوق بماء نجس ، كما لا يكره الوضوء بماء سخن بالنجاسة . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية