صفحة جزء
فصل

إذا نذر صوم [ يوم ] الاثنين أبدا ، لزمه الوفاء ، تفريعا على الصحيح : أن الوقت المعين للصوم يتعين . ولو نذر صوم اليوم الذي يقدم فيه فلان أبدا ، فقدم يوم الاثنين ، ففي انعقاد [ نذر ] ذلك اليوم الخلاف السابق ، وسائر الأثانين تلزمه كما لو نذر صوم الأثانين . ولا يجب قضاء الأثانين الواقعة في رمضان ، لكن لو وقع فيه خمسة أثانين ، ففي قضاء الخامس قولان - وكذا لو وقع يوم عيد في يوم الاثنين - أظهرهما : لا قضاء كالأثانين في رمضان ، وأيام التشريق كالعيد ، بناء على المذهب : أنها لا تقبل الصوم . ولو صدر هذا النذر من امرأة ، [ ص: 317 ] وأفطرت في بعض الأثانين بحيض أو نفاس ، فالمذهب : أن القضاء على القولين كالعيد ، وبه قطع الأكثرون . وقيل ، يجب قطعا ؛ لأن واجبه شرعا يقضى ، فكذا بالنذر . ثم الطريقان فيما إذا لم يكن لها عادة غالبة ، فإن كانت ، فعدم القضاء فيما يقع في عادتها أظهر ، وقطع به بعضهم . وقيل : خلافه ؛ لأن العادة قد تختلف . ولو أفطر الناذر بعض الأثانين بالمرض ، فالمذهب : وجوب القضاء ، وبه قطع قاطعون ، وقيل : هو على الخلاف فيمن نذر سنة بعينها . ولو لزمه صوم شهرين متتابعين عن كفارة ، قدم صوم الكفارة على الأثانين ، سواء تقدم وجوب الكفارة ، أو تأخر ؛ لأنه يمكن قضاء الأثانين . ولو عكس ، لم يتمكن من الكفارة ، لفوات التتابع . ثم إن لزمت الكفارة بعد نذر الأثانين ، قضى الأثانين الواقعة في الشهرين ؛ لأنه أدخل على نفسه صوم الشهرين بعد النذر وإن لزمت الكفارة قبله ، فوجهان . وقيل : قولان . أصحهما عند صاحب " التهذيب " وطائفة من العراقيين : يجب القضاء ، ويحكى عن رواية الربيع . والثاني : لا ، وهو الأصح عند القاضيين أبي الطيب ، وابن كج ، وإمام الحرمين ، والغزالي .

قلت : الثاني : أصح . والله أعلم .

ولو نذر أن يصوم شهرا متتابعا ، أو شهرين ، أو أسبوعا ، ثم نذر الأثانين ، فإن لم يعين الشهر ، أو الشهرين ، فهو كما لو لزمته الكفارة ، ثم نذر الأثانين . وإن عين ، ففي التتمة : أنه يبنى على أنه إذا عين وقتا للصوم ، هل يجوز أن يصوم فيه عن قضاء ، أو نذر آخر ؟ وقد سبق فيه الخلاف . فإن جوزناه ، فهو كما لو لم يعين . وإن لم نجوزه ، فحكم ذلك الشهر حكم رمضان ، وبهذا قطع صاحب " التهذيب " . وقال أيضا : إذا صادف نذران زمانا معينا ، فيحتمل أن يقال : لا ينعقد النذر الثاني ، وطرد هذا الاحتمال فيما إذا قال : إن قدم زيد ، فلله علي أن أصوم اليوم التالي لقدومه ، وإن قدم عمرو ، فلله علي أن أصوم [ ص: 318 ] أول خميس بعد قدومه ، فقدما معا يوم الأربعاء . ونقل أنه يصوم عن أول نذر نذره ، ويقضي يوما للنذر الثاني . وفي تعليق الشيخ أبي حامد وغيره : أنه لو نذر أن يصوم أول خميس بعد شفاء مريضه ، ونذر أن يصوم اليوم الذي يقدم فيه فلان ، فشفي المريض ، وأصبح الناذر في أول الخميس صائما ، فقدم فيه فلان ، يقع صوما عما نواه ، والنذر للآخر . فإن قلنا : لا ينعقد ، فلا شيء عليه . وإن قلنا : ينعقد ، قضى عنه يوما آخر .

التالي السابق


الخدمات العلمية