صفحة جزء
النوع الرابع : الهدايا والضحايا . إذا نذر ذبح حيوان ، ولم يتعرض لهدي ولا أضحية ، بأن قال : لله علي أن أذبح هذه البقرة ، أو أنحر هذه البدنة ، فإن قال مع ذلك : وأتصدق بلحمها ، أو نواه ، لزمه الذبح والتصدق . وإن لم يقله ولا نواه ، فوجهان .

أحدهما : ينعقد نذره ، ويلزمه الذبح والتصدق . وأصحهما : لا ينعقد . ولو نذر أن يهدي بدنة أو شاة إلى مكة ، أو أن يتقرب بسوقها إليها [ ص: 329 ] ويذبحها ويفرق لحمها على فقرائها ، لزمه الوفاء ، ولو لم يتعرض للذبح وتفرقة اللحم ، لزمه الذبح بها أيضا . وفي تفرقة اللحم بها وجهان .

أحدهما : لا تجب تفرقته بها إلا أن ينوي ، بل له أن يفرق في موضع آخر . وأصحهما : الوجوب . ولو نذر أن يذبح خارج الحرم ويفرق اللحم في الحرم على أهله . قال في التتمة : الذبح خارج الحرم لا قربة فيه ، فيذبح حيث شاء ، ويلزمه تفرقة اللحم ، وكأنه نذر أن يهدي إلى مكة لحما . ولو نذر أن يذبح بمكة ويفرق اللحم على فقراء بلد آخر ، وفى بما التزم . ولو قال : لله علي أن أنحر أو أذبح بمكة ، ولم يتعرض للفظ القربة والتضحية ، ولا التصدق باللحم ، ففي انعقاد نذره وجهان . أصحهما : الانعقاد ، وبه قطع الجمهور . وعلى هذا في وجوب التصدق باللحم على فقرائها الوجهان السابقان . ولو نذر الذبح بأفضل بلد ، كان كنذر الذبح بمكة ، فإنها أفضل البلاد . ولو نذر الذبح أو النحر ببلدة أخرى ولم يقل مع ذلك : وأتصدق على فقرائها ، ولا نواه ، فوجهان ، أو قولان . أصحهما وهو نصه " الأم " : لا ينعقد . والثاني : ينعقد . فإن قلنا : ينعقد لو تلفظ مع ذلك بالتصدق أو نواه ، فهل يتعين التصدق باللحم ، على فقرائها ، أم يجوز نقله إلى غيرهم ؟ فيه طريقان . المذهب : أنهم يتعينون . وقيل : فيه خلاف مأخوذ من نقل الصدقة . فإن قلنا : لا يتعينون ، لم يجب الذبح بتلك البلدة ، بخلاف مكة ، فإنها محل ذبح الهدايا . وإن قلنا : يتعينون ، فوجهان .

أحدهما : لا يجب الذبح بها ، بل لو ذبح خارجها ونقل اللحم إليها طريا ، جاز ، وبهذا قطع صاحب " التهذيب " وجماعة . والثاني : تتعين إراقة الدم بها كمكة ، وبهذا قطع العراقيون وحكوه عن نصه في " الأم " . ولو قال : أضحي ببلد كذا ، وأفرق اللحم على أهلها ، انعقد نذره ، ويغني ذكر التصدق ، ونيته . وجعل الإمام وجوب التفرقة على أهلها ووجوب الذبح بها على الخلاف السابق . قال : ولو اقتصر على قوله : أضحي بها ، فهل يتضمن ذلك تخصيص التفرقة بهم ؟ وجهان . الصحيح الذي جرى عليه الأئمة : أنه تجب [ ص: 330 ] التفرقة والذبح بها . وفي فتاوى القفال : أنه لو قال : إن شفى الله مريضي ، فلله علي أن أتصدق بعشرة على فلان ، فشفاه الله تعالى ، لزمه التصدق عليه . فإن لم يقبل ، لم يلزمه شيء . وهل لفلان مطالبته بالتصدق بعد الشفاء ؟ يحتمل أن يقال : نعم ، كما لو نذر إعتاق عبد معين إن شفي ، فشفي ، له المطالبة بالإعتاق ، وكما لو وجبت الزكاة والمستحقون في البلد محصورون ، لهم المطالبة .

التالي السابق


الخدمات العلمية