الشرط الثاني : 
أن يكون منتفعا به   . فما لا نفع فيه ، ليس بمال ، فأخذ المال في مقابلته باطل . ولعدم المنفعة سببان . 
أحدهما : القلة ، كالحبة والحبتين من الحنطة والزبيب ونحوهما ، فإن ذلك القدر لا يعد مالا ، ولا ينظر إلى ظهور النفع إذا ضم إليه غيره ، ولا إلى ما يفرض من وضع الحبة في فخ . ولا فرق في ذلك بين زمان الرخص والغلاء . ومع هذا ، فلا يجوز أخذ الحبة من صبرة الغير . فإن أخذ ، لزمه ردها . فإن تلفت ، فلا ضمان ، إذ لا مالية لها . وقال  
القفال     : يضمن مثلها . وحكى صاحب " التتمة " وجها : أنه يصح 
بيع ما لا منفعة فيه لقلته ، وهو شاذ ضعيف . 
السبب الثاني : الخسة ، كالحشرات . والحيوان الطاهر ، ضربان : ضرب ينتفع به ، فيجوز بيعه ، كالنعم ، والخيل ، والبغال ، والحمير ، والظباء ، والغزلان . ومن الجوارح ، كالصقور ، والبزاة ، والفهد . ومن الطير ، كالحمام ، والعصفور ، والعقاب . وما ينتفع بلونه كالطاووس ، أو صوته كالزرزور . ومما ينتفع به ، القرد ، والفيل ، والهرة ، ودود القز . 
وبيع النحل في الكوارة صحيح إن شاهد جميعه ، وإلا ، فهو من بيع الغائب . وإن باعه وهو طائر ، فوجهان . قطع في " التتمة " : بالصحة ، وفي " التهذيب " : بالبطلان .  
[ ص: 353 ] قلت : الأصح : الصحة . والله أعلم . 
الضرب الثاني : 
ما لا ينتفع به ، فلا يصح بيعه ، كالخنافس ، والعقارب ، والحيات ، والفأر ، والنمل ، ونحوها ، ولا نظر إلى منافعها المعدودة من خواصها ، وفي معناها السباع التي لا تصلح للصيد والقتال عليها ، كالأسد والذئب والنمر . ولا ينظر إلى اقتناء الملوك لها للهيبة والسياسة . ونقل القاضي  
حسين  وجها في جواز بيعها ؛ لأنها طاهرة . والانتفاع بجلودها متوقع بالدباغ . ونقل  
أبو الحسن العبادي  وجها آخر : أنه يجوز 
بيع النمل في " 
عسكر مكرم    " وهي المدينة المشهورة 
بخراسان  ؛ لأنه يعالج به السكر ، و " 
نصيبين    " ؛ لأنه تعالج به العقارب الطيارة . والوجهان شاذان ضعيفان . ولا يجوز 
بيع الحدأة ، والرخمة ، والغراب   . فإن كان في أجنحة بعضها فائدة ، جاء فيها الوجه الذي حكاه القاضي ، كذا قاله الإمام ، ولكن بينهما فرق ، فإن الجلود تدبغ ، ولا سبيل إلى تطهير الأجنحة . 
قلت : وجه الجواز ، الانتفاع بريشها في النبل ، فإنه وإن قلنا بنجاسته ، يجوز الانتفاع به في النبل وغيره من اليابسات . والله أعلم . 
ويصح 
بيع العلق على الأصح لمنفعة امتصاص الدم ، ولا يصح 
بيع الحمار الزمن الذي لا نفع فيه على الأصح ، بخلاف العبد الزمن ، فإنه يتقرب بإعتاقه . والثاني : يجوز لغرض جلده إذا مات . 
فرع   : 
السم إن كان يقتل كثيره وينفع قليله ، كالسقمونيا ، والأفيون ، جاز بيعه   . وإن قتل كثيره وقليله ، فقطع بالمنع . ومال الإمام وشيخه إلى الجواز ليدس في طعام الكافر .  
[ ص: 354 ] فرع   : 
آلات الملاهي   : كالمزمار والطنبور وغيرهما ، إن كانت بحيث لا تعد بعد الرض والحل مالا ، لم يصح بيعها ؛ لأن منفعتها معدومة شرعا . وإن كان رضاضها يعد مالا ، ففي صحة بيعها 
وبيع الأصنام والصور المتخذة من الذهب والخشب وغيرهما ، وجهان . الصحيح : المنع . وتوسط الإمام ، فذكر الإمام وجها ثالثا اختاره هو  
 nindex.php?page=showalam&ids=14847والغزالي     : أنه إن اتخذت من جوهر نفيس ، صح بيعها . وإن اتخذت من خشب ونحوه ، فلا ، والمذهب : المنع المطلق ، وبه أجاب عامة الأصحاب . 
فرع   : 
الجارية المغنية التي تساوي ألفا بلا غناء ، إذا اشتراها بألفين ، فيه أوجه . قال  
المحمودي     : بالبطلان ،  
والأودني     : بالصحة ،  
وأبو زيد     : إن قصد الغناء ، بطل ، وإلا ، فلا . 
قلت : الأصح : قول  
الأودني     . قال إمام الحرمين : هو القياس السديد ولو بيعت بألف ، صح قطعا . ويجري الخلاف في 
كبش النطاح والديك الهراش   . ولو 
باع إناء من ذهب أو فضة ، صح قطعا ؛ لأن المقصود الذهب فقط ، ذكره القاضي  
أبو الطيب     . قال  
المتولي     : يكره 
بيع الشطرنج   . قال : والنرد ، إن صلح لبياذق الشطرنج ، فكالشطرنج ، وإلا ، فكالمزمار . والله أعلم .  
[ ص: 355 ] فرع   : 
بيع الماء المملوك صحيح على الصحيح ، وستأتي تفاريعه في إحياء الموات إن شاء الله تعالى . فإذا صححناه ، ففي بيعه على شط النهر ، 
وبيع التراب في الصحراء ، 
وبيع الحجارة بين الشعاب الكثيرة ، والأحجار ، وجهان . أصحهما : الجواز . 
فرع   : 
بيع لبن الآدميات صحيح . 
قلت : ولنا وجه : أنه نجس ، فلا يصح بيعه ، حكاه في " الحاوي " عن  
الأنماطي  ، وهو شاذ مردود ، وسبق ذكره في كتاب " الطهارة " . والله أعلم .