صفحة جزء
باب البيوع المنهي عنها

ما ورد فيه النهي من البيوع ، قد يحكم بفساده وهو الأغلب ؛ لأنه مقتضى النهي . وقد لا يحكم بفساده ، لكون النهي ليس لخصوصية البيع ، بل لأمر آخر . فالقسم الأول أنواع . منها : بيع اللحم بالحيوان ، وقد سبق .

ومنها : بيع ما لم يقبض ، وبيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان ، وبيع الكالئ بالكالئ . وسنشرحها بعد ، إن شاء الله تعالى .

ومنها : بيع الغرر .

ومنها : بيع ما لم يقدر على تسليمه ، وقد سبق .

ومنها : بيع مال الغير .

ومنها : بيع ما ليس عنده ، وفيه تفسيران .

أحدهما : أن يبيع غائبا . والثاني : ما لا يملكه ليشتريه فيسلمه .

ومنها : بيع الكلب والخنزير ، وقد سبق ذكرهما في شرائط المبيع .

ومنها : بيع عسب الفحل - بفتح العين وإسكان السين المهملتين - ، والمشهور في كتب الفقه : أنه ضرابه ، وقيل : أجرة ضرابه ، وقيل : هو ماؤه . فعلى الأول والثالث ، تقديره : بدل عسب الفحل . وفي رواية الشافعي - رضي الله عنه - : [ ص: 398 ] نهي عن ثمن عسب الفحل . والحاصل : إن بذل عوضا عن الضراب ، إن كان بيعا ، فباطل قطعا ، وكذا إن كان إجارة على الأصح . ويجوز أن يعطي صاحب الأنثى صاحب الفحل شيئا على سبيل الهدية .

ومنها : بيع حبل الحبلة ، هو نتاج النتاج . ومعناه : أن يبيع بثمن إلى أن يلد ولد هذه الدابة . كذا فسره ابن عمر والشافعي وغيرهما - رضي الله عنهم - . وقيل : هو بيع ولد نتاج هذه الدابة ، قاله أبو عبيد وأهل اللغة .

ومنها : بيع الملاقيح ، وهي ما في بطون الأمهات من الأجنة ، الواحدة : ملقوحة . وبيع المضامين ، وهي ما في أصلاب الفحول .

ومنها : بيع الملامسة . وفيه تأويلات .

أحدها : تأويل الشافعي - رضي الله عنه - ، وهو أن يأتي بثوب مطوي ، أو في ظلمة ، فيلمسه المستام فيقول صاحبه : بعتكه بكذا ، بشرط أن يقوم لمسك مقام نظرك ، ولا خيار لك إذا رأيته . والثاني : أن يجعل نفس اللمس بيعا ، فيقول : إذا لمسته فهو مبيع لك . والثالث : أن يبيعه شيئا على أنه متى لمسه انقطع خيار المجلس وغيره ، ولزم البيع . وهذا البيع باطل على التأويلات كلها . وفي الأول احتمال للإمام ، وقاله صاحب " التتمة " تفريعا على صحة نفي خيار الرؤية . قال في " التتمة " : وعلى التأويل الثاني ، له حكم المعاطاة . والمذهب : الجزم بالبطلان على التأويلات .

ومنها : بيع المنابذة ، وفيه تأويلات .

أحدها : أن يجعلا نفس النبذ بيعا ، قاله الشافعي - رضي الله عنه - ، وهو بيع باطل . قال الأصحاب : ويجيء فيه الخلاف في المعاطاة ، فإن المنابذة مع قرينة البيع ، هي نفس المعاطاة . والثاني : أن يقول : بعتك على أني إذا نبذته إليك ، لزم البيع ، وهو باطل . والثالث : أن المراد نبذ الحصاة ، وسيأتي إن شاء الله تعالى .

ومنها : بيع الحصاة ، وفيه تأويلات .

أحدها : أن يقول : بعتك من [ ص: 399 ] هذه الأثواب ما وقعت عليه الحصاة التي أرميها ، أو بعتك من هذه الأرض من هنا إلى ما انتهت إليه هذه الحصاة . والثاني : أن يقول : بعتك على أنك بالخيار إلى أن أرمي الحصاة . والثالث : أن يجعلا نفس الرمي بيعا ، فيقول : إذا رميت الحصاة ، فهذا الثوب مبيع لك بكذا ، والبيع باطل في جميعها .

ومنها : بيعتان في بيعة ، وفيه تأويلان نص عليهما في " المختصر " . أحدهما : أن يقول : بعتك هذا بألف ، على أن تبيعني دارك بكذا ، أو تشتري مني داري بكذا ، وهو باطل . والثاني : أن يقول : بعتكه بألف نقدا ، أو بألفين نسيئة ، فخذه بأيهما شئت أو شئت أنا ، وهو باطل . أما لو قال : بعتك بألف نقدا ، وبألفين نسيئة ، أو قال : بعتك نصفه بألف ، ونصفه بألفين ، فيصح العقد . ولو قال : بعتك هذا العبد بألف ، نصفه بستمائة ، لم يصح ؛ لأن ابتداء كلامه يقتضي توزيع الثمن على المثمن بالسوية ، وآخره يناقضه .

ومنها : بيع المحاقلة والمزابنة ، وسيأتي بيانهما إن شاء الله تعالى .

ومنها : بيع المجر - بفتح الميم وإسكان الجيم والراء - وهو ما في الرحم ، وقيل : هو الربا . وقيل : هو المحاقلة والمزابنة .

ومنها : بيع السنين ، وله تفسيران .

أحدهما : بيع ثمرة النخلة سنين . والثاني : أن يقول : بعتك هذا سنة ، على أنه إذا انقضت السنة فلا بيع بيننا ، فترد إلي المبيع وأرد إليك الثمن .

ومنها : بيع العربان . ويقال : العربون ، وهو أن يشتري سلعة من غيره ويدفع إليه دراهم ، على أنه إن أخذ السلعة ، فهي من الثمن ، وإلا ، فهي للمدفوع إليه مجانا . ويفسر أيضا بأن يدفع دراهم إلى صانع ليعمل له خفا أو خاتما أو ينسج له ثوبا ، على أنه إن رضيه ، فالمدفوع من الثمن ، وإلا ، فهو للمدفوع إليه .

ومنها : بيع العنب قبل أن يسود ، والحب قبل أن يشتد ، وبيع الثمار قبل أن تنجو من العاهة ، وسيأتي تفصيلها إن شاء الله تعالى .

[ ص: 400 ] ومنها : بيع السلاح لأهل الحرب ، لا يصح ، ويجوز بيعهم الحديد ؛ لأنه لا يتعين للسلاح .

قلت : بيع السلاح لأهل الذمة في دار الإسلام ، صحيح . وقيل : وجهان ، حكاهما المتولي والبغوي والروياني وغيرهم . والله أعلم .



ومنها : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، نهى عن ثمن الهرة . قال القفال : المراد : الهرة الوحشية ، إذ ليس فيها منفعة استئناس ولا غيره .

قلت : مذهبنا : أنه يصح بيع الهرة الأهلية ، نص عليه الشافعي - رضي الله عنه - وغيره . والجواب عن الحديث من أوجه ، ذكرها الخطابي .

أحدها : أنه تكلم في صحته . والثاني : جواب القفال .

والثالث : أنه نهي تنزيه . والمقصود : أن الناس يتسامحون به ويتعاورونه . هذه أجوبة الخطابي ، لكن الأول باطل ، فإن الحديث في صحيح مسلم من رواية جابر - رضي الله عنه - . والله أعلم .

ومنها : النهي عن بيع وسلف ، وهو البيع بشرط القرض .

ومنها : النهي عن بيع وشرط . والشرط ينقسم إلى فاسد ، وصحيح . فالفاسد : يفسد العقد على المذهب ، وفيه كلام سيأتي قريبا إن شاء الله تعالى . فمن الفاسد ، إذا باع عبده بألف ، بشرط أن يبيعه داره ، أو يشتري منه داره ، وبشرط أن يقرضه عشرة ، فالعقد الأول باطل . فإذا أتيا بالبيع الثاني ، نظر ، إن كانا يعلمان بطلان الأول ، صح ، وإلا ، فلا ؛ لأنهما يأتيان به على حكم الشرط الفاسد ، كذا قطع به صاحب " التهذيب " وغيره . والقياس : صحته ، وبه قطع الإمام ، وحكاه عن شيخه في كتاب " الرهن " . ولو اشترى زرعا ، وشرط على بائعه أن يحصده ، بطل البيع على المذهب . وقيل : فيه قولان ؛ لأنه جمع بين بيع وإجارة . وقيل : شرط الحصاد باطل . وفي البيع قولا تفريق الصفقة . وكذا الحكم لو أفرد الشراء [ ص: 401 ] بعوض والاستئجار بعوض ، فقال : اشتريته بعشرة ، على أن تحصده بدرهم ؛ لأنه جعل الإجارة شرطا في البيع ، فهو في معنى بيعتين في بيعة . ولو قال : اشتريت هذا الزرع ، واستأجرتك على حصاده بعشرة ، فقال : بعت وأجرت ، فطريقان . أحدهما : على القولين في الجمع بين مختلفي الحكم . والثاني : تبطل الإجارة . وفي البيع قولا تفريق الصفقة . ولو قال : اشتريت هذا الزرع بعشرة ، واستأجرتك لحصده بدرهم ، صح الشراء ، ولم تصح الإجارة ؛ لأنه استأجره للعمل فيما لم يملكه . ونظائر مسألة الزرع تقاس بها ، كما إذا اشترى ثوبا وشرط عليه صبغه ، وخياطته ، أو لبنا وشرط عليه طبخه ، أو نعلا وشرط عليه أن ينعل به دابته ، أو عبدا رضيعا على أنه يتم إرضاعه ، أو متاعا على أن يحمله إلى بيته ، والبائع يعرف بيته ، فإن لم يعرفه ، بطل قطعا . ولو اشترى حطبا على ظهر بهيمة مطلقا ، فهل يصح العقد ويسلمه إليه في موضعه ، أم لا يصح حتى يشترط تسليمه في موضعه ؛ لأن العادة قد تقتضي حمله إلى داره ؟ فيه وجهان .

قلت : أصحهما : الصحة . والله أعلم .

وأما الشرط الصحيح في البيع ، فمن أنواعه شرط الأجل المعلوم في الثمن . فإن كان الثمن مجهولا ، بطل . قالالروياني : ولو أجل الثمن ألف سنة ، بطل العقد ، للعلم بأنه لا يعيش هذه المدة . فعلى هذا ، يشترط في صحة الأجل ، احتمال بقائه إليه .

قلت : لا يشترط احتمال بقائه إليه ، بل ينتقل إلى وارثه ، لكن التأجيل بألف سنة وغيرها مما يبعد بقاء الدنيا إليه ، فاسد . والله أعلم .

ثم موضع الأجل ، إذا كان العوض في الذمة . فأما ذكره في المبيع أو في الثمن المعين ، مثل أن يقول : اشتريت بهذه الدراهم على أن أسلمها في وقت كذا ، فباطل ، يبطل البيع . ولو حل الأجل ، فأجل البائع المشتري مدة ، أو زاد في الأجل قبل حلول الأجل المضروب ، فهو وعد لا يلزم . كما أن بدل الإتلاف لا يتأجل وإن [ ص: 402 ] أجله . ولو أوصى من له دين حال على إنسان بإمهاله مدة ، لزم ورثته إمهاله تلك المدة ؛ لأن التبرعات بعد الموت تلزم ، قاله في " التتمة " .

ولو أسقط من عليه الدين المؤجل الأجل ، فهل يسقط حتى يتمكن المستحق من مطالبته في الحال ؟ وجهان . أصحهما : لا يسقط ؛ لأن الأجل صفة تابعة ، والصفة لا تفرد بالإسقاط ، ألا ترى أن مستحق الحنطة الجيدة ، أو الدنانير الصحاح ، لو أسقط صفة الجودة والصحة ، لم تسقط . ومن أنواعه ، شرط الخيار ثلاثة أيام ، وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى .

ومنها : شرط الرهن ، والكفيل ، والشهادة ، فيصح البيع بشرط أن يرهن المشتري بالثمن ، أو يتكفل به كفيل ، أو يشهد عليه ، سواء كان الثمن حالا أو مؤجلا . ويجوز أيضا أن يشرط المشتري على البائع كفيلا بالعهدة ، ولا بد من تعيين الرهن والكفيل . والمعتبر في الرهن المشاهدة أو الوصف بصفة المسلم فيه . وفي الكفيل المشاهدة ، أو المعرفة بالاسم والنسب ، ولا يكفي الوصف ، كقوله : رجل موسر ثقة . هذا هو المنقول للأصحاب . ولو قال قائل : الاكتفاء بالوصف أولى من الاكتفاء بمشاهدة من لا يعرف حاله ، لم يكن مبعدا . وقال القاضي ابن كج : لا يشترط تعيين الكفيل . فإذا أطلق ، أقام من شاء كفيلا ، وهذا شاذ مردود . ولا يشترط تعيين الشهود على الأصح . وادعى الإمام ، أنه لا يشترط قطعا ، ورد الخلاف إلى أنه لو عين الشهود ، هل يتعينون ؟ ولا يشترط التعرض لكون المرهون عند المرتهن أو عند عدل على الأصح ، بل إن اتفقا على يد المرتهن ، أو عدل ، وإلا جعله الحاكم في يد عدل . وينبغي أن يكون المشروط رهنه غير المبيع . فلو شرط كون المبيع نفسه رهنا بالثمن ، بطل البيع على المذهب ، وبه قطع الأصحاب ، إلا الإمام ، فإنه قال : هو مبني على أن البداءة بالتسليم بمن ؟ فإن قلنا : بالبائع أو يجبران ، أو لا يجبران ، بطل البيع ؛ لأنه شرط ينافي مقتضاه . وإن قلنا : بالمشتري ، فوجهان . أحدهما : هذا . [ ص: 403 ] والثاني : يصح البيع والشرط ، سواء كان الثمن حالا ، أو مؤجلا . ولو شرط أن يرهنه بالثمن بعد القبض ويرده إليه ، بطل البيع أيضا . ولو رهنه بالثمن من غير شرط ، صح إن كان بعد القبض . فإن كان قبله ، فلا إن كان الثمن حالا ؛ لأن الحبس ثابت له . وإن كان مؤجلا ، فهو كرهن المبيع بدين آخر قبل القبض . ثم إذا لم يرهن المشتري ما شرطه ، أو لم يشهد ، أو لم يتكفل الذي عينه ، فلا إجبار ، لكن للبائع الخيار . ولا يقوم رهن وكفيل آخر مقام المعين . فإن فسخ ، فذاك . وإن أجاز ، فلا خيار للمشتري . ولو عين شاهدين ، فامتنعا من التحمل ، فإن قلنا : لا بد من تعيين الشاهدين ، فللبائع الخيار ، وإلا ، فلا . ولو باع بشرط الرهن ، فهلك المرهون قبل القبض ، أو تعيب ، أو وجد به عيبا قديما ، فله الخيار في فسخ البيع ، وإن تعيب بعد القبض ، فلا خيار . ولو ادعى الراهن أنه حدث بعد القبض ، وقال المرتهن : قبله ، فالقول قول الراهن . ولو هلك الرهن بعد القبض ، أو تعيب ثم اطلع على عيب قديم ، فلا أرش له ، وليس له فسخ البيع على الأصح .

فرع :

في بيع الرقيق بشرط العتق ، ثلاثة أقوال . المشهور : أنه يصح العقد والشرط . والثاني : يبطلان . والثالث : يصح البيع ويبطل الشرط . فإذا صححنا الشرط ، فذاك إذا أطلق ، أو قال : بشرط أن تعتقه عن نفسك . أما إذا قال : بشرط أن تعتقه عني ، فهو لاغ . ثم في العتق المشروط ، وجهان . أصحهما : أنه حق لله تعالى ، [ ص: 404 ] كالملتزم بالنذر . والثاني : أنه حق للبائع ، فعلى هذا للبائع المطالبة به قطعا . وإن قلنا : إنه لله تعالى ، فللبائع المطالبة به أيضا على الأصح . وإذا أعتقه المشتري ، فالولاء له بلا خلاف ، سواء قلنا : الحق لله تعالى ، أم للبائع ؛ لأنه أعتق ملكه . فإن امتنع من العتق ، فإن قلنا : الحق لله تعالى ، أجبر عليه . وإن قلنا : للبائع ، لم يجبر ، بل يخير البائع في فسخ البيع . وإذا قلنا بالإجبار ، قال في " التتمة " : يخرج على الخلاف في المولى إذا امتنع من الطلاق ، فيعتقه القاضي على قول ، ويحبسه حتى يعتق على قول . وذكر الإمام احتمالين .

أحدهما : هذا . والثاني : يتعين الحبس . فإذا قلنا : العتق حق للبائع ، فأسقطه ، سقط ، كما لو اشترط رهنا أو كفيلا ثم عفا عنه . وعن الشيخ أبي محمد : أن شرط الرهن والكفيل لا يفرد بالإسقاط ، كالأجل ، فلو أعتق المشتري هذا العبد عن الكفارة ، فإن قلنا : الحق لله تعالى ، أو للبائع ، ولم يأذن ، لم يجز . وإن أذن ، أجزأه عنها على الأصح . ويجوز استخدامه ، والوطء والإكساب للمشتري . ولو قتل ، كانت القيمة له ، ولا يكلفه صرفها إلى عبد آخر ليعتقه . ولو باعه لغيره وشرط عليه عتقه ، لم يصح على الصحيح . ولو أولد الجارية ، لم يجزئه عن الإعتاق على الصحيح . ولو مات العبد قبل عتقه ، فأوجه : أصحها : ليس عليه إلا الثمن المسمى ؛ لأنه لم يلتزم غيره . والثاني : عليه مع ذلك قدر التفاوت بمثل نسبته من الثمن . والثالث : للبائع الخيار ، إن شاء أجاز العقد ولا شيء له ، وإن شاء فسخ ورد ما أخذ من الثمن ورجع بقيمة العبد . والرابع : ينفسخ . ثم إن هذه الأوجه مفرعة على أن العتق للبائع ، أم مطردة ، سواء قلنا : له ، أو لله تعالى ؟ فيه رأيان للإمام . أظهرهما الثاني .

قلت : وهذا الثاني ، مقتضى كلام الأصحاب وإطلاقهم . والله أعلم .

ولو اشترى عبدا بشرط أن يدبره ، أو يكاتبه ، أو يعتقه بعد شهر [ ص: 405 ] أو سنة ، أو دارا بشرط أن يجعلها وقفا ، فالأصح : أن البيع باطل في جميع ذلك . وقيل : إنه كشرط الإعتاق . وجميع ما سبق في شرط الإعتاق مفروض فيما إذا لم يتعرض للولاء . فأما إذا شرط مع العتق كون الولاء للبائع ، فالمذهب : أن البيع باطل ، وبهذا قطع الجمهور . وحكي قول : أنه يصح البيع ، ويبطل الشرط . وحكى الإمام وجها : أنه يصح الشرط أيضا ، ولا يعرف هذا الوجه عن غير الإمام . ولو اشترى بشرط الولاء دون شرط الإعتاق ، بأن قال : بعتكه بشرط أن يكون لي الولاء إن أعتقته ، فالبيع باطل قطعا ، ذكره في " التتمة " . ولو اشترى أباه أو ابنه بشرط أن يعتقه ، فالبيع باطل قطعا ، لتعذر الوفاء بالشرط ، فإنه يعتق عليه قبل إعتاقه ، قاله القاضي حسين .

قلت : قد حكى الرافعي في كتاب " كفارة الظهار " عن ابن كج : أنه لو اشترى عبدا بشرط أن يعلق عتقه بصفة ، لم يصح البيع على الأصح . وحكى وجهين فيما لو اشترى جارية حاملا بشرط العتق ، فولدت ثم أعتقها ، هل يتبعها الولد ؟ وأنه لو باع عبدا بشرط أن يبيعه المشتري بشرط العتق ، فالمذهب : بطلان البيع . وعن ابن القطان : أنه على وجهين . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية