صفحة جزء
فصل

إذا باع ماله ومال غيره ، وصححناه في ماله نظر إن كان المشتري جاهلا بالحال ، فله الخيار . فإن أجاز فكم يلزمه من الثمن ؟ قولان . أظهرهما : حصة المملوك فقط إذا وزع على القيمتين . والثاني : يلزمه جميع الثمن ، ثم قيل : القولان فيما إذا كان المبيع مما يتقسط الثمن عليه بالقيمة . فإن كان مما يتقسط على أجزائه ، فالواجب القسط قطعا . والأصح : طرد القولين في الحالين . فإن قلنا : الواجب جميع الثمن ، فلا خيار للبائع . وإن قلنا : القسط ، فلا خيار له أيضا على الأصح . وإن كان المشتري عالما بالحال فلا خيار له كما لو اشترى معيبا يعلم عيبه . وكم يلزمه من الثمن ؟ فيه طريقان المذهب : أنه على القولين . وقيل : يجب الجميع قطعا ؛ لأنه التزمه عالما . ولو اشترى عبدا وحرا ، أو خلا وخمرا ، أو مذكاة وميتة ، أو شاة وخنزيرا ، وصححنا العقد فيما يقبله ، وكان المشتري جاهلا بالحال فأجاز ، أو كان عالما ، ففيما يلزمه ؟ الطريقان . فإن أوجبنا القسط ، ففي كيفية توزيع الثمن على هذه الأشياء وجهان . أصحهما عند الغزالي : ينظر إلى قيمتها عند من يرى لها قيمة . والثاني : يقدر الخمر خلا ، ويوزع عليهما باعتبار الأجزاء ، وتقدر الميتة مذكاة ، والخنزير شاة ، ويوزع عليهما باعتبار القيمة . وقيل : يقدر الخمر عصيرا ، والخنزير بقرة .

قلت : هذا الذي صححه الغزالي ، احتمال للإمام . والصحيح : هو الثاني ، وبه قطع الدارمي والبغوي وآخرون ، وحكاه الإمام عن طوائف من أصحاب القفال . والله أعلم .

ولو نكح مسلمة ومجوسية في عقد ، وصححنا نكاح المسلمة ، فالذي قطع [ ص: 428 ] به الجماهير : أنه لا يلزمه جميع المسمى قطعا ؛ لأنه لا خيار له ، بخلاف البيع على قول . وقيل : في قول : يلزمه جميع المسمى ، وله الخيار في رد المسمى والرجوع إلى مهر المثل . فإذا قلنا بقول الجمهور ، ففيما يلزمه قولان . أظهرهما : مهر المثل . والثاني : قسطها من المسمى إذا وزع على مهر مثلها ومهر مثل المجوسية . ولو اشترى عبدين ، فتلف أحدهما قبل القبض ، فانفسخ العقد فيه ، وقلنا : لا ينفسخ في الباقي ، فله الخيار فيه . فإن أجاز ، فالواجب قسطه من الثمن قطعا . كذا قاله الجمهور ؛ لأن الثمن يوزع عليهما في الابتداء . وطرد أبو إسحاق المروزي فيه القولين .

فرع :

لو باع ربويا بجنسه ، فخرج بعض أحد العوضين مستحقا ، وصححنا العقد في الباقي فأجاز ، فالواجب القسط بلا خلاف ؛ لأن الفصل بينهما حرام .

فرع :

لو باع معلوما ومجهولا ، لم يصح في المجهول ، وينبني في المعلوم على ما لو كانا معلومين وأحدهما لغيره . فإن قلنا : لا يصح فيما له ، لم يصح هنا في المعلوم ، وإلا فقولان ، بناء على أنه كم يلزمه من الثمن ؟ فإن قلنا : الجميع صح ، ولزمه هنا أيضا جميع الثمن . وإن قلنا : القسط لم يصح ؛ لتعذر التقسيط . وحكي قول شاذ : أنه يصح ، وله الخيار . فإن أجاز لزمه جميع الثمن .

التالي السابق


الخدمات العلمية