صفحة جزء
القسم الثاني : المرابحة : بيع المرابحة جائز من غير كراهة ، وهو عقد يبنى الثمن فيه على ثمن المبيع الأول مع زيادة ، بأن يشتري شيئا بمائة ، ثم يقول لغيره : بعتك هذا بما اشتريته وربح ده يازده ، أو بربح درهم لكل عشرة ، أو في كل عشرة ، ويجوز أنيضم إلى رأس المال شيئا ثم يبيعه مرابحة ، مثل أن [ ص: 529 ] يقول : اشتريته بمائة ، وقد بعتكه بمائتين وربح ده يازده ، وكأنه قال : بعت بمائتين وعشرين . وكما يجوز البيع مرابحة ، يجوز محاطة مثل أن يقول : بعت بما اشتريت به وحط ده يازده . وفي القدر المحطوط ، وجهان . أحدهما : من كل عشرة واحد ، كما زيد في المرابحة على كل عشرة واحد . وأصحهما : يحط من كل أحد عشر واحد ; لأن الربح في المرابحة جزء من أحد عشر ، فكذا الحط ، وليس في حط واحد من عشرة رعاية للنسبة . فإذا كان قد اشترى بمائة ، فالثمن على الوجه الأول : تسعون . وعلى الثاني : تسعون وعشرة أجزاء من أحد عشر جزءا من درهم . ولو اشترى بمائة وعشرة ، فالثمن على الوجه الأول تسعة وتسعون . وعلى الثاني ، مائة . وطرد كثير من العراقيين وغيرهم الوجهين . فمن قال : بعت بما اشتريت بحط درهم من كل عشرة ، قال إمام الحرمين : هذا غلط ، فإن في هذه الصيغة تصريحا بحط واحد من كل عشرة ، فلا وجه للخلاف فيه . وهذا الذي قاله الإمام بين . وذكر الماوردي وغيره : أنه إذا قال : بحط درهم من كل عشرة ، فالمحطوط درهم من كل عشرة . وإن قال : بحط درهم لكل عشرة ، فالمحطوط واحد من أحد عشر .

فصل

لبيع المرابحة عبارات . أكثرها دورانا على الألسنة ثلاث . إحداهن بعت بما اشتريت ، أو بما بذلت من الثمن وربح كذا . الثانية : بعت بما " قام علي " وربح كذا . ويختلف حكم العبارتين فيما يدخل تحتهما ، وفيما يجب الإخبار عنه ، كما سنفصله إن شاء الله تعالى . فإذا قال : بعت بما اشتريت ، لم يدخل فيه سوى الثمن . فإذا قال : بما " قام علي " ، دخل فيه مع الثمن أجرة الكيال والدلال والحمال والحارس والقصار والرفاء والصباغ ، وقيمة الصبغ ، [ ص: 530 ] وأجرة الختان ، وتطيين الدار ، وسائر المؤن التي تلتزم للاسترباح ، وألحق بها كراء البيت الذي فيه المتاع . وأما المؤن التي يقصد بها استبقاء الملك دون الاسترباح ، كنفقة العبد وكسوته ، وعلف الدابة ، فلا تدخل على الصحيح . ويقع ذلك في مقابلة الفوائد المستوفاة من المبيع ، لكن العلف الزائد على المعتاد للتسمين ، يدخل . وأجرة الطبيب إن اشتراه مريضا ، كأجرة القصار . فإن حدث المرض عنده ، فكالنفقة . وفي مؤنة السائس ، تردد عند الإمام . والأصح : أنها كالعلف . ولو قصر الثوب بنفسه ، أو كال ، أو حمل ، أو طين الدار بنفسه ، لم تدخل الأجرة فيه ; لأن السلعة إنما تعد قائمة عليه بما بذل ، وكذا لو كان البيت ملكه ، أو تبرع أجنبي بالعمل ، أو بإعارة البيت ، فإن أراد استدراك ذلك ، فطريقه أن يقول : اشتريت ، أو " قام علي " بكذا ، وعملت فيه ما أجرته كذا ، وقد بعتكه بهما وربح كذا .

العبارة الثالثة : بعتك برأس المال وربح كذا ، فالصحيح : أنه كقوله : بما اشتريت ، وقال القاضي أبو الطيب : هو كقوله : بما " قام علي " ، واختاره ابن الصباغ .

فرع

قال في " التتمة " : المكس الذي يأخذه السلطان يدخل في لفظ القيام . قال : وفي دخول فداء العبد إذا جنى ففداه ، وجهان . وقطع الجمهور بأن الفداء لا يدخل ، ولا ما أعطاه لمن رد المغصوب في شيء من الألفاظ .

[ ص: 531 ] فرع

العبارات الثلاث تجري في المحاطة جريانها في المرابحة .

التالي السابق


الخدمات العلمية