صفحة جزء
القسم الثالث : فيما يطلق من الألفاظ في المبيع ، وهي ستة . الأول : لفظ الأرض ، وفي معناها البقعة ، والساحة ، والعرصة . فإذا قال : بعتك هذه الأرض ، وكان فيها أبنية وأشجار ، نظر ، إن قال : دون ما فيها من الشجر والبناء ، لم تدخل الأشجار والأبنية في البيع . وإن قال : بما فيها ، دخلت . [ ص: 539 ] وكذا إن قال : بعتكها بحقوقها على الصحيح . فإن أطلق ، فنص هنا أنها تدخل . ونص فيما لو رهن الأرض وأطلق ، أنها لا تدخل . وللأصحاب طرق . أصحها عند الجمهور : تقرير النصين . والثاني : فيهما قولان . والثالث : القطع بعدم الدخول فيهما ، قاله ابن سريج ، واختاره الإمام ، والغزالي .

فصل

الزرع ، ضربان .

الأول : ما يؤخذ دفعة واحدة ، كالحنطة والشعير ، فلا يدخل في مطلق بيع الأرض . ويصح بيع الأرض المزروعة على المذهب ، كما لو باع دارا مشحونة بأمتعته . وقيل : يخرج على القولين في بيع المستأجرة . فإذا قلنا بالمذهب ، فللمشتري الخيار إن جهل الحال ، بأن كانت رؤية الأرض سابقة [ على ] البيع ، وإلا فلا . وهل يحكم بمصير الأرض في يد المشتري ودخولها في ضمانه إذا خلى البائع بينه وبينها ؟ وجهان . أحدهما : لا ، لأنها مشغولة فاشتبهت المشحونة بأمتعته . وأصحهما : نعم ، لحصول تسليم الرقبة المبيعة . ويخالف الدار ، فإن تفريغها ممكن في الحال وقد سبق فيها خلاف .

فرع

إذا كان في الأرض جزر أو فجل أو سلق أو ثوم ، لم يدخل في بيع الأرض كالحنطة . واعلم أن كل زرع لا يدخل عند الإطلاق ، لا يدخل وإن قال : بحقوقها .

[ ص: 540 ] فرع

لا يؤمر البائع بقطع زرعه في الحال ، بل له تركه إلى أوان الحصاد ، فعند وقت الحصاد يؤمر بالقطع والتفريغ . وعليه تسوية الأرض ، وقلع العروق التي يضر بقاؤها الأرض ، كعروق الذرة تشبيها بما إذا كان في الدار أمتعة لا يتسع لها باب الدار ، فإنه ينقض وعلى البائع ضمانه .

الضرب الثاني : ما تؤخذ ثمرته مرة بعد أخرى في سنتين أو أكثر ، كالقطن الحجازي ، والنرجس ، والبنفسج ، فالظاهر من ثمارها عند بيع الأرض يبقى للبائع . وفي دخول الأصول الخلاف السابق في الأشجار . وحكي وجه في النرجس والبنفسج : أنهما من الضرب الأول . وأما ما يجز مرارا ، كالقت ، والقصب ، والهندباء ، والنعنع ، والكرفس ، والطرخون ، فتبقى جزتها الظاهرة عند البيع للبائع . وفي دخول الأصول ، الخلاف . وعن الشيخ أبي محمد ، القطع بدخولها في بيع الأرض . وإذا قلنا بدخولها ، فليشترط على البائع قطع الجزة الظاهرة ، لأنها تزيد ، ويشتبه المبيع بغيره . وسواء كان ما ظهر بالغا أوان الجز ، أم لا . قال في " التتمة " : إلا القصب ، فلا يكلف قطعه ، إلا أن يكون ما ظهر قدرا ينتفع به . ولو كان في الأرض أشجار خلاف تقطع من وجه الأرض ، فهي كالقصب .

[ ص: 541 ] فرع

لو كانت الأرض المبيعة مبذورة ، ففي البذر الكامن مثل التفصيل المذكور في الزرع . فالبذر الذي لا ثبات لنباته ، ويؤخذ دفعة واحدة ، لا يدخل في بيع الأرض ، ويبقى إلى أوان الحصاد ، وللمشتري الخيار إن كان جاهلا به ، فإن تركه البائع له ، سقط خياره ، وعليه القبول ، ولو قال : آخذه وأفرغ الأرض ، سقط الخيار أيضا إن أمكن ذلك في زمن يسير .

والبذر الذي يدوم ، كنوى النخيل ، والجوز ، واللوز ، وبذر الكراث ونحوه من البقول ، حكمه في الدخول تحت بيع الأرض ، حكم الأشجار . وجميع ما ذكرنا في المسألتين ، هو فيمن أطلق بيع الأرض . فأما إن باعها مع الزرع أو البذر ، فسنذكره في اللفظ السادس إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية