صفحة جزء
فصل

في بيان الحال الذي تندرج فيه الثمرة في بيع الشجرة

النخل ذكور وإناث . ومعظم المقصود من الذكور ، استصلاح الإناث بها . والذي يبدو فيها أولا أكمة صغار ، ثم تكبر وتطول حتى تصير كآذان الحمر . فإذا كبرت شققت فظهرت العناقيد في أوساطها ، فيذر فيها طلع الذكور ليكون رطبها أجود . والتشقيق وذر الطلع فيها يسمى : التأبير ، ويسمى : التلقيح . ثم الأكثرون يسمون الكمام الخارج كله : طلعا . والإمام خص اسم الطلع بما يظهر من النور على العنقود عند تشقق الكمام . ثم المتعهدون للنخل لا يؤبرون جميع الكمام ، بل يكتفون بتأبير البعض ، ويتشقق الباقي بنفسه ، وتنبث ريح الذكور إليه . وقد لا يؤبر في الحائط شيء ، وتتشقق الأكمة بنفسها ، إلا أن رطبه لا يجيء جيدا . وكذا الخارج من الذكور يتشقق بنفسه ، ولا يشقق غالبا . فإذا باع نخلة عليها ثمرة ، فإن شرطت لأحدهما اتبع الشرط . وإن أطلقا ، فإن كانت شققت أو تشققت بنفسها ، فهي للبائع ، وإلا فللمشتري . وإن باع الذكور من النخل بعد تشقق طلعها ، فالطلع للبائع ، وإلا فوجهان .

أصحهما : للمشتري . والثاني : للبائع .

[ ص: 551 ] فرع

ما عدا النخل من الشجر ، أقسام .

أحدها : ما يقصد منه الورق ، كشجر الفرصاد ، وقد ذكرناه . قال في " البيان " : وشجر الحناء ونحوه ، يجوز أن يكون فيه خلاف كالفرصاد ، ويجوز أن يقطع بأنه إذا ظهر ورقه ، كان للبائع ؛ لأنه لا ثمر لها سوى الورق ، بخلاف الفرصاد ، فإن له ثمرة مأكولة .

القسم الثاني : ما يقصد منه الورد ، وهو ضربان .

أحدهما : يخرج في كمام ثم يتفتح كالورد الأحمر . فإذا بيع أصله بعد خروجه وتفتحه ، فهو للبائع كطلع النخل المتشقق إن بيع قبل تفتحه ، فللمشتري على الأصح . والضرب الثاني : يخرج ورده ظاهرا كالياسمين . فإن خرج ورده ، فللبائع ، وإلا فللمشتري .

القسم الثالث : ما يقصد منه الثمرة ، وهو نوعان .

ما تخرج ثمرته بارزة بلا قشر ولا كمام ، كالتين ، والعنب ، فهو كالياسمين . والثاني : ما تخرج بهما ، وهو ضربان .

أحدهما : ما تخرج ثمرته في نور ، ثم يتناثر نوره فتبرز الثمرة بلا حائل ، كالمشمش ، والتفاح ، والكمثرى وشبهها . فإن باع الأصل قبل انعقاد الثمرة ، انعقدت للمشتري وإن كان النور قد خرج . وإن باعه بعد الانعقاد [ وتناثر النور فللبائع . وإن باعه بعد الانعقاد ] وقبل تناثر النور ، فوجهان .

أصحهما وهو نصه : أنها للمشتري . والثاني : للبائع

[ الضرب ] الثاني : ما يبقى له حائل على الثمرة المقصودة ، وهو صنفان . [ ص: 552 ] أحدهما : له قشر واحد كالرمان . فإذا بيع أصله وقد ظهر الرمان ، فهو للبائع ، وإلا فهو للمشتري .

والثاني : ما له قشران ، كالجوز واللوز والفستق والرانج . فإن باعها قبل خروجها ، فالذي يخرج للمشتري ، وإلا فللبائع . ولا يعتبر مع ذلك تشقق القشر الأعلى على الأصح . ثم من هذين الصنفين ، ما تخرج ثمرته في قشر بغير نور ، كالجوز والفستق . ومنها : ما تخرج في نور ، ثم يتناثر نوره ، كالرمان ، واللوز . وما ذكرناه من حكمهما هو فيما إذا بيع الأصل بعد تناثر النور . فإن بيع قبله عاد فيه الكلام السابق .

فرع

القطن نوعان .

أحدهما : له ساق يبقى سنين يثمر كل سنة ، وهو قطن الحجاز والشام والبصرة ، فهو كالنخل ، إن بيع أصله قبل تشقق الجوزق ، فالثمر للمشتري ، وإلا فللبائع .

والثاني : ما لا يبقى أكثر من سنة ، فهو كالزرع ، إن باعه قبل خروج الجوزق ، أو بعده وقبل تكامل القطن ، وجب شرط القطع . ثم إن لم يقطع حتى خرج الجوزق فهو للمشتري ، لحدوثه في ملكه . قال في " التهذيب " : وإن باعه بعد تكامل القطن ، فإن تشقق الجوزق ، صح البيع مطلقا ، ودخل القطن في البيع بخلاف الثمرة المؤبرة ، لا تدخل ; لأن الشجرة مقصودة لثمار جميع الأعوام ، ولا مقصود هنا سوى الثمرة الموجودة . وإن لم يتشقق ، لم يصح البيع على الأصح ; لأن المقصود مستور بما ليس من صلاحه ، بخلاف الجوز واللوز في القشر الأسفل .

[ ص: 553 ] فرع

لا يشترط لبقاء الثمرة على ملك البائع التأبير في كل كمام وعنقود ، بل إذا باع نخلة أبر بعضها ، فالكل للبائع ، وإن باع نخلات أبر بعضها فقط ، فله حالان .

أحدهما : أن يكون في بستان واحد ، فينظر ، إن اتحد النوع والصفقة ، فجميع الثمار للبائع . وإن أفرد بالبيع غير المؤبر ، فالأصح أن الثمرة للمشتري ، والثاني للبائع اكتفاء بوقت التأبير عنه . وإن اختلف النوع ، فالأصح أن الجميع للبائع . وقال ابن خيران : غير المؤبر للمشتري ، والمؤبر للبائع .

الحال الثاني : أن تكون في بستانين ، فالمذهب : أنه يتفرد كل بستان بحكمه . وقيل : هما كالبستان الواحد ، سواء تباعد البستانان أو تلاصقا .

فرع

باع نخلة وبقيت الثمرة له ، ثم خرج طلع آخر من تلك النخلة ، أو من أخرى حيث يقتضي الحال اشتراكهما ، فوجهان .

أصحهما : الطلع الجديد للبائع أيضا ؛ لأنه من ثمرة العام . وقال ابن أبي هريرة : للمشتري ، لحدوثه في ملكه .

فرع

جمع في صفقة ذكور النخل وإناثها ، له حكم الجمع بين نوعين من الإناث .

[ ص: 554 ] فرع

قال في " التهذيب " : تشقق بعض جوز القطن ، كتشقق كله . وما تشقق من الورد ، للبائع ، وما لم يتشقق ، للمشتري وإن كانا على شجرة واحدة ، ولا يتبع بعضه بعضا ، بخلاف النخل ; لأن الورد يجنى في الحال ، فلا يخاف اختلاطه . قال : ولو ظهر بعض التين والعنب ، فالظاهر للبائع ، وغيره للمشتري ، وفي هذه الصورة نظر .

التالي السابق


الخدمات العلمية