صفحة جزء
الحكم الثاني - فيما يؤدى بالتيمم - لا يصلي بالتيمم الواحد إلا فريضة واحدة ، وسواء كانت الفريضتان متفقتين أو مختلفتين ، كصلاتين ، وطوافين ، أو صلاة وطواف . أو متفقين ، كظهرين ، أو مكتوبة ومنذورة ، أو منذورتين ، [ ص: 117 ] فلا يجوز الجمع بينهما بتيمم . وفي قول أو وجه ضعيف : يجوز في منذورتين ، وفي منذورة ومكتوبة ، وفي وجه شاذ : يجوز في فوائت وفائتة ومؤداة . والصبي كالبالغ على المذهب . وقيل : وجهان . الثاني : يجمع بين مكتوبتين بتيمم . ويجوز أن يجمع بتيمم بين فريضة ونوافل . وأما ركعتا الطواف ، فإن قلنا بالأصح : إنهما سنة ، فلهما حكم النوافل . وإن قلنا : واجبتان ، لم يجز أن يجمع بينهما وبين الطواف الواجب على الأصح . وكذا لا يجمع بين خطبة الجمعة وصلاتها على الأصح . إذا شرطنا الطهارة في الخطبة . وأما صلاة الجنازة ، ففيها ثلاثة طرق . أحدها : في المسألة قولان . أحدهما : لها حكم النافلة مطلقا ، فيجوز الجمع بين صلوات الجنائز ، وبين جنائز ومكتوبة بتيمم واحد . ويجوز صلاتها قاعدا مع القدرة على القيام ، ويجوز على الراحلة . والثاني : لها حكم الفرائض . فلا يجوز شيء من هذا . والطريق الثاني : إن تعينت ، فكالفرائض ، وإلا فكالنوافل . والثالث : لها حكم النوافل مطلقا ، إلا أنه لا يجوز القعود فيها ، والمذهب : أنه يجوز الجمع بتيمم بكل حال . ولو صلى على جنازتين صلاة واحدة ، فقيل : يجوز قطعا ، وقيل : على الخلاف .

فرع

إذا نسي صلاة من صلوات ، نظر ، إن كانت متفقة ، كظهر من أسبوع ، لزمه ظهر واحدة بتيمم . وإن نسي صلاة من الخمس ، لزمه الخمس ، وكفاه تيمم واحد للجميع على الصحيح . وعلى الثاني : يجب خمسة تيممات . ثم قال الشيخ أبو علي : الخلاف تفريع على أن تعيين الفريضة التي تيمم لها غير واجب ، فإن أوجبناه ، لزمه خمس تيممات قطعا . ويحتمل خلاف ما قال أبو علي .

قلت : هذا المحكي عن أبي علي ، قد حكاه الدارمي عن ابن المرزبان ، [ ص: 118 ] واختار الدارمي طرد الخلاف وإن أوجبنا التعيين . وهذا أصح . والله أعلم .

ولو نسي صلاتين مختلفتين من الخمس ، لزمه الخمس . فإن قلنا : في الواحدة يلزمه خمس تيممات . فكذا هاهنا . وإن قلنا يكفيه تيمم واحد ، فقال ابن القاص : يتيمم لكل واحدة ، ويقتصر على الخمس . وقال ابن الحداد : يقتصر على تيممين ، ويزيد في الصلوات ، فيصلي بالأول الصبح والظهر والعصر والمغرب . وبالثاني : الظهر والعصر والمغرب والعشاء . قال الأكثرون : وهو مخير ، إن شاء عمل بقول ابن القاص ، وإن شاء

[ عمل ] بقول ابن الحداد . فظاهر كلام ابن القاص في " التلخيص " : أنه لا يجوز ما ذكره ابن الحداد . وحكي وجه : أنه يتيمم تيممين ، ويصلي بكل واحد الخمس ، وهو شاذ . والمستحسن عند الأصحاب : طريقة ابن الحداد . وعليها يفرعون ما زاد من المنسي . ولها ضابط ، وشرط . فضابطها : أن تزيد على قدر المنسي فيه عددا لا ينقص عما تبقى من المنسي فيه بعد إسقاط المنسي ، وينقسم المجموع صحيحا على المنسي .

مثاله : مسألتنا ، المنسي صلاتان ، والمنسي فيه خمس ، تزيده ثلاثة ، لأنه لا تنقص عما يبقى من الخمس بعد إسقاط الاثنين بل تساويه . والمجموع : وهو ثمانية ، ينقسم على الاثنين صحيحا . ولو صلى عشرا كما قاله الوجه الشاذ ، أجزأه ، وكان قد زاد خيرا لدخوله في الضابط .

وأما شرطها : فإن يبتدئ من المنسي فيه بأية صلاة شاء ، ويصلي بكل تيمم ما تقتضيه القسمة ، ويترك في كل مرة ما ابتدأ به في التي قبلها ، ويأتي في المرة الأخيرة بما بقي من الصلوات . ولو نسي ثلاث صلوات من يوم وليلة ، فعلى طريقة ابن القاص ، يصلي كل واحدة من الخمس بتيمم ، وعلى الوجه الشاذ : يتيمم ثلاث مرات ، يصلي بكل واحد الخمس ، وعلى طريقة ابن الحداد ، يقتصر على ثلاث تيممات ، ويصلي بالأول : الصبح والظهر والعصر . وبالثاني : الظهر والعصر [ ص: 119 ] والمغرب . وبالثالث : العصر والمغرب والعشاء . وله مخالفة هذا الترتيب إذا وفى بالشرط .

أما إذا نسي صلاتين متفقتين ، فعليه أن يصلي كل واحدة من الخمس مرتين ، فعلى الوجه الضعيف في أول المسألة : يجب لكل صلاة تيمم ، فيتيمم عشر تيممات . وعلى الصحيح : يكفيه تيممان يصلي بكل واحد الخمس ، ولا يكتفي بثمان صلوات لاحتمال كون المنسيين ، صبحين أو عشاءين ، وما صلاهما إلا مرة مرة . أما إذا لم يعلم ، هل الفائتتان مختلفتان ، أم متفقتان ؟ فيلزمه الأحوط ، وهو أنهما متفقتان . أما إذا ترك صلاة مفروضة ، أو طوافا مفروضا ، واشتبه عليه ، فيأتي بطواف ، وبالصلوات الخمس بتيمم واحد على الصحيح . وعلى الضعيف : بست تيممات ، ولو صلى منفردا بتيمم ، ثم أراد إعادتها مع جماعة بذلك التيمم ، جاز إن قلنا : الثانية سنة . وكذا إن قلنا : الفرض إحداهما لا بعينها على الصحيح ، كالمنسية . ولو صلى الفرض بالتيمم على وجه ، يجب معه القضاء ، وأراد القضاء بذلك التيمم . فإن قلنا : الفرض الأول جاز . وإن قلنا : الثاني أو كلاهما فرض ، لم يجز ، وإن قلنا : أحدهما لا بعينه ، جاز على الصحيح .

قلت : ينبغي إذا قلنا : الثانية فرض أن يجوز ، لأنه جمع بين فرض ونافلة . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية