صفحة جزء
المستحاضة الثانية : مبتدأة لا تمييز لها بأن يكون جميع دمها بصفة واحدة ، أو يكون قويا وضعيفا ، وفقد شرط من شروط التمييز ، فينظر فيها ، فإن لم تعرف وقت ابتداء الدم ، فحكمها حكم المتحيرة - ويأتي بيانه إن شاء الله تعالى - وإن عرفته ، فقولان . أظهرهما : تحيض يوما وليلة ، والثاني : ستا أو سبعا وعلى هذا في الست أو السبع وجهان . أحدهما : للتخيير ، فتحيض إن شاءت ستا وإن شاءت سبعا ، وأصحهما ليس للتخيير ، بل إن كانت عادة النساء ستا ، تحيضت ستا ، وإن كانت سبعا ، فسبعا . وفي النساء المعتبرات أوجه . أصحها : نساء عشيرتها من الأبوين . فإن لم يكن عشيرة ، فنساء بلدها . والثاني : نساء العصبات خاصة . والثالث : نساء بلدها وناحيتها ، فإن كانت المعتبرات يحضن كلهن ستا أو سبعا ، أخذت به . وإن [ ص: 144 ] نقصت عادتهن كلهن عن ست ، أو زادت على سبع ، فوجهان . أصحهما : ترد إلى ست في صورة النقص ، وسبع في الزيادة . والثاني : ترد إلى عادتهن . ولو اختلفت عادتهن ، فحاض بعضهن ستا ، وبعضهن سبعا ، ردت إلى الأغلب . فإن استوى البعضان ، أو حاض بعضهن دون ست ، وبعضهن فوق سبع ، ردت إلى الست .

هذا بيان مردها في الحيض . أما الطهر : فإن قلنا : ترد في الحيض إلى غالبه ، فكذا في الطهر ، فترد إلى ثلاث وعشرين أو أربع وعشرين . وإن رددناها في الحيض إلى الأقل ، فالصحيح أن طهرها تسع وعشرون تتمة الشهر . والثاني : أنه ثلاث وعشرون ، أو أربع وعشرون ، وقيل : على هذا يتعين الأربع والعشرون . والصواب المعروف ترديده بين الأربع والعشرين والثلاث والعشرين كما ذكرنا . والثالث : وهو نص غريب للشافعي - رحمه الله - : أنه أقل الطهر . فعلى هذا دورها ستة عشر ، وهو شاذ ضعيف .

واعلم أن ابتداء مردها في الحيض في حين رأت الدم ، سواء كان بصفة واحدة ، أم متميزا فقد منه شرط التمييز . ولنا وجه ضعيف عن ابن سريج - رحمه الله - : أنه إذا ابتدأ الضعيف ، وجاوز القوي بعده أكثر الحيض ، فابتداء حيضها من أول القوي .

فرع

غير المميزة كالمميزة في ترك الصوم والصلاة في الشهر الأول إلى تمام خمسة عشر يوما ، فإن جاوزها الدم ، تبينا الاستحاضة ، فإن رددناها إلى أقل الحيض ، قضت صلوات أربعة عشر يوما ، وإن رددناها إلى الست أو السبع ، قضت صلوات تسعة أيام أو ثمانية . وأما الشهر الثاني وما بعده ، فإن وجدت فيه تمييزا بشرطه قبل تمام المرد أو بعده ، فهي في ذلك الدور : مبتدأة مميزة . وإن استمر فقد التمييز ، وجب عند مجاوزة المرد ، الغسل ، والصوم ، والصلاة . فإن شفيت في بعض الشهور ، قبل مجاوزة خمسة عشر ، بان أنها غير مستحاضة في ذلك [ ص: 145 ] الشهر ، وجميع دمها فيه حيض ، فتقضي ما صامته في أيام الدم . وتبينا أن غسلها لم يصح ، ولا تأثم بالصوم والصلاة والوطء ، فيما وراء المرد ، وإن كان قد وقع في الحيض لجهلها . وإن لم تشف ، فهل يلزمها الاحتياط فيما وراء المرد إلى تمام خمسة عشر ، أم تكون طاهرا كسائر المستحاضات الطاهرات ؟ قولان . أظهرهما : الثاني . فإن قلنا : تحتاط ، لم تحل للزوج ، إلا بعد خمسة عشر ، ولا تقضي في هذه المدة فوائت الصوم والصلاة والطواف . ويلزمها أداء الصوم والصلاة والغسل لكل صلاة ، وتقضي الصوم كله ، ولا تقضي الصلاة . وإذا قلنا : لا تحتاط ، صامت وصلت ، ولا تقضيهما ، ولا غسل عليها ، ولها قضاء الفوائت . ويباح وطؤها .

التالي السابق


الخدمات العلمية