صفحة جزء
[ ص: 172 ] الضرب الثالث : ما هو عين من وجه ، وصفة من وجه ، كصبغ الثوب ، ولت السويق وشبههما . فإذا اشترى ثوبا وصبغه ، فإن نقصت القيمة ، أو لم تزد ، فحكمه ما سبق في الضرب الثاني . وإن زادت ، فقد تزيد بقدر قيمة الصبغ أو أقل ، أو أكثر .

الحال الأول : مثل أن يكون الثوب يساوي أربعة ، والصبغ درهمين ، وصارت قيمته مصبوغا ستة ، فللبائع أن يفسخ البيع في الثوب ، ويكون المفلس شريكا له في الصبغ ، فيباع ويكون الثمن بينهما أثلاثا . وهل يقول : كل الثوب للبائع ، وكل الصبغ للمفلس ، كما لو غرس ؟ أو يقول : يشتركان فيهما جميعا بالأثلاث لتعذر التمييز كخلط الزيت ؟ فيه وجهان .

الحال الثاني : مثل أن تصير قيمته مصبوغا خمسة ، فالنقص محال على الصبغ ؛ لأنه هالك في الثوب ، والثوب بحاله ، فيباع ، وللبائع أربعة أخماس الثوب ، وللمفلس خمس .

الحال الثالث : مثل أن تصير قيمته مصبوغا ثمانية ، فالزيادة حصلت بصنعة الصبغ . فإن قلنا : الصنعة عين ، فالزيادة مع الصبغ للمفلس ، فيجعل الثمن بينهما نصفين . وإن قلنا : أثر ، فوجهان . أحدهما : يفوز البائع بالزيادة ، فله ثلاثة أرباع الثمن ، وللمفلس ربع . وأصحهما وبه قال الأكثرون : يكون للبائع ثلثا الثمن ، وللمفلس ثلثه ؛ لأن الصنعة اتصلت بهما ، فوزعت عليهما . ولو صارت قيمته مصبوغا ستة عشر مثلا ، أو رغب فيه رجل فاشتراه ، ففي كيفية القسمة ، هذه الأوجه الثلاثة . ثم ما يستحقه المفلس من الثمن للبائع ، دفعه ليخلص له الثوب مصبوغا . ومنع ذلك صاحب " التتمة " كما سبق . هذا كله إذا صبغه بصبغ نفسه . أما إذا اشترى ثوبا وصبغا من رجل ، فصبغه به ، ثم فلس ، فللبائع الرجوع فيهما ، إلا أن تكون قيمته بعد الصبغ كقيمة الثوب قبل الصبغ أو دونها ، فيكون فاقد للصبغ . فإن زادت القيمة ، بأن كانت قيمة الثوب أربعة ، والصبغ درهمين [ ص: 173 ] فصارت مصبوغا ثمانية ، وقلنا : الصنعة أثر ، أخذه ، ولا شيء للمفلس . وإن قلنا : عين ، فالمفلس شريك بالربع . ولو اشترى الثوب من واحد بأربعة وهي قيمته ، والصبغ من آخر بدرهمين وهما قيمته ، وصبغه ، وأراد البائعان الرجوع ، فإن كان مصبوغا لا يزيد على أربعة ، فصاحب الصبغ فاقد ماله ، وصاحب الثوب واجد ماله ، بكماله إن لم ينقص عن أربعة ، وناقصا إن نقص . فإن زاد على أربعة ، فصاحب الصبغ أيضا واجد ماله ، بكماله إن بلغت الزيادة درهمين ، وناقصا إن لم تبلغهما . وإن كانت قيمته مصبوغا ثمانية ، فإن قلنا : الصنعة أثر ، فالشركة بين البائعين ، كهي بين البائع والمفلس إذا صبغه بصبغ نفسه . وإن قلنا : عين ، فنصف الثمن لبائع الثوب ، وربعه لبائع الصبغ ، والربع للمفلس . ولو اشترى صبغا وصبغ به ثوبا له ، فللبائع الرجوع إن زادت قيمته مصبوغا على ما كانت قبل الصبغ ، وإلا ، فهو فاقد . وإذا رجع ، فالقول في الشركة بينهما كما سبق .

قلت : وإذا شارك ونقصت حصته عن ثمن الصبغ ، فوجهان . أصحهما وهو قول أكثر الأصحاب على ما حكاه صاحب " البيان " : أنه إن شاء قنع به ولا شيء له غيره ، وإن شاء ضارب بالجميع . والثاني : له أخذه والمضاربة بالباقي . وبهذا قطع في " المهذب " و " الشامل " والعدة وغيرها . - والله أعلم - .

فرع

حكم صبغ الثوب ، كالبناء والغراس . فلو قال المفلس والغرماء : نقلعه ونغرم نقص الثوب ، قال ابن كج : لهم ذلك .

فرع

ما ذكرناه من القطع بالشركة بالصبغ ، إذا لم يحصل ، هو على إطلاقه ، سواء [ ص: 174 ] أمكن تمييز الصبغ من الثوب ، أو صار مستهلكا . وفي وجه : إذا صار مستهلكا ، صار كالقصارة في أنه عين أم أثر .

التالي السابق


الخدمات العلمية