صفحة جزء
الضرب الثاني : مال . فإذا قال : له علي مال ، قبل تفسيره بأقل ما يتمول ، ولا يقبل بما ليس بمال ، كالكلب وجلد الميتة ، قال الإمام : والوجه : القبول بالتمرة الواحدة حيث يكثر ؛ لأنه مال ، وإن لم يتمول في ذلك الموضع ، هكذا ذكره العراقيون ، وقالوا : كل متمول مال ، ولا ينعكس . وتلتحق حبة الحنطة بالتمرة . وفي قبول التفسير بالمستولدة ، وجهان .

أصحهما : القبول . وإن فسره بوقف عليه ، [ ص: 375 ] فيشبه أن يخرج على الخلاف في الملك في رقبة الوقف ، هل هو للموقوف عليه ؟

فرع

إذا قال : له علي مال عظيم ، أو كثير ، أو كبير ، أو جليل ، أو نفيس ، أو خطير ، أو غير تافه ، أو مال ، وأي مال ، قبل في تفسيره بأقل ما يتمول ؛ لأنه يحتمل أن يريد عظيم خطره بكفر مستحله ، وإثم غاصبه وقد قال الشافعي رضي الله عنه : أصل ما أبني عليه الإقرار ، أن لا ألزم إلا اليقين ، وأطرح الشك ، ولا أستعمل الغلبة . وحكي وجه غريب : أنه يجب أن يزيد تفسير مال عظيم على تفسير مطلق المال ، ليكون لوصفه بالعظم فائدة . ولو قال : مال حقير ، أو قليل ، أو خسيس ، أو طفيف ، أو تافه ، أو نزر ، أو يسير ، فهو كقوله : مال . وتحمل هذه الصفات على احتقار الناس إياه ، أو على أنه فان .

فرع

قال : لزيد علي مال أكثر من مال فلان ، يقبل تفسيره بأقل متمول وإن كثر مال فلان ؛ لأنه يحتمل أنه أكثر لكونه حلالا ، وذلك حرام أو نحوه .

قلت : وسواء علم مال فلان ، أم لم يعلم . والله أعلم .

وكما أن القدر مبهم ، فكذلك الجنس والنوع . ولو قال : له علي من الذهب أكثر من مال فلان عددا ، فالإبهام في الجنس والنوع . ولو قال : له علي من الذهب أكثر من مال فلان ، فالإبهام في القدر والنوع . ولو قال : من صحاح الذهب ، فالإبهام في القدر وحده . ولو قال : لزيد علي مال أكثر مما شهد به الشهود على فلان ، [ ص: 376 ] قبل في تفسيره بأقل متمول ، لاحتمال أن يعتقدهم شهود زور ، ويقصد أن القليل الحلال أكثر بركة من كثير يؤخذ بالباطل . ولو قال : أكثر مما قضى به القاضي على فلان ، فوجهان :

أحدهما : يلزم القدر المقضي به ؛ لأن قضاء القاضي محمول على الحق . وأصحهما : أنه كالشهادة ، فيقبل أقل متمول ؛ لأنه قد يقضي بشهادة كاذبين . ولو قال : لزيد علي أكثر مما في يد فلان ، قبل أقل متمول . ولو قال : له علي أكثر مما في يد فلان من الدراهم ، لم يلزمه التفسير بجنس الدراهم ، لكن يلزم بذلك العدد من أي جنس فسر ، وزيادة أقل متمول ، كذا قاله في " التهذيب " ، وهو مخالف ما سبق من وجهين :

أحدهما : إلزام ذلك العدد .

والثاني : إلزام زيادة ؛ لأن التأويل الذي ذكرناه للأكثرية ، بنفيهما جميعا . ولو قال : له علي من الدراهم أكثر مما في يد فلان من الدراهم ، وكان في يد فلان ثلاثة دراهم ، قال البغوي : يلزمه ثلاثة دراهم ، وزيادة أقل ما يتمول .

والأصح : ما نقله الإمام أنه لا يلزمه زيادة ، حملا للأكثر على ما سبق . وحكى عن شيخه : أنه لو فسره بما دون الثلاثة ، قبل أيضا . ولو كان في يده عشرة دراهم ، وقال المقر : لم أعلم ، وظننتها ثلاثة ، قبل قوله بيمينه .

التالي السابق


الخدمات العلمية