صفحة جزء
فصل

له جارية ذات ولد ، فقال : هذا ولدي من هذه الجارية ، ثبت نسبه عند الإمكان . وفي كون الجارية أم ولد ، قولان . ويقال : وجهان .

أظهرهما عند الشيخ أبي حامد وجماعة : نعم . وأشبههما بالقاعدة ، وأقربهما إلى القياس : لا ، لاحتمال أنه أولدها بنكاح ثم ملكها . ولو قال : ولدي استولدتها به في ملكي ، أو علقت به في ملكي ، إن قطع الاحتمال ، وكانت أم ولد قطعا . وكذا لو قال : هذا ولدي منها ، وهي في ملكي من عشر سنين ، وكان الولد ابن سنة . وهذا كله إذا لم تكن الأمة مزوجة ، ولا فراشا له ، أما إذا كانت مزوجة ، فلا ينسب الولد إلى السيد ، ولا أثر لاستلحاقه ، للحوقه بالزوج . وإن كانت فراشا له ، فإن أقر بوطئها ، لحقه الولد بالفراش ، لا بالإقرار ، فلا يعتبر فيه إلا الإمكان . ولا فرق في الاستلحاق بالاستيلاد ، بين أن يكون في الصحة ، أو في المرض ؛ لأن إنشاءه نافذ في الحالين .

[ ص: 417 ] فرع

له أمتان ، لكل واحدة ولد ، فقال : أحدهما ولدي ، فللأمتين أحوال .

أحدها : أن لا تكون واحدة منهما مزوجة ولا فراشا للسيد ، فيؤمر بالتعيين كما لو أقر بطلاق إحدى المرأتين ، فإذا عين أحدهما ، ثبت نسبه وكان حرا وورثه . وهل تصير أمه أم ولد ؟ ينظر ، إن لم يزد على استلحاقه ، فقولان كما قدمناه ، وإن صرح بأنه استولدها به في ملك اليمين ، صارت أم ولد له ، وإن صرح بأنه استولدها في النكاح ، لم تصر ، وإن أضافه إلى وطء شبهة ، فقولان . وإن قال : استولدتها بالزنا مفصولا على الاستلحاق ، لم يقبل ، وكانت أمية الولد على القولين فيما إذا أطلق الاستلحاق ، وإن وصله باللفظ ، قال البغوي : لا يثبت النسب ولا أمية الولد ، وينبغي أن يخرج على قولي تبعيض الإقرار . ولو ادعت الأمة الأخرى أن ولدها هو الذي استلحقه ، وأنها المستولدة ، فالقول قول السيد مع يمينه . وكذا لو بلغ الولد وادعى ، فإن نكل السيد ، حلف المدعي وقضي بمقتضى يمينه . ولو مات السيد قبل التعيين ، قام وارثه مقامه في التعيين ، وحكم تعيينهم حكم تعيينه في النسب والحرية ، والإرث ، وتكون أم المعين مستولدة إن ذكر السيد ما يقتضي ثبوت الاستيلاد ، وإلا سئلوا ، وحكم بيانهم حكم بيان المورث . فإن قالوا : لا نعلم كيف استولد ، فعلى الخلاف فيما إذا أطلق الاستلحاق . وإذا لم يكن وارث ، فهو كما لو أطلق الاستلحاق . ويجوز ظهور الحال للقائف مع موت المستلحق ، بأن كان رآه ، أو يرى قبل الدفن ، أو يرى عصبته فيجد الشبه . فإن عجز عن الاستفادة بالقائف لعدمه ، أو لإلحاقه الولدين به ، أو نفيهما ، أو أشكل الأمر عليه ، أقرعنا بينهما ليعرف الحر منهما ، ولا ينتظر بلوغهما لينتسبا ، بخلاف ما لو تنازع اثنان في ولد ، ولا قائف ؛ لأن الاشتباه هنا في أن الولد أيهما ؟ فلو اعتبرنا الانتساب ، ربما [ ص: 418 ] انتسب جميعا إليه ، فدام الإشكال ، ولا يحكم لمن خرجت قرعته بالنسب والميراث ؛ لأن القرعة لا تعمل فيهما . وهل يوقف نصيب ابن ، بين من خرجت قرعته ، وبين الآخر ؟ وجهان يأتي قريبا بيانهما . وأما الاستيلاد ، فهو على التفصيل السابق ، فإن لم يوجد من السيد ما يقتضيه ، لم يثبت ، وإن وجد ، فهل تحصل أمية الولد في أم ذلك الولد بخروج القرعة ؟ وجهان .

أصحهما عند الإمام : لا تحصل .

والثاني : تحصل ، وبه قطع الأكثرون .

فرع

حيث ثبت الاستيلاد ، فالولد حر الأصل . لا ولاء عليه ، وحيث لا يثبت ، فعليه الولاء إلا إذا نسبه إلى وطء شبهة وقلنا : لا تصير أم ولد إذا ملكها . وإذا لم يثبت الاستيلاد ومات السيد ، ورث الولد أمه وعتقت عليه . هذا إذا تعين ، لا بالقرعة . وإن كان معه وارث آخر ، عتق نصيبه ولم يشتر .

الحال الثاني : إذا كانت الأمتان مزوجتين ، لم يقبل قول السيد ، وولد كل أمة ملحق بزوجها . وإن كانتا فراشا للسيد ، بأن كان أقر بوطئها ، لحقه الولدان بالفراش .

الحال الثالث : كانت إحداهما مزوجة ، لم يتعين إقراره في الأخرى ، بل يطالب بالتعيين . فإن عين في ولد الأخرى ، قبل وثبت نسبه ، وإن كانت إحداهما فراشا له ، لم يتعين إقراره في ولدها ، بل يؤمر بالتعيين ، فإن عين في ولد الأخرى ، لحقه بالإقرار ، والولد الآخر يلحق به بالفراش .

التالي السابق


الخدمات العلمية