صفحة جزء
فصل

إذا تغير المغصوب ، فقد يكون متقوما ثم يصير مثليا ، وعكسه ، ومثليا فيهما ، ومتقوما فيهما .

الحال الأول : كمن غصب رطبا وقلنا : إنه متقوم فصار تمرا ، ثم تلف عنده ، فوجهان . أحدهما ، وبه قطع العراقيون : يضمن مثل التمر ، لأنه أقرب إلى الحق ، وأشبههما ، وبه قطع البغوي : إن كان الرطب أكثر قيمة لزمه قيمته لئلا تضيع الزيادة ، وإن كان التمر أكثر أو استويا لزمه المثل ، واختار الغزالي أنه يتخير بين مثل التمر وقيمة الرطب .

الحال الثاني : كمن غصب حنطة فطحنها ، وتلف الدقيق عنده أو جعله خبزا وأتلفه ، وقلنا : لا مثل للدقيق والخبز ، أو تمرا واتخذ منه خلا بالماء ، فعلى قول العراقيين : يضمن المثل وهو الحنطة والتمر ، وعلى ما قطع به البغوي : إن كان المتقوم أكثر قيمة غرمها ، وإلا فالمثل ، وعن القاضي حسين : يغرم أكثر القيم ، وليس للمالك مطالبته بالمثل . فعلى هذا إذا قيل : من غصب حنطة في الغلاء فتلف المغصوب عنده ، ثم طالبه المالك في الرخص ، فهل يغرمه المثل أو القيمة ، لم يصح [ ص: 25 ] إطلاق الجواب بواحد منهما ، بل الصواب أن يقال : إن تلفت وهي حنطة غرم المثل . وإن صار إلى حالة التقويم ثم تلف فالقيمة .

الحال الثالث : كمن غصب سمسما فاتخذ منه شيرجا ثم تلف عنده ، قال العراقيون والغزالي : يغرمه المالك ما شاء منهما . وقال البغوي : إن كان قيمة أحدهما أكثر غرم مثله ، وإلا فيتخير المالك ما شاء منهما .

الحال الرابع : يجب فيه أقصى القيم .

فرع

إذا لزمه المثل لزمه تحصيله إن وجده بثمن المثل . فإن لم يجده إلا بزيادة فوجهان . أصحهما عند البغوي والروياني : يلزمه المثل ، لأن المثل كالعين ، ويجب رد العين وإن لزم في مؤنته أضعاف قيمته . وأصحهما عند آخرين ، منهم الغزالي : لا يلزمه تحصيله ، لأن الموجود بأكثر من ثمنه كالمعدوم كالرقبة ، وماء الطهارة ، ويخالف العين ، فإنه تعدى فيها دون المثل .

قلت : هذا الثاني أصح ، وقد صححه أيضا الشاشي . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية