صفحة جزء
فصل

نقص المغصوب هل ينجبر بالكمال بعده ؟ ينظر ، إن كان الكمال من الوجه الذي نقص به ، كما لو هزلت الجارية ثم سمنت وعادت القيمة كما كانت ، لم ينجبر على الأصح وقيل : لا ينجبر قطعا ، ولو كان المغصوب يحسن صنعة فنسيها ثم ذكرها أو تعلمها انجبر على الأصح . وقيل : ينجبر قطعا ، لأن تذكر الصنعة لا يعد شيئا متجددا ، بخلاف السمن . والثاني : ويجري الخلاف فيما لو كسر الحلي والإناء ، ثم أعاد تلك الصنعة .

[ ص: 43 ] قلت : الأصح هنا إلحاقه بالسمن لا بتذكر الصنعة ؛ لأن هذه صنعة أخرى وهو متبرع بعلمه . والله أعلم .

وحيث قلنا بالانجبار ، فلو لم يبلغ بالعائد القيمة الأولى ضمن ما بقي من النقص وانجبر الباقي . أما إذا كان الكمال بوجه آخر بأن نسي صنعة وتعلم أخرى ، أو أبطل صنعة الحلي وأحدث أخرى ، فلا انجبار بحال . وعلى هذا لو تكرر النقص وكان الناقص في كل مرة مغايرا للناقص في المرة الأخرى ضمن الجميع . حتى لو غصب جارية قيمتها مائة ، فسمنت وبلغت ألفا ، وتعلمت صنعة وبلغت ألفين ، ثم هزلت ونسيت الصنعة وعادت قيمتها مائة ، يردها ويغرم ألفا وتسعمائة ، وكذا لو علمه الغاصب سورة من القرآن أو حرفة فنسيها ، ثم علمه أخرى فنسيها أيضا ضمنها . وإن لم يكن مغايرا ، بأن علمه سورة واحدة ، أو حرفة مرارا ، وينسى في كل مرة ، فإن قلنا : لا يحصل الانجبار بالعادة ضمن نقصان جميع المرات ، وإلا ضمن أكثر المرات نقصا .

فرع

لو زادت فيه الجارية بتعلم الغناء ، ثم نسيته ، نقل الروياني عن النقص : أنه لا يضمن النقص ، لأنه محرم ، وإنما يضمن المباح . وعن بعض الأصحاب : أنه يضمنه . ولهذا لو قتل عبدا مغنيا ، يغرم تمام قيمته . قال : وهو الاختيار .

قلت : الأصح المختار : هو النص . وقد تقدم في فصل كسر الملاهي : أنه لا ضمان في صنعتها ، لأنها محرمة ، وهذا لا خلاف فيه . وقد نص القاضي حسين [ ص: 44 ] وغيره على أنه لو أتلف كبشا نطاحا ، أو ديكا هراشا ، لزمه قيمته بلا نطاح ولا هراش ، لأنها محرمة . والله أعلم .

فرع

مرض العبد المغصوب ، ثم برأ وزال أثر المرض ورده ، فلا شيء عليه على الصحيح . وقيل : يضمن نقص المرض ولا يسقط بالبرء ، وكذا الحكم لو رده مريضا فبرأ وزال الأثر .

فرع

غصب شجرة فتحات ورقها ، ثم أورقت ، أو شاة فجز صوفها ، ثم نبت ، يغرم الأول قطعا ، ولا ينجبر بالثاني ، بخلاف ما لو سقط من الجارية المغصوبة ثم نبت ، أو تمعط شعرها ثم نبت ، فإنه ينجبر . قال البغوي : لأن الورق والصوف متقومان فغرمهما ، وسن الجارية وشعرها غير متقومين ، وإنما يغرم أرش النقص بفقدهما وقد زال .

التالي السابق


الخدمات العلمية