صفحة جزء
الركن الثاني : الآخذ ، وهو كل شريك في رقبة العقار ، سواء فيه المسلم والذمي ، والحر ، والمكاتب . حتى لو كان السيد والمكاتب شريكين في دار ، فلكل منهما الشفعة على الآخر ، ولا شفعة للجار ، ملاصقا كان أو مقابلا . وفي وجه : للملاصق الشفعة ، وكذا للمقابل إذا لم ينفذ بينهما طريق ، وهو شاذ ، والصحيح المعروف : الأول . وإذا قضى الحنفي لشافعي بشفعة الجوار ، لم يعترض عليه في الظاهر ، وفي الحل باطنا خلاف ، موضعه كتاب الأقضية .

قلت : ولا يقتضي قضاء الحنفي بشفعة الجوار على الأصح . والله أعلم .

فرع

الدار إن كان بابها مفتوحا إلى درب نافذ ، ولا شركة لأحد فيها ، فلا شفعة فيها ولا في ممرها ، لأن هذا الدرب غير مملوك . وإن كان بابها إلى درب غير نافذ ، فالدرب مشترك بين سكانه . فإن باع نصيبه من الممر فقط ، فللشركاء الشفعة فيه إن كان منقسما كما سبق ، وإلا ففيه الخلاف السابق . وإن باع الدار بممرها ، فلا شفعة لشركاء الممر في الدار على الصحيح . فإن أرادوا أخذ الممر بالشفعة ، نظر ، إن كان للمشتري طريق آخر إلى الدار ، أو أمكنه فتح باب آخر إلى شارع ، فلهم ذلك على الصحيح إن كان منقسما ، وإلا فعلى الخلاف في غير [ ص: 73 ] المنقسم . وقال الشيخ أبو محمد : إن كان في اتخاذ الممر الآخر عسر ، أو مؤنة لها وقع ، وكانت الشفعة على الخلاف ، والمذهب : الأول . وإن لم يكن طريق آخر ، ولا أمكن اتخاذه ، ففيه أوجه . أصحها : لا شفعة لهم ، لما فيه من الإضرار بالمشتري . والثاني : لهم [ الأخذ ] والمشتري هو المضر بنفسه بشرائه هذه الدار . والثالث : إن مكنوا المشتري من المرور فلهم الشفعة ، وإلا فلا ، جمعا بين الحقين . وشركة مالكي سور الخان في صحنه ، كشركة مالكي الدور في الدرب الذي لا ينفذ ، وكذا الشركة في مسيل الماء إلى الأرض دون الأرض ، وفي بئر المزرعة دون المزرعة ، كالشركة في الممر .

فرع

تثبت الشفعة للذمي على المسلم ، وعلى الذمي كثبوتها للمسلم ، فلو باع ذمي شقصا لذمي بخمر أو خنزير ، وترافعوا إلينا بعد الأخذ بالشفعة ، لم نرده . ولو ترافعوا قبله ، لم نحكم بالشفعة . ولو بيع الشقص ، فارتد الشريك ، فهو على شفعته إن قلنا : الردة لا تزيل المالك . وإن قلنا : تزيله ، فلا شفعة . فإن عاد إلى الإسلام ، وعاد ملكه ، لم تعد الشفعة على الأصح . وإن قلنا بالوقف ، فمات أو قتل على الردة ، فللإمام أخذه لبيت المال . كما لو اشترى معيبا ، أو بشرط الخيار ، وارتد ومات ، فللإمام رده . ولو ارتد المشتري فالشفيع على شفعته .

فرع

دار نصفها لرجل ، ونصفها لمسجد ، اشتراه قيم المسجد له ، أو وهب [ له ] ليصرف في عمارته ، فباع الرجل نصيبه ، كان للقيم أخذه بالشفعة إن رأى فيه [ ص: 74 ] مصلحة ، كما لو كان لبيت المال شركة في دار ، فباع الشريك نصيبه ، فللإمام الأخذ بالشفعة . وإن كان نصف الدار وقفا ، ونصفها طلقا ، فباع المالك نصيبه ، فلا شفعة لمستحق الوقف على المذهب ، ولا شفعة لمالك المنفعة فقط بوصية أو غيرها .

فرع

المأذون له بالتجارة ، إذا اشترى شقصا ، ثم باع الشريك نصيبه ، فله الأخذ بالشفعة ، إلا أن يمنعه السيد أو يسقط الشفعة . وله الإسقاط وإن أحاطت به الديون وكان في الأخذ غبطة ، كما له منعه من الاعتياض في المستقبل . ولو أراد السيد أخذه بنفسه ، فله ذلك .

فرع

لا يخفى أن الشركة لا تعتبر في مباشرة الأخذ ، وإنما هي معتبرة فيمن يقع الأخذ له ، بدليل الوكيل والولي ، والعبد المأذون ، فإن لهم الأخذ .

التالي السابق


الخدمات العلمية