صفحة جزء
والتلبية سنة ، ويستحب رفع الصوت بها والإكثار منها ، والدعاء بعدها ، ويلبي إذا علا نشزا ، أو هبط واديا ، وفي دبر الصلوات المكتوبات وإقبال الليل والنهار ، وإذا التقت الرفاق ولا ترفع المرأة صوتها إلا بقدر ما تسمع رفيقتها .


( والتلبية سنة ) لفعله - عليه السلام - ، ولأنها ذكر فيه فلم تجب كسائر الأذكار .

( ويستحب رفع الصوت بها ) لخبر السائب بن خلاد مرفوعا : أتاني جبريل يأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال ، والتلبية . رواه الخمسة ، وصححه الترمذي .

وعن أبي بكر الصديق : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل أي الحج أفضل قال : العج والثج وفيه عبد الرحمن بن يربوع ، وهو مختلف فيه فالعج رفع الصوت بالتلبية ، والثج إسالة الدماء بالنحر ، ويستثنى منه مساجد الحل وأمصاره ، وطواف القدوم والسعي بعده ، فلا يستحب إظهاره ، والمنقول عن أحمد : إذا أحرم في مصره لا يعجبني أن يلبي حتى يبرز لقول ابن عباس ، واحتج القاضي وأصحابه أن إخفاء التطوع أولى خوف الرياء على من لا يشاركه في تلك العبادة بخلاف البراري [ ص: 134 ] وعرفات ، ومكة ، والحرم ، ( والإكثار منها ) لخبر سهل بن سعد : ما من مسلم يلبي إلا لبى ما عن يمينه ، وعن شماله من حجر أو شجر أو مدر حتى تنقطع الأرض من هاهنا ، وهاهنا . رواه ابن ماجه ، وفيه إسماعيل بن عياش عن المدنيين ، وهو ضعيف عندهم ، وهو للترمذي بإسناد جيد ، ويسن ذكر نسكه فيها ، وذكر العمرة قبل الحج للقارن ، نص عليه ، وفيه وجه لا يسن ، وعلى الأول لا يسن تكرارها في حالة واحدة قاله أحمد ، واستحبه في " الخلاف " لتلبسه بالعبادة ، وقال المؤلف : حسن فإن الله وتر يحب الوتر ، ( والدعاء بعدها ) لما روى خزيمة بن ثابت مرفوعا : أنه كان يسأل الله رضوانه والجنة ، ويستعيذ برحمته من النار . رواه الشافعي بإسناد ضعيف ، ولأنه مظنة إجابة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعدها لقول القاسم بن محمد : كان يستحب ذلك " فيه صالح بن محمد بن زائدة قواه أحمد ، وضعفه غيره ، ولأنه يشرع فيه ذكر الله كصلاة ، وأذان ( ويلبي ) أي : يتأكد في مواضع ( إذا علا نشزا ) وهو المكان المرتفع بفتح الشين ، وسكونها ( أو هبط واديا ، وفي دبر الصلوات المكتوبات ) أي : منها ، ( وإقبال الليل ، والنهار ) أي : بأولهما ، ( وإذا التقت الرفاق ) لقول جابر كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبي كذلك ، وقال النخعي : كانوا يستحبون التلبية دبر الصلوات المكتوبة ، وإذا هبط واديا ، أو علا نشزا ، أو لقي راكبا ، أو استوت به راحلته .

وتستحب إذا أتى محظورا ناسيا أو ركب زاد في " الرعاية " : أو نزل ، وفي " المستوعب " يستحب عند تنقل الأحوال به ، وزاد : وإذا رأى البيت . ( ولا ترفع المرأة صوتها بها إلا بقدر ما تسمع رفيقتها ) وقاله في " المحرر " [ ص: 135 ] و " الوجيز " وغيرهما ; لأن صوتها عورة ، فلم يشرع لها الرفع إلا بما ذكر ، والمراد به : المزاملة لها ، لكن السنة أنها لا ترفع صوتها بها ، وحكاه ابن عبد البر إجماعا ، ويكره جهرها أكثر من قدر سماع رفيقتها خوف الفتنة . وظاهر كلام بعض أصحابنا تقتصر على إسماع نفسها قال في " الفروع " : وهو متجه .

فائدة : لا تشرع التلبية إلا بالعربية إن قدر كأذان ، ولم يجوز أبو المعالي الأذان بغير العربية إلا لنفسه مع العجز

التالي السابق


الخدمات العلمية