صفحة جزء
فصل الضرب الثاني على الترتيب ، وهو ثلاثة أنواع ، أحدها : دم المتعة والقران ، فيجب الهدي ، فإن لم يجد ، فصيام ثلاثة أيام في الحج ، والأفضل أن يكون آخرها يوم عرفة وسبعة إذا رجع إلى أهله ، فإن صامها قبل ذلك ، أجزأ ، وإن لم يصم قبل يوم النحر ، صام أيام منى ، وعنه : لا يصومها ، ويصوم بعد ذلك عشرة أيام ، وعليه دم . وعنه : إن ترك الصوم لعذر ، لم يلزمه إلا قضاؤه وإن تركه لغير عذر ، فعليه مع فعله دم ، وقال أبو الخطاب : إن أخر الهدي والصوم لعذر ، لم يلزمه إلا قضاؤه ، وإن أخر الهدي لغير عذر ، فهل يلزمه دم آخر ؛ على روايتين قال : وعندي أنه لا يلزمه مع الصوم دم بحال . ولا يجب التتابع في الصيام ومتى وجب عليه الصوم ، فشرع فيه ، قدر على الهدي ، لم يلزمه الانتقال إليه ، وإن وجب ولم يشرع فيه ، فهل يلزمه الانتقال ؛ على روايتين .


فصل ( الضرب الثاني : على الترتيب وهو ثلاثة أنواع أحدها دم المتعة والقران ، فيجب الهدي ) في المتعة بقوله - تعالى - : فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم [ البقرة : 196 ] وفي القران قياسا عليه ( فإن لم يجد ) الهدي في موضعه ، ولو وجده ببلده أو وجد من يقرضه ، نص عليه ; لأن وجوبه مؤقت ، فاعتبرت له القدرة في موضعه ، كماء الوضوء ، بخلاف رقبة الكفارة ( فصيام ثلاثة أيام في الحج ) لما سبق ( والأفضل أن يكون آخرها يوم عرفة ) هذا هو الأشهر عنه ، وعليه أصحابنا ليكون إثباتها أو بعضها بعد إحرامه بالحج ، واستحبا صوم عرفة لموضع الحاجة ، وفيه نظر ، وأجاب القاضي بأن عدم استحباب صومه يختص بالنقل ، وعليه يستحب له تقديم الإحرام بالحج قبل يوم التروية ليصومها في الحج ، وعنه : الأفضل أن يكون آخرها يوم التروية ، وفي " المجرد " أنه المذهب ، روي عن ابن عمر وعائشة ; لأن صوم يوم عرفة غير مستحب له ، ولعله [ ص: 176 ] أظهر من الأول ; لأنه يلزم نفسه المخالفة من وجهين ووقت جوازها إذا أحرم بالعمرة ، نص عليه ، كالنصاب والحول ، وعنه : بالحل منها ، وعنه : وقبل إحرامها ، وأنكرها جماعة ، والمراد : في أشهر الحج ، ونقلهالأثرم ; لأنه أحد نسكي التمتع ، فجاز تقديمها عليه كالحج ، وأما وقت وجوبها ، فوقت وجوب الهدي ; لأنه بدل كسائر الأبدال ، ( وسبعة إذا رجع إلى أهله ) للآية ، ولأنه ظاهر في الرجوع إلى الأهل ، وحديث ابن عمر المرفوع : فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج ، وسبعة إذا رجع إلى أهله . متفق عليه . شاهد بذلك ، وللخروج من الخلاف ( فإن صامها قبل ذلك أجزأ ) ; لأن كل صوم واجب جاز في وطن فاعله ، جاز في غيره كسائر الفروض ، فعلى هذا يجوز بعد أيام التشريق ، نص عليه ، ومحله إذا كان طاف للزيارة . قاله القاضي فيكون المراد من الآية إذا رجعتم من عمل الحج ; لأنه المذكور ، ومعتبر لجواز الصوم ، وتأخيرها إنما كان رخصة ، وتخفيفا كتأخير رمضان لسفر ومرض ، ولأنه وجد سببه ( وإن لم يصم ) الثلاثة ( قبل يوم النحر صام أيام منى ، وعنه : لا يصومها ) والترجيح مختلف ، قاله في " الفروع " والسبعة لا يجوز صومها في أيام التشريق ، نص عليه ، وعليه الأصحاب لبقاء أعمال من الحج ( ويصوم بعد ذلك عشرة أيام ) لوجوب قضائها بفواته كرمضان ، وسواء قلنا بعدم جواز صومها أو بجوازه ، ولم يصمها ( وعليه دم ) ; لأنه أخر الواجب عن وقته فلزمه كرمي الجمار ، فعلى هذا لا فرق بين المؤخر للعذر أو لغيره ، وعنه : لا يلزمه ، وعلله في " الخلاف " بأنه نسك أخره في وقت جواز فعله كالوقوف إلى الليل ، وفيه شيء .

( وعنه : إن ترك الصوم لعذر لم يلزمه إلا قضاؤه ) ; لأن الدم الذي هو [ ص: 177 ] المبدل لو أخره لعذر لم يكن عليه دم لتأخيره ، والبدل أولى ، ( وإن تركه لغير عذر فعليه مع فعله دم ) فعلى أنه إن صام أيام التشريق على القول بجوازه أنه لا دم عليه ، جزم به جماعة قال في " الفروع " : ولعله مراد القاضي وأصحابه ، و " المستوعب " : بتأخير الصوم عن أيام الحج ، ( وقال أبو الخطاب إن أخر الهدي ) الواجب لعذر مثل أن ضاعت نفقته ( أو الصوم لعذر لم يلزمه إلا قضاؤه ) كسائر الهدايا الواجبة ، ( وإن أخر الهدي لغير عذر فهل يلزمه دم آخر على روايتين ) إحداهما : لا يلزمه شيء زائد كالهدايا الواجبة ، والثانية : يلزمه دم ، روي عن ابن عباس .

قال : أحمد من تمتع فلم يهد إلى قابل يهدي هديين ; لأن الدم في المتعة نسك مؤقت فلزم الدم بتأخيره عن وقته ، كتأخير رمي الجمار عن أيام التشريق ( قال : وعندي أنه لا يلزمه مع الصوم دم بحال ) هذا رواية عن أحمد ; لأنه صوم ، واجب يجب القضاء بفواته ، فلم يجب بفواته دم كصوم رمضان ، ( ولا يجب التتابع ) ولا التفريق ( في الصيام ) لا في الثلاثة ولا السبعة ، نص عليه ، وفاقا لإطلاق الأمر ، وذلك لا يقتضي جمعا ، ولا تفريقا ، ويشمل ما إذا قضاهما فإنه لا يجب التفريق كسائر الصوم ، وأوجبه بعض الشافعية ، وتبعه في " المغني " و " الشرح " بأن وجوب التفريق في الأداء إذا صام أيام منى ، وأتبعها السبعة ، ثم إنما كان من حيث الوقت فسقط بفواته كالتفريق بين الوقوف ، بخلاف أفعال الصلاة من ركوع وسجود ، فإنه من حيث الفعل فلم يسقط .

[ ص: 178 ] فرع : إذا مات ، ولم يصم فكصوم رمضان ، نص عليه ، تمكن منه أم لا .

( ومتى وجب عليه الصوم ، فشرع فيه ، ثم قدر على الهدي لم يلزمه الانتقال إليه ) وأجزأه الصوم كما لو وجد الرقبة بعد الشروع في صوم الكفارة . وظاهره أن له الانتقال إلى الهدي ; لأنه أكمل ، وفي " الفصول " تخريج يلزمه الانتقال اعتبارا بالأغلظ في الكفارة ، والفرق ظاهر ; لأن المظاهر ارتكب محرما فناسبه المعاقبة ، بخلاف الحاج ، فإنه في طاعة ، فناسبه التخفيف ، وقيل : إن قدر على الهدي قبل يوم النحر انتقل إليه ، وإن وجده بعد أن مضت أيام النحر ، أجزأه الصيام ; لكونه قدر على المبدل في وقت وجوبه ، فلم يجزئه البدل ، كما لو لم يصم ، وعلى المذهب ففرق بينه ، وبين المتيمم يجد الماء في الصلاة إن قلنا تبطل ; لأن ظهور المبدل هناك يبطل حكم البدل من أصله ، ويبطل ما مضى ، وهنا صومه صحيح يثاب عليه ( وإن وجب ، ولم يشرع فيه فهل يلزمه الانتقال ؛ على روايتين ) إحداهما : لا يلزمه ، نقلها المروذي ; لأن الصوم استقر في ذمته حال وجود السبب المتصل بشرطه ، وهو عدم الهدي . والثانية : بلى ، نقلها يعقوب ، وهي ظاهر " الوجيز " كالمتيمم يجد الماء .

التالي السابق


الخدمات العلمية