صفحة جزء
[ ص: 211 ] باب ذكر دخول مكة يستحب أن يدخل مكة من أعلاها من ثنية كداء ، ثم يدخل المسجد من باب بني شيبة ، فإذا رأى البيت ، رفع يديه وكبر وقال : اللهم أنت السلام ، ومنك السلام ، حينا ربنا بالسلام ، اللهم زد هذا البيت تعظيما وتشريفا وتكريما ومهابة وبرا ، وزد من شرفه وعظمه ممن حجه واعتمره تعظيما وتشريفا وتكريما ومهابة وبرا ، والحمد لله رب العالمين كثيرا كما هو أهله وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله ، والحمد لله الذي بلغني بيته ورآني لذلك أهلا ، والحمد لله على كل حال ، اللهم إنك دعوت إلى حج بيتك الحرام ، وقد جئتك لذلك ، اللهم تقبل مني ، واعف عني ، وأصلح لي شأني كله ، لا إله إلا أنت يرفع بذلك صوته .


باب ذكر دخول مكة وهي علم على جميع البلدة المعظمة المحجوبة غير منصرفة ، وسميت به لقلة مائها ، وقيل : لأنها تمك من ظلم فيها أي : تهلكه ، ويزاد فيها بكة في قول الضحاك ، وقيل : بالباء اسم لبقعة البيت ، وبالميم : ما حوله ، وقيل : بكة اسم للمسجد ، والبيت ، ومكة للحرم كله ، ولها أسماء .

( يستحب ) للمحرم ( أن يدخل مكة من أعلاها من ثنية كداء ) لما روى ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة من الثنية العليا التي بالبطحاء ، وخرج من الثنية السفلى ، وعن عائشة نحوه . متفق عليهما . وظاهره ليلا أو نهارا ، واقتصر عليه في " الشرح " ؛ لأنه - عليه السلام - دخلها ليلا ونهارا أخرجه النسائي ، وقدم في " الفروع " نهارا ، وإنما كرهه من السراق ، ولم يتعرض لخروجه منها ، ويستحب من الثنية السفلى كدي بضم الكاف ، وتشديد الياء ، والأول بفتح الكاف ، والدال ممدود مهموز متصرف ، وغير متصرف ، والثنية في الأصل : الطريق بين الجبلين ، ( ثم يدخل المسجد من باب بني شيبة ) لما روى جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة ارتفاع الضحى ، وأناخ راحلته عند باب بني شيبة ، ثم دخل . رواه مسلم ، ويقول حين دخوله : بسم الله وبالله ومن الله وإلى الله اللهم افتح لي أبواب فضلك . ذكره " في أسباب الهداية " .

( فإذا رأى البيت رفع يديه ) ، نص عليه ، وهو قول الأكثر لما روى [ ص: 212 ] الشافعي عن ابن جريج أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رأى البيت رفع يديه ، وما روي عن جابر لا يمنع منه ( وكبر ) وذكره في " المحرر " و " الوجيز " ; لأنه روي عنه - عليه السلام - أنه فعله ولم يذكره آخرون ، وحكاه في " الفروع " قولا كالتهليل ، ( وقال : اللهم أنت السلام ومنك السلام حينا ربنا بالسلام ) ; لأن عمر كان يقول ذلك . رواه الشافعي . ومعنى السلام الأول : اسم الله - تعالى - والثاني : من أكرمته بالسلام فقد سلم ، والثالث : سلمنا بتحيتك إيانا من جميع الآفات . ذكره الأزهري ( اللهم زد هذا البيت تعظيما ) أي : تبجيلا ( وتشريفا ) أي : رفعة وإعلاء ( وتكريما ) أي : تفضيلا ( ومهابة ) أي : توقيرا وإجلالا ( وبرا ) بكسر الباء ، وهو اسم جامع للخير ( وزد من شرفه ، وعظمه ممن حجه واعتمره تعظيما وتشريفا وتكريما ومهابة وبرا ) رواه الشافعي بإسناده عن ابن جريج ، ( والحمد لله رب العالمين كثيرا كما هو أهله ، وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله ، والحمد لله الذي بلغني بيته ، ورآني لذلك أهلا ، والحمد لله على كل حال اللهم إنك دعوت إلى حج بيتك الحرام ) سمي به ؛ لأن حرمته انتشرت ، وأريد بتحريم البيت سائر الحرم ، قاله العلماء ، ( وقد جئتك لذلك اللهم تقبل مني ، واعف عني ، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت ) ذكره الأثرم ، وإبراهيم الحربي ، وفي " المحرر " و " الوجيز " كالمقنع ، وفي " الفروع " ودعا وقال : ومنه ولم يذكر الأخير ، ومهما زاد من الدعاء فحسن ( يرفع بذلك صوته ) جزم به في " المحرر " و " الوجيز " وغيرهما ; لأنه ذكر مشروع فاستحب رفع الصوت به كالتلبية ، وحكاه في " الفروع " قولا .

التالي السابق


الخدمات العلمية