صفحة جزء
ثم يخرج إلى الصفا من بابه ، ويسعى سبعا يبدأ بالصفا ، فيرقى عليه حتى يرى البيت ، فيستقبله ، ويكبر ثلاثا ، ويقول : الحمد لله على ما هدانا ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده . لا إله إلا الله ، ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون . ثم يلبي ويدعو بما أحب ، ثم ينزل من الصفا ويمشي حتى يأتي العلم ، فيسعى سعيا شديدا إلى العلم ، ثم يمشي حتى يأتي المروة ، فيفعل عليها مثل ما فعل على الصفا ، ثم ينزل فيمشي في موضع مشيه ، ويسعى في موضع سعيه يفعل ذلك سبعا يحتسب بالذهاب سعية ، وبالرجوع سعية يفتتح بالصفا ويختم بالمروة ، فإن بدأ بالمروة ، لم يحتسب بذلك الشوط . ويستحب أن يسعى طاهرا مستترا متواليا ، وعنه : أن ذلك من شرائطه والمرأة لا ترقاه ولا ترمل . وإذا فرغ من السعي ، فإن كان معتمرا قصر من شعره وتحلل إلا أن يكون المتمتع قد ساق هديا فلا يحل حتى يحج . ومن كان متمتعا قطع التلبية إذا دخل البيت .


( ثم يخرج إلى الصفا ) بالقصر ، وهي في الأصل الحجارة الصلبة ، والآن ثم مكان معروف عند باب المسجد ( من بابه ويسعى سبعا يبدأ بالصفا فيرقى عليه ) وليس بواجب ; لأنه لو تركه فلا شيء عليه ( حتى يرى البيت فيستقبله ، ويكبر ثلاثا ، ويقول : الحمد لله على ما هدانا لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت ، وهو حي لا يموت بيده الخير ، وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله وحده لا شريك له صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ) اقتصر عليه في " الفروع " وليس فيه يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وزاد ويقول ذلك ثلاثا ، لفعله - عليه السلام - فإنه رقى على الصفا وقرأ إن الصفا والمروة من شعائر الله [ البقرة : 158 ] [ ص: 225 ] نبدأ بما بدأ الله به ، فبدأ بالصفا " والأحزاب : هم الذين تحزبوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق ، وهم قريش ، وغطفان ، واليهود ( لا إله إلا الله ، ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ، ولو كره الكافرون ) ; لأن ابن عمر كان يزيده على ما سبق . رواه إسماعيل عن أيوب عن نافع عنه ( ثم يلبي ) ; لأنه - عليه السلام - لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة . وظاهره أنه لا يلبي على الصفا لعدم فعله ، وما ذكره محمول على غير المتمتع ; لأنه يقطعها إذا استلم الحجر كما يأتي ، ويدعو بما أحب لما روى أبو هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما فرغ من طوافه أتى الصفا فعلا عليه حتى نظر إلى البيت ، ورفع يديه فجعل يحمد الله ، ويدعو بما شاء أن يدعو . رواه مسلم ، ولأنه موضع ترجى فيه الإجابة . وظاهره أنه لا يرفع يديه ، والظاهر بلى ، للخبر ( ثم ينزل من الصفا ويمشي حتى يأتي العلم ) وهو الميل الأخضر في ركن المسجد قال في " الشرح " وغيره : إذا كان منه نحو ستة أذرع قال في " الفروع " : وهو أظهر ( فيسعى سعيا شديدا إلى العلم ) وهو الميل الأخضر حذاء دار العباس . وظاهره أنه لا يرمل بينهما ، وقاله جماعة كالمؤلف وهو أظهر ، وقيل : بلى لوروده في الخبر ( ثم يمشي حتى يأتي المروة ) وهي في الأصل الحجارة البيض البراقة التي يقدح منها النار ، والآن هو المكان المعروف بطرف السعي ( فيفعل عليها مثل ما فعل على الصفا ) من الاستقبال والتكبير والتهليل والدعاء ( ثم ينزل فيمشي في موضع مشيه ، ويسعى في موضع سعيه بفعل ذلك سبعا يحتسب بالذهاب سعية ، وبالرجوع سعية ) لفعله - عليه [ ص: 226 ] السلام - كذلك . رواه مسلم من حديث جابر ، ويكثر الدعاء ، والذكر من ذلك . قال أحمد : كان ابن مسعود إذا سعى بين الصفا والمروة ، قال : رب اغفر وارحم واعف عما تعلم وأنت الأعز الأكرم . وقد روى الترمذي ، وصححه مرفوعا : إنما جعل السعي بينهما لإقامة ذكر الله - تعالى ويجب استيعاب ما بينهما فيلصق عقبه بأصلهما ، فلو ترك بينهما شيئا ، ولو ذراعا لم يجزئه حتى يأتي به ، والأولى أن يرقى كما مر ( يفتتح بالصفا ) لقوله نبدأ بما بدأ الله به ، وعن ابن عباس أنه قرأ الآية ، وقال : نبدأ بالصفا اتبعوا القرآن فما بدأ به القرآن فابدءوا به ويختم بالمروة لقول جابر : فلما كان آخر طوافه قال : لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي ، ولجعلتها عمرة ، ولأنه يلزم من البداءة به الختم بها ( فإن بدأ بالمروة ، لم يحتسب بذلك الشوط ) لمخالفة فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمره فعلى هذا إذا صار إلى الصفا اعتد بما يأتي بعده .

( ويستحب أن يسعى طاهرا ) من الحدث والنجاسة كبقية المناسك في قول الأكثر ، ولأنه عبادة لا تتعلق بالبيت كالوقوف بعرفة ( مستترا ) ; لأنه إذا لم يشترط الطهارة مع آكديتها فغيرها أولى ( متواليا ) في ظاهر كلام أحمد ، وهو الأصح ; لأنه لا تعلق له بالبيت فلم يشترط له الموالاة كالرمي والحلق ، ( وعنه : أن ذلك من شرائطه ) وقاله القاضي في الموالاة ; لأن السعي أحد الطوافين فاشترط فيه ذلك كالطواف بالبيت قال في " الشرح " : ولا عمل عليه .

تنبيه : ظاهره أن السعي بعد الطواف ، فلو عكس لم يجزئه ، نص عليه ، وعنه : بلى سهوا وجهلا ، وعنه : مطلقا ، وعنه : مع دم ، وفي شرط النية قاله في " المذهب " و " المحرر " وزاد : وأن لا يقدمه على أشهر الحج . وظاهر كلام الأكثر خلافهما ، وصرح به أبو الخطاب في الأخيرة أنه لا يعرف منعه [ ص: 227 ] عن أحمد .

( والمرأة لا ترقاه ) لئلا تزاحم الرجال ، ولأنه أستر لها ، ( ولا ترمل ) حكاه ابن المنذر إجماع من يحفظ عنه ; لأنه يقصد لها الستر ، وفيما ذكر انكشاف لها ، وكذا لا تسعى سعيا شديدا بين العلمين ، ولا يسن فيه اضطباع ، نص عليه .

( وإذا فرغ من السعي ، فإن كان معتمرا ، قصر من شعره ، وتحلل ) ; لأنه - عليه السلام - اعتمر ثلاث عمر سوى عمرته التي مع حجه ، وكان يحل إذا سعى . وظاهره أن التقصير له أفضل من الحلق ، نص عليه ، للأمر به في حديث جابر ، وليتوفر الحلق للحج ، وفي " المستوعب " و " الترغيب " حلقه ، وفي كلامه إشعار بالمبادرة إلى ذلك ، ولاشك في استحبابه ، فلو أحرم بالحج قبل التقصير ، وقلنا : هو نسك صار قارنا فإن تركهما ، فعليه دم ، إن قلنا هما نسك ، فإن وطئ قبله ، فعليه دم ، وعمرته صحيحة ( إلا أن يكون المتمتع قد ساق هديا فلا يحل حتى يحج ) بل يقيم على إحرامه ويدخل عليها الحج بعد طوافه وسعيه لها ، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا يوم النحر ، نص عليه ، لحديث ابن عمر ، وعائشة . متفق عليهما ، وعنه : من لبد رأسه أو صفره ، جزم به في " الكافي " هو بمنزلة من ساق الهدي ، لحديث حفصة ، وقيل : يحل كمن لم يهد ، وهو ظاهر ما نقله يوسف بن موسى ، وعنه : إن قدم في العشر ، لم ينحر الهدي حتى ينحره يوم النحر ، وإن قدم قبل العشر نحر الهدي فدل على أن المتمتع إذا قدم قبل العشر ، حل ، وإن كان معه هدي ، وإن كان فيه لم يحل ، واستثناء المتمتع دليل عمومه ( ومن كان متمتعا قطع التلبية إذا دخل البيت ) والمراد : [ ص: 228 ] إذا استلم الحجر الأسود ، نص عليه ، لما روى ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يمسك عن التلبية في العمرة إذا استلم الحجر . رواه الترمذي وصححه . أي : شرع في الطواف ، ولأن التلبية إجابة إلى العبادة وشعار الإقامة عليها ، والأخذ في التحلل ينافيها ، وهو يحصل بالطواف ، والسعي فإذا شرع في الطواف فقد أخذ في التحلل فيقطعها كما يقطع الحاج التلبية إذا شرع في رمي جمرة العقبة لحصول التحلل به . وظاهره اختصاص القطع بالمتمتع كالخرقي ، و " الوجيز " وليس كذلك ; لأن الحكم يستوي فيه المتمتع وغيره من المعتمرين .

التالي السابق


الخدمات العلمية