صفحة جزء
[ ص: 229 ] باب صفة الحج يستحب للمتمتع الذي حل وغيره من المحلين بمكة الإحرام بالحج يوم التروية ، وهو الثامن من ذي الحجة من مكة ، ومن حيث أحرم جاز ثم يخرج إلى منى ، فيصلي بها الظهر ، ويبيت بها ، فإذا طلعت الشمس ، سار إلى عرفة ، وأقام بنمرة حتى تزول الشمس ، ثم يخطب الإمام خطبة يعلمهم فيها الوقوف ووقته والدفع منه ، والمبيت بمزدلفة ، ثم ينزل فيصلي بهم الظهر والعصر ، يجمع بينهما بأذان وإقامتين ثم يروح إلى الموقف .


باب صفة الحج أصله حديث جابر رواه مسلم ( يستحب للمتمتع الذي حل ) من عمرته ( وغيره من المحلين بمكة ) سواء كان مقيما بها من أهلها أو من غيرهم ( الإحرام بالحج يوم التروية ) نص عليه ، لحديث جابر قال : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما حللنا أن نحرم إذا توجهنا إلى منى فأهللنا من الأبطح ، حتى إذا كان يوم التروية جعلنا مكة بظهر أهللنا بالحج . رواه مسلم ، وعنه : المكي يهل إذا رأى الهلال ، لقول عمر لأهل مكة : إذا رأيتم الهلال فأهلوا بالحج فعلى الأول لو جاوز يوم التروية بغير إحرام لزمه دم الإساءة مع دم التمتع على الأصح قاله في " الترغيب " وفي " الرعاية " : يحرم يوم تروية أو عرفة ، فإن غيره ، فدم ، ولا يطوف بعده قبل خروجه نقله الأثرم ، واختاره الأكثر ، ونقل ابن منصور وغيره : لا يخرج حتى يودعه ، وطوافه بعد رجوعه من منى للحج ، جزم به في " الواضح " و " الكافي " فعلى الأول : لو أتى به ، وسعى بعده لم يجزئه ، ( وهو الثامن من ذي الحجة ) سمي به ; لأن الناس كانوا يتروون فيه الماء لما بعده ، وقيل : لأن إبراهيم أصبح يتروى في أمر الرؤيا ، وقيل غير ذلك .

( من مكة ) لقوله - عليه السلام - : حتى أهل مكة يهلون منها وكان عطاء يستلم الركن ، ثم ينطلق مهلا بالحج ، والأفضل فيه أن يكون من المسجد ، وفي " المبهج " و " الإيضاح " من تحت الميزاب ، ويستحب له أن يفعل في إحرامه ما يفعله في إحرامه من الميقات ، من غسل وغيره ، ويطوف سبعا ويصلي ركعتين ( ومن حيث أحرم من الحرم جاز ) لحديث جابر ; لأن الأبطح خارج من البلد داخل في الحرم ، ولأن المقصود حاصل به كجمعه في نسكه [ ص: 230 ] بين الحل ، والحرم ( ثم يخرج إلى منى ) قبل الزوال ( فيصلي بها الظهر ) مع الإمام إن أمكنه ، وبقية الصلوات إلى الفجر ، نص عليه ، ( ويبيت بها ) لقول جابر : فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأحلوا بالحج فركب النبي - صلى الله عليه وسلم - فصلى بها الظهر ، والعصر ، والمغرب ، والعشاء ، والفجر . وظاهره أن المبيت بها ليس بواجب ؛ لأنه عطفه على المستحبات ، فلو صادف يوم التروية يوم الجمعة ، وجب عليه فعلها ، كمن يجب عليه ، وأقام حتى زالت الشمس ، وإلا لم تجب ( فإذا طلعت الشمس سار إلى عرفة ) هي اسم لموضع الوقوف ، ( وأقام بنمرة ) هي موضع بعرفة . وظاهر " المحرر " وغيره أنها ليست منه قال الأزرقي : هو الجبل الذي عليه أنصاب الحرم عن يمينك إذا خرجت عن مأزمي عرفة ( حتى تزول الشمس ) لحديث جابر : وأمر بقبة من شعر فضربت له بنمرة فسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا أتى على عرفة ، فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زالت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له ، ( ثم يخطب الإمام خطبة ) لقول جابر : ثم أتى بطن الوادي فخطب الناس يفتتحها بالتكبير ، قاله في " المستوعب " و " الترغيب " وغيرهما ، ويسن تقصيرها ( يعلمهم فيها الوقوف ، ووقته ، والدفع منه ، والمبيت بمزدلفة ) يتذكر العالم ، ويتعلم الجاهل . وظاهره أنه لا يخطب في اليوم السابع بعد صلاة الظهر بمكة ، واختار الآجري بلى يعلمهم ما يفعلونه يوم التروية ( ثم ينزل فيصلي بهم الظهر والعصر يجمع بينهما بأذان وإقامتين ) لقول جابر : ثم أذن بلال ، ثم أقام فصلى الظهر ، ثم أقام فصلى العصر ، لم يصل بينهما شيئا ، وقال أبو ثور : يؤذن إذا صعد الإمام المنبر ، فإذا فرغ ، قام فخطب وقيل : يؤذن في آخر خطبة الإمام قال في " الشرح " : وكيفما فعل فحسن ، فإن لم [ ص: 231 ] يؤذن فلا بأس قاله أحمد ، و " الخرقي " ; لأن كلا منهما روى عنه - عليه السلام - . وظاهره يشمل كل واقف بعرفة من مكي وغيره ; لأنه - عليه السلام - جمع بينهما ، وكذلك كل من صلى معه ، ولم يأمرهم بترك الجمع كما أمرهم بترك القصر ، فقال : أتموا فإنا سفر ، ولو حرم لبينه ، لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ، وبأن عثمان كان يتم الصلاة ؛ لأنه اتخذ بمكة أهلا ، ولم يترك الجمع ، ولم يبلغنا عن أحد من المتقدمين خلافه ، وشرط القاضي وأصحابه : أنه يختص بمن يجوز له الجمع ؛ لأن سببه السفر الطويل فلا يجوز إلا حيث وجد سببه ؛ لأن الجمع كالقصر ، والقصر مختص بمن ذكرنا فكذا الجمع ، وقال القاسم وسالم : يجوز لهم القصر كالجمع ، وعلى الأول : يسن أن يعجل فإن فاته الجمع مع الإمام جمع في رحله ، نص عليه ، ( ثم يروح إلى الموقف ) لقول جابر : ثم ركب النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى الموقف .

التالي السابق


الخدمات العلمية