صفحة جزء
ويحصل التحلل بالرمي وحده ، فإن قدم الحلق على الرمي أو النحر جاهلا أو ناسيا فلا شيء عليه ، وإن فعله عالما فهل يلزمه دم ؛ على روايتين . ثم يخطب الإمام خطبة يعلمهم فيها النحر والإفاضة والرمي .


( ويحصل التحلل بالرمي وحده ) يحتمل أن هذا تكملة الرواية ، فيكون معطوفا على قوله : لا شيء في تركه ، ويحتمل أنه مستأنف ، والأول أظهر . واختلفت الرواية فيما يحصل به التحلل ، فالأكثر على أنه لا يحصل إلا بالرمي والحلق أو التقصير ، لأمره - عليه السلام - من لم يكن معه هدي أن يطوف ويقصر ثم يحل . وعنه : أنه يحصل بالرمي وحده ، صححها في " المغني " لقوله : إذا رميتم الجمرة ، حل لكم كل شيء إلا النساء " وتحقيقه أن يقال هل الأنساك ثلاثة أم اثنان فيه ؛ روايتان إحداهما : أنه يليه رمي وحلق وطواف ، والثانية : هما نسكان رمي وطواف ، فعلى الأول يحصل التحلل الأول باثنين ، اختاره الأكثر ، ويحصل الثاني : بفعل الثالث ، وعلى الثانية يحصل الأول بواحد منهما ، والثاني بالثاني فعليها الحلق إطلاق من محظور ، وفي " التعليق " نسك كالمبيت بمزدلفة ، ورمي يوم الثاني والثالث ، واختار المؤلف أنه نسك ، ويحل قبله ، وهو رواية . والسنة يوم النحر أن يرمي ثم ينحر ثم يحلق ثم يطوف ، يرتبها كذلك . رواه [ ص: 246 ] أبو داود من حديث أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعله ( وإن قدم الحلق على الرمي أو النحر جاهلا أو ناسيا فلا شيء عليه ) في قول الأكثر لما روى ابن عمر أن رجلا قال : يا رسول الله حلقت قبل أن أذبح قال : اذبح ولا حرج ، وقال آخر ذبحت قبل أن أرمي قال : ارم ولا حرج وعن ابن عباس مرفوعا معناه . متفق عليهما ، وإذا ثبت ذلك في الجاهل فالناسي مثله ، وكذا إذا زار أو نحر قبل رميه فلا دم عليه ، نص عليه ، ( وإن فعله عالما ) عامدا ( فهل يلزمه دم ؛ على روايتين ) أظهرهما : أنه لا دم عليه ، روي عن عطاء وإسحاق لإطلاق ما تقدم ، والثانية نقلها أبو طالب وغيره : يلزمه دم ، واختارها أبو بكر ; لأنه - عليه السلام - رتبها وأمر باتباعه ، ويستثنى منه حالة الجهل ، والنسيان بدليل قوله : " لم أشعر " فيبقى ماعداه على مقتضى الأصل . وظاهر نقل الميموني : يلزمه صدقة قال في " الشرح " : لا نعلم خلافا أن الإخلال بالترتيب لا يخرج هذه الأفعال عن الإجزاء ، وإنما الخلاف في وجوب الدم ، ( ثم يخطب الإمام خطبة ) بها يوم النحر ، نص عليه ، لقول ابن عباس خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - الناس يوم النحر . رواه البخاري قال جماعة : بعد صلاة الظهر ، وفيه نظر ، لما روى رافع بن عمرو المزني قال : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب الناس بمنى حين ارتفع الضحى على بغلة شهباء ، وعلي يعبر عنه والناس بين قائم وقاعد ، ويفتتحها بالتكبير قاله في " الرعاية " ( يعلمهم فيها النحر والإفاضة والرمي ) لقول عبد الرحمن بن معاذ : خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنى فطفق يعلمهم مناسكهم حتى بلغ الجمار . رواه أبو داود ، ولأن الحاجة تدعو إليه . وعنه : لا يخطب يومئذ نصره القاضي وأصحابه ; لأنها تسن في [ ص: 247 ] اليوم قبله فلا يسن فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية