صفحة جزء
وإذا فرغ من الحج استحب له زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وزيارة قبر صاحبيه رضي الله عنهما .


( وإذا فرغ من الحج استحب له زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم ) لما روى ابن عمر أن [ ص: 259 ] النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من زار قبري وجبت له شفاعتي . رواه الدارقطني من طرق ، وروي أيضا عن ابن عمر مرفوعا : من حج فزار قبري بعد وفاتي كان كمن زارني في حياتي وفي رواية وصحبني ، فظاهره أنه بعد الرجوع مطلقا ، لكن نقل أبو طالب إذا حج للفرض لم يمر بالمدينة ; لأنه إن حدث به حدث الموت كان في سبيل الحج ، وإن كان تطوعا بدأ بالمدينة فيسلم عليه ، لما روى أبو داود عن أبي هريرة مرفوعا : ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام . وظاهره أن هذه الفضيلة تحصل لكل مسلم قريبا كان أو بعيدا ، لكن قال أحمد في رواية عبد الله ، عن يزيد بن قسيط ، عن أبي هريرة مرفوعا : ما من أحد يسلم علي عند قبري فهذه الزيادة مقتضاها التخصيص ، وروي عن العتبي قال : كنت جالسا عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاء أعرابي فقال : السلام عليك يا رسول الله سمعت الله يقول ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما [ النساء : 64 ] وقد جئتك مستغفرا من ذنبي مستشفعا بك إلى ربي .

ثم أنشد يقول :


يا خير من دفنت بالقاع أعظمه فطاب من طيبهن القاع والأكم     نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه
فيه العفاف ، وفيه الجود ، والكرم

.

ثم انصرف الأعرابي فغلبتني عيني فنمت فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا عتبي الحق الأعرابي ، وبشره أن الله قد غفر له ويكون في سلامه مستقبلا له لا للقبلة ، ثم يستقبلها ، ويجعل الحجرة عن يساره ، ويدعو ، وفي " المستوعب " وغيره أنه يستقبله ، ويدعو . وظاهره قرب من الحجرة أو بعد منها ، ولا يستحب تمسحه [ ص: 260 ] بحائط القبر ، نقل أبو الحارث : يدنو منه ، ولا يتمسح به يقوم حذاءه ، فيسلم ، لفعل ابن عمر ، وعنه : بلى ، ورخص في المنبر ; لأنه كان يرتقي عليه ( وزيارة قبر صاحبيه ) أبي بكر ، وعمر ( رضي الله عنهما ) بعد الفراغ من السلام على سيد البشر ، يتقدم قليلا فيقول : السلام عليك يا أبا بكر الصديق السلام عليك يا عمر الفاروق السلام عليكما يا صاحبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وضجيعيه ووزيريه ورحمة الله ، وبركاته اللهم اجزهما عن نبيهما ، وعن الإسلام خيرا ، سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ، اللهم لا تجعله آخر العهد من قبر نبيك - صلى الله عليه وسلم - ، ومن مسجدك يا أرحم الراحمين .

أصل : لا ترفع الأصوات عند حجرته - عليه السلام - كما لا يرفع فوق صوته ; لأنه في التوقير ، والحرمة كحياته . وظاهر كلام جماعة أن هذا أدب مستحب ، وليس بواجب خلافا لبعض العلماء .

التالي السابق


الخدمات العلمية