صفحة جزء
والمشروع أن يذبح عن الغلام شاتين ، وعن الجارية شاة يوم سابعه ، ويحلق رأسه ويتصدق بوزنه فضة فإن فات ، ففي أربع عشرة ، فإن فات ، ففي أحد وعشرين وينزعها أعضاء ، ولا يكسر عظمها .


( والمشروع أن يذبح عن الغلام شاتين ) لما روت أم كرز قالت : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : عن الغلام شاتان متكافئتان ، وعن الجارية شاة . رواه أبو داود . متكافئتان : متقاربتان في السن والشبه ، نص عليه ، فإن عدم ، فواحدة ، وعليه يحمل ما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عق عن الحسن ، والحسين شاة شاة . رواه أبو داود أو لتبيين الجواز ( وعن الجارية شاة ) لحديث أم كرز ، ولأنها على النصف من أحكام الذكر ، فإن عدم ، اقترض . قال الشيخ تقي الدين : إذا كان له وفاء ( يوم سابعه ) قال في " الروضة " : في ميلاد الولد ، وفي " المستوعب " وغيره : ضحوة ، وينويها عقيقة . وظاهره أن جميع العقيقة تذبح يوم السابع . وقال ابن البنا : يذبح إحدى الشاتين يوم ولادته ، والأخرى يوم السابع ، والأول هو المعروف ، ويسمى فيه . وفي " الشرح " : وإن سماه قبله ، فحسن .

وذكر ابن حزم أن المولود إذا مضت له سبع ليال فقد استحق التسمية فقوم قالوا : حينئذ ، وقوم قالوا : حال ولادته .

( ويحلق رأسه ) أي : رأس الغلام . قال في " النهاية " : ورأسها . والظاهر [ ص: 302 ] أنه مختص بالذكر ، ويكره لطخه بدم . ونقل حنبل : سنة ؛ لأن في حديث سمرة تذبح عنه يوم السابع ويدمى ، والأول أولى . قال أحمد : قال ابن أبي عروبة : يسمى ، وقال همام : " يدمى " ما أراه إلا خطأ ، وقيل : هو تصحيف من الراوي ، يعضده أن مهنا ذكر لأحمد حديث يزيد المزني ، عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : يعق عن الغلام ولا يمس رأسه بدم فقال : ما أظرفه ، ولأنه يتنجس فلا يستحب لطخه بغيره من النجاسات ( ويتصدق بوزنه فضة ) لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة لما ولدت الحسن احلقي رأسه وتصدقي بوزن شعره فضة على المساكين . رواه أحمد قال في " الروضة " : ليس في حلق رأسه ، ووزن شعره سنة وكيدة ، وإن فعل فحسن ، والعقيقة هي السنة .

فرع : يؤذن في أذنه حين يولد ؛ لأنه - عليه السلام - أذن في أذن الحسين حين ولد بالصلاة ، صححه أبو داود ، وفي " الرعاية " : ويقيم في اليسرى ، ويحنكه بتمر ، وهو أن يمضغه ، ويدلك به حنكه ، للخبر ، فإن لم يكن تمر فشيء حلو .

فصل أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - . رواه مسلم .

ويستحب أن يحسن اسمه لقوله - عليه السلام - إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم . رواه أبو داود .

[ ص: 303 ] قال ابن عبد البر : قال ابن القاسم : سمعت مالكا يقول : سمعت أهل مكة يقولون : ما من أهل بيت فيهم اسم محمد إلا رزقوا ورزق خيرا .

ولا يكره بأسماء الأنبياء ، وعن سعيد بن المسيب ، أنه أحب الأسماء إلى الله - تعالى - ولا يكره بجبريل ، وياسين ، ويكره حرب ومرة ، وبرة ، ونافع ، ويسار ، وأفلح ، ونجيح ، وبركة ، ويعلى ، ومقبل ، ورافع ، ورباح .

قال القاضي : وكل اسم فيه تفخيم ، وتعظيم كالملك بخلاف حاكم الحكام ، وقاضي القضاة ، لعدم التوقيف ، وبخلاف الأوحد ، فإنه يكون في الخير والشر ، ولأن الملك هو المستحق للملك ، وحقيقته ، إما التصرف التام ، أو التصرف الدائم ، ولا يصحان إلا لله - تعالى - ولأحمد " اشتد غضب الله على رجل تسمى بملك الأملاك ، لا ملك إلا الله " وأفتى أبو عبد الله الصيمري الحنفي وأبو الطيب الطبري الشافعي ، وأبو الحسن التميمي الحنبلي بالجواز ، والماوردي بعدمه ، وجزم به في شرح مسلم ، ويحرم عبد العزى ، وعبد عمرو ، وعبد الكعبة ، وما أشبهه حكاه ابن حزم اتفاقا ، وصح أن النبي صلى الله عليه وسلم غير الاسم إلى آخر فسمى حربا سلما ، والمضطجع المنبعث ، وشهابا هشاما .

وأما اللقب فكمال الدين ، وشرف الدين فله تأويل صحيح أن الدين أكمله وشرفه قاله ابن هبيرة .

وبالجملة من لقب بما يصدقه فعله ، جاز ، ويحرم ما لم يقع على مخرج صحيح ، ويجوز التكني ، وأن يكنى الإنسان بأكبر أولاده ، ويكره بأبي عيسى احتج به أحمد ، وفي " المستوعب " وغيره : وبأبي يحيى ، وهل يكره بأبي القاسم ، أم لا [ ص: 304 ] أم يكره لمن اسمه محمد فقط ؛ فيه روايات ، ولا يحرم ، ونقل حنبل : لا يكنى به ، واحتج بالنهي ، فظاهره يحرم ، ويجوز تكنيته أبا فلان ، وأبا فلانة ، وتكنيتها أم فلان ، وأم فلانة ، وتكنية الصغير ، وذكره بعضهم إجماعا ، ولم يذكروا المرخم والمصغر ، وهو في الأخبار ، ولقوله - عليه السلام - يا عائش يا فاطم ، ولقول أم سليم يا رسول الله خويدمك أنيس ادع الله له . قال في " الفروع " : فيتوجه الجواز ، لكن مع عدم الأولى . والغلام والجارية والفتى والفتاة يطلق على الحر والمملوك ، ولا تقل : عبدي وأمتي . كلكم عبيد الله وإماء الله ، ولا يقل العبد لسيده : ربي ، وفي مسلم : ولا مولاي ؛ فإن مولاكم الله . وظاهره التحريم . وجزم جماعة بأنه يكره .

( فإن فات ) أي : الذبح في السابع ( ففي أربع عشرة ، فإن فات ، ففي إحدى وعشرين ) نقله صالح ، وهو قول إسحاق ، وروي عن عائشة ، والظاهر أنها لا تقوله إلا عن توقيف ، فلو ذبح قبل ذلك أو بعده أجزأ لحصول المقصود ، لكن ما ذكره هو السنة فإن تجاوز إحدى وعشرين فوجهان .

أحدهما : يستحب في كل سابع ، فيذبح في ثمان وعشرين ، ثم في خمس وثلاثين ، ثم كذلك .

والثاني - وهو الأشهر - أنه لا تعتبر الأسابيع بعد الثلاث ، بل يفعل في كل وقت ؛ لأن هذا قضاء فلم يتوقف كالأضحية ، وعنه : يختص بالصغر ، فإن لم يعق عنه أصلا حتى بلغ وكسب ، فقال أحمد : ذلك على الوالد ، يعني لا يعق عن نفسه ؛ لأن السنة في حق غيره ، وذكر في " المستوعب " و " الرعاية " و " الروضة " أنه يعق عن نفسه كما يشرع له فكاك نفسه .

[ ص: 305 ] ( وينزعها أعضاء ) أي : يقطع كل عضو من مفصله تفاؤلا بسلامة أعضاء المولود ( ولا يكسر عظمها ) لما روى أبو داود في مراسيله : عن جعفر ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في العقيقة عن الحسن والحسين ابعثوا إلى أهل بيت القابلة برجل وكلوا وأطعموا ولا تكسروا منها عظما ، وفي " التنبيه " تعطى القابلة منها فخذا ، وطبخها أفضل ، نص عليه ، فيدعو إليها إخوانه فيأكلوا ، وفي " المستوعب " ومنه طبخ حلو تفاؤلا .

التالي السابق


الخدمات العلمية