صفحة جزء
وأفضل ما يتطوع به الجهاد ، وغزو البحر أفضل من غزو البر ، ويغزو مع كل بر وفاجر ويقاتل كل قوم من يليهم من العدو .


( وأفضل ما يتطوع به الجهاد ) قال أحمد : لا أعلم شيئا بعد الفرائض أفضل من الجهاد . والأحاديث متضافرة في ذلك فمنها حديث ابن مسعود ، وحديث [ ص: 311 ] أبي هريرة ، وروى ابن مسعود قال : قيل : يا رسول الله أي الناس أفضل ؛ قال : مؤمن مجاهد في سبيل الله بنفسه وماله . متفق عليه .

( وغزو البحر أفضل من غزو البر ) لحديث أم حرام أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نام عندها ، ثم استيقظ وهو يضحك ، فقلت : ما يضحكك يا رسول الله ؛ قال : ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة . أو : مثل الملوك على الأسرة . متفق عليه . من حديث أنس ، وعن أبي أمامة الباهلي مرفوعا : شهيد البحر مثل شهيدي البر ، والمائد في البحر كالمتشحط في دمه في البر ، وإن الله - تعالى - وكل ملك الموت بقبض الأرواح إلا شهداء البحر فإن الله - تعالى - يتولى قبض أرواحهم ، وشهيد البر يغفر له كل شيء إلا الدين ، وشهيد البحر يغفر له كل شيء والدين . رواه ابن ماجه بإسناد ضعيف ، ولأنه أعظم خطرا ومشقة لكونه بين خطر العدو والغرق إلا مع أصحابه ، فكان أفضل من غيره .

تنبيه : تكفر الشهادة كل الذنوب غير الدين قال الشيخ تقي الدين : وغير مظالم العباد . وقال الآجري بعد أن ذكر خبر أبي أمامة : هذا في حق من تهاون بقضائه ، أما إذا لم يمكنه قضاؤه ، وكان أنفقه في وجهه ، فإن الله يقضيه عنه مات أو قتل ، وكذا الأعمال الصغار فقط . قال الشيخ تقي الدين : وكذا الحج ؛ لأن الصلاة ورمضان أعظم منه ، ونقل المروذي بر الوالدين يكفر الصغائر .

( ويغزو مع كل بر وفاجر ) لما روى أبو هريرة مرفوعا : الجهاد واجب عليكم مع كل أمير برا كان أو فاجرا . رواه أبو داود ، ولأن تركه مع الفاجر [ ص: 312 ] يفضي إلى قطعه ، وظهور الكفار على المسلمين ، واستئصالهم ، وإعلاء كلمة الكفر . وشرطه أن يحفظ المسلمين لا مخذل ونحوه . وفي الصحيح مرفوعا إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر ، ويقدم القوي منهما ، نص عليه ( ويقاتل كل قوم من يليهم من العدو ) أي : يتعين جهاد المجاور ، نص عليه ، لقوله تعالى : قاتلوا الذين يلونكم من الكفار الآية [ التوبة : 123 ] ، ولأن الأقرب أعظم ضررا . إلا لحاجة مثل كون الأبعد أخوف ، والأقرب مهادنا ، ومع التساوي فجهاد أهل الكتاب أفضل ، لأنهم يقاتلون على دين . قاله ابن المبارك ، واستبعده أحمد ، وحمل على أنه كان متبرعا بالجهاد ، والكفاية حاصلة بغيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية