صفحة جزء
وتمام الرباط أربعون يوما ، وهو لزوم الثغر للجهاد ، ولا يستحب نقل أهله إليه ، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل .


( وتمام الرباط أربعون يوما ) قاله أحمد ، وروي عن ابن عمر ، وأبي هريرة لما روى أبو الشيخ الأصبهاني مرفوعا تمام الرباط أربعون يوما ، وعن أبي هريرة مرفوعا من رابط أربعين يوما فقد استكمل الرباط . رواه سعيد .

وإن زاد فله أجره ، وأما أقله فقال المجد ، والآجري : ساعة . ونص أحمد على استحبابه ، وقال أيضا يوم رباط ، وليلة رباط ، وهو أفضل من المقام بمكة . ذكره الشيخ تقي الدين إجماعا ، والصلاة بها أفضل ، نص عليه ، وقال : إذا اختلف في شيء فانظر ما عليه أهل الثغر فإن الحق معهم ، وهل الجهاد أفضل من الرباط أم لا ؛ فيه وجهان ( وهو لزوم الثغر ) وكل مكان يخاف أهله من العدو . مأخوذ من رباط الخيل ( للجهاد ) وأفضله أشده خوفا ؛ لأنهم أحوج ، ومقامهم به أنفع ( ولا يستحب نقل أهله ) أي : الأبناء ، والذرية ( إليه ) لأنه مخوف . ولا يؤمن من ظفر العدو بمن فيه ، واستيلاؤهم على الأهل فتحصل به مفسدة عظيمة ( وقال [ ص: 313 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل ) رواه أحمد ، وأبو داود ، والنسائي من حديث عثمان - رضي الله عنه - ولأحمد عنه مرفوعا : جزء من ليلة في سبيل الله أفضل من ألف ليلة يقام ليلها ، ويصام نهارها .

تنبيه : تقدم أن أفضل الرباط المقام بأشد الثغور خوفا . قيل لأحمد : أين أحب إليك أن ينزل الرجل بأهله ؛ قال : مدينة تكون معقلا للمسلمين كأنطاكية ، والرملة ، ودمشق ، وقال أحمد - رضي الله عنه - : الشام أرض المحشر ، ودمشق موضع يجتمع إليه الناس إذا غلبت الروم .

قلت له : فالأحاديث أن الله - تعالى - تكفل لي بالشام فقال : ما أكثر ما جاء فيه . قيل له : إن هذا في الثغور ، فأنكره ، وقال : لا يزال أهل المغرب ظاهرين على الحق هم أهل الشام .

ويسمى الشام مغربا باعتبار العراق ، كما يسمى العراق مشرقا ، وفيه حديث مالك بن عامر عن معاذ رواه البخاري ، وعن أبي الدرداء مرفوعا قال : فسطاط المسلمين يوم الملحمة إلى جانب مدينة يقال لها : دمشق من خير مدائن الشام . رواه أبو داود .

التالي السابق


الخدمات العلمية