صفحة جزء
وتجب الهجرة على من يعجز عن إظهار دينه في دار الحرب وتستحب لمن قدر عليه .


( وتجب الهجرة على من يعجز عن إظهار دينه في دار الحرب ) وهي ما يغلب فيها حكم الكفر ، لقوله تعالى : إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم الآيات [ النساء : 98 ] ولقوله - صلى الله عليه وسلم - أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين . قالوا : يا رسول الله : ولم ؛ قال : لا تراءى ناراهما . رواه أبو داود [ ص: 314 ] والترمذي . ومعناه : لا يكون بموضع يرى نارهم ، ويرون ناره إذا أوقدت .

ولأن القيام بأمر الدين واجب على القادر ، والهجرة من ضرورة الواجب وتتمته ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب .

وشرطه أن يطيق ذلك ، صرح به في " المغني " و " الفروع " لقوله تعالى : إلا المستضعفين الآية [ النساء : 98 ] وألحق بعضهم بدار الحرب دار البغاة ، والبدعة كرفض واعتزال ، لا فرق بين الرجال والنساء ، ولو في العدة ، بلا راحلة ولا محرم . وفي " عيون المسائل " إن أمنت على نفسها من الفتنة في دينها ، لم تهاجر إلا بمحرم ، كالحج ، ومعناه في " منتهى الغاية " وزاد : إن أمكنها إظهار دينها ، وفي كلام المؤلف إشعار ببقاء حكم الهجرة ، وهو قول الجماهير إذ حكمها مستمر إلى يوم القيامة للأحاديث الواردة فيه .

وأما قوله : لا هجرة بعد الفتح ، وقد انقطعت الهجرة أي : لا هجرة من مكة بعد فتحها ؛ لأن الهجرة إليه ، لا منه .

( وتستحب لمن قدر عليه ) أي : على إظهار دينه ليتمكن من جهادهم ، ويكثر المسلمين ، ويعينهم ، ويتخلص من تكثير عدوهم ، والاختلاط بهم ، وقضية نعيم شاهدة بذلك . وذكر أبو الفرج : تجب . وأطلق في " المستوعب " : لا يسن لامرأة بلا رفقة ، من صلى لزمته الهجرة ، وأما العاجز عنها ، فاستحباب ، قاله في " المغني " و " الشرح " .

فرع : لا تجب الهجرة من بين أهل المعاصي ، لكن روي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى : إن أرضي واسعة [ العنكبوت : 56 ] أن المعنى [ ص: 315 ] إذا عمل بالمعاصي في أرض فاخرجوا منها ، قاله عطاء ، ويرده ظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم - من رأى منكم منكرا فليغيره بيده . . . . الحديث .

التالي السابق


الخدمات العلمية