صفحة جزء
ومن استؤجر للجهاد ممن لا يلزمه من العبيد والكفار ، فليس له إلا الأجرة .


( ومن استؤجر للجهاد ممن لا يلزمه من العبيد والكفار ، فليس له إلا الأجرة ) . وهو قول القاضي ؛ لأن غزوه بعوض فكأنه واقع من غيره فلا يستحق غير ما ذكر . وظاهره صحة إجارتهم ، وهو رواية ؛ لأنه لا يتعين عليهم بحضورهم لأنهم ليسوا من أهله ، فصحت كغيره من العمل ، والأشهر أنها لا تصح كالصلاة ، ومقتضاه أن من يلزمه كالرجل الحر لا يصح استئجاره عليه كالحج ، ونص في رواية جماعة على صحتها مطلقا ، وهو قول الخرقي ، لما روى جبير بن نفير مرفوعا قال : مثل الذين يغزون من أمتي ويأخذون الجعل يتقوون به على عدوهم ، مثل [ ص: 371 ] أم موسى ترضع ولدها وتأخذ أجره . رواه سعيد ، ولأنه لا يختص فاعله أن يكون من أهل القرب ، بدليل صحته من الكافر ، فصح الاستئجار عليه ، كبناء المسجد ، ومقتضى اختيار الشيخين صحة الاستئجار ، وإن لزمه إلا أن يتعين عليه ، فلا يصح ، وعليه حمل المؤلف كلام الخرقي . فإن قلنا : لا يصح ، فهي كالمعدومة فيستحق الأجير السهم ، وإن قلنا بصحتها ، فهل يسهم له ؛ وفيه روايتان إحداهما - وهي اختيار الخرقي - : لا سهم له لقوله - عليه السلام - لأجير يعلى بن أمية ما أجد له في غزوته هذه في الدنيا والآخرة إلا دنانيره التي سمى . رواه أبو داود .

والثانية - وهي اختيار الخلال وصاحبه - أنه يسهم له ؛ لأنه حضر الوقعة ، وهو من أهل القتال ، فيسهم له ، كغيره .

تنبيه : إذا استؤجر بعد أن غنموا على حفظها فله الأجرة مع سهمه ، ولا يركب منها دابة إلا بشرط ، ومثله الغزاة الذين يدفع إليهم من الفيء أي : لهم السهم ؛ لأن ذلك حق جعله الله لهم ، لا أنه عوض عن الغزو ، فكذا من يعطى له من صدقة ؛ لأنه يعطاه معونة ، لا عوضا أو دفع إليه ما يعينه به ، فلزمه الثواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية