صفحة جزء
ومن وطئ جارية من المغنم ممن له فيها حق ، أو لولده ؛ أدب ، ولم يبلغ به الحد ، وعليه مهرها إلا أن تلد منه ، فيكون عليه قيمتها ، وتصير أم ولد له والولد حر ثابت النسب . ومن أعتق منهم عبدا ، عتق عليه قدر حقه ، وقوم عليه باقيه إن كان موسرا ، وكذلك إن كان فيهم من يعتق عليه .


( ومن وطئ جارية من المغنم ممن له فيها حق ، أو لولده ، أدب ) لأنه وطء حرام ، لكونه في ملك مشترك . ( ولم يبلغ به الحد ) لأن له في الغنيمة ملكا أو شبهة ملك فيدرأ عنه الحد للشبهة ( وعليه مهرها ) لأنها ليست مملوكة له ، أشبه وطء أمة الغير ؛ وحينئذ فيطرح في المغنم . وقال القاضي : يسقط عنه من المهر قدر حصته كالجارية المشتركة ، ورد بأنه لما كان مقدار حقه يعسر العلم به ، ولا ضرر عليه بوضع المهر من الغنيمة ، فيعود إليه حقه . لم يعتبر الإسقاط ( إلا أن تلد منه فيكون عليه قيمتها ) لأنه فوتها على الغانمين ؛ فلزمه قيمتها كما لو أتلفها ، وحينئذ تطرح في الغنيمة . فإن كان معسرا ، كانت في ذمته ، وقال القاضي : يحتسب قدر حصته من الغنيمة ، وتصير أم ولد ، وباقيها رقيق للغانمين ؛ لأنه إنما ثبت بالسراية إلى ملك غيره ، فلم يسر في حق المعسر كالإعتاق ، ورد بأنه استيلاد صير بعضها أم ولد ، فيجعل جميعها كذلك ، كاستيلاد جارية ابنه ، وهو أقوى من العتق ، لكونه فعلا ، وينفذ من المجنون . وظاهره أنه لا يلزمه قيمة الولد ؛ لأنه ملكها حين علقت فلم يثبت للغانمين فيه ملك ، وعنه : يلزمه قيمته حين وضعه تطرح في الغنيمة ؛ لأنه فوت رقه ، أشبه ولد المغرور . وقال القاضي : إذا صار نصفها أم ولد يكون الولد كله حرا ، وعليه قيمة نصفه . ( وتصير أم ولد له ) في الحال ؛ لأنه وطء يلحق به النسب ، لشبهة الملك ، كجارية ابنه [ ص: 374 ] ( والولد حر ) لأنه من وطء في ملك أو شبهة ( ثابت النسب ) لأنه وطء سقط فيه الحد لشبهة الملك فيلحق فيه النسب . وظاهره أنه لا مهر عليه حينئذ في رواية ، وهو مبني على أن المهر هل يجب بمجرد الإيلاج ، أو بالنزع ، وهو تمامه ؛ لأنه إنما تم وهي ملك له ، قاله الزركشي .

( ومن أعتق منهم عبدا ، عتق عليه قدر حقه ، وقوم عليه باقيه إن كان موسرا ، وكذلك إن كان فيهم من يعتق عليه ) وجملته أن الغانم إذا أعتق رقيقا من المغنم ، أو كان فيهم من يعتق عليه ، عتق كله ؛ لأن ملكه ثبت عليه في شركة الغانمين باستيلائهم عليه . أشبه المملوك بالإرث ، فيعتق جميعه إن كان حقه منها لا ينقص أو بقدر حقه إن نقص ، ثم الزائد على حقه إن كان موسرا عتق عليه وضمنه ؛ وإلا بقي رقيقا بحاله على المنصوص . وقال القاضي وابن أبي موسى : لا يعتق ؛ لأن ملكه لا يتعين فيه لجواز أن يحصل له بالقسمة غيره ، وفي " المحرر " وعندي إن كانت جنسا واحدا ، فكالمنصوص ، وإن كانت أجناسا فكقول القاضي ؛ لأن المعتق في الجنس الواحد يصير كالحر المشاع ، وفي الأجناس لم يتعين حقه في شيء بعيد ، وفيه نظر ؛ لأنها قبل القسمة حق كل واحد من الغانمين مشاع في كل جنس ، فالعتق يصادفه ، فيعتق عليه ، والباقي بالسراية . وفي " البلغة " فيمن يعتق عليه روايات ، الثالثة : موقوف ، إن تعين سهمه في الرقيق عتق ، وإلا فلا . وظاهره لا فرق في المعتق أن يكون رجلا أو امرأة ، أو صبيا . وصرح في " المغني " و " الشرح " بأن الغانم إذا أعتق رجلا منها لا يعتق ؛ لأنه لا يصير رقيقا بنفس السبي كالنساء ، والصبيان .

التالي السابق


الخدمات العلمية