صفحة جزء
فصل .

وإن اتجر ذمي إلى غير بلده ، ثم عاد ، فعليه نصف العشر وإن اتجر حربي إلينا ، أخذ منه العشر ، ولا يؤخذ من أقل من عشرة دنانير ، ويؤخذ كل عام مرة ، وقال ابن حامد : يؤخذ من الحربي كلما دخل إلينا .


فصل ( وإن اتجر ذمي إلى غير بلده ) لبيع أو شراء ( ثم عاد فعليه ) في تجارته ( نصف العشر ) على المذهب لما روى أنس قال : أمرني عمر أن آخذ من المسلم ربع العشر ، ومن أهل الذمة نصف العشر . رواه أحمد ، وروى أبو عبيد أن عمر بعث عثمان بن حنيف إلى الكوفة فجعل على أهل الذمة في أموالهم التي يختلفون فيها في كل عشرين درهما درهما ، وهذا كان بالعراق واشتهر ، وعمل به ، ولم ينكر ، فكان كالإجماع . وعنه : يلزمهم العشر ، جزم به في " الواضح " . وظاهره ولو كانت امرأة ، وهو أحد الوجهين قدمه في " المحرر " ؛ لأنه حق واجب فاستويا فيه كالزكاة ، وقال القاضي : لا عشر عليها ؛ لأنها محقونة الدم ، لها المقام في دار الإسلام بغير جزية ، فلم تعشر تجارتها ، كالمسلم ، إلا أن تكون تجارتها بالحجاز ، فتعشر كالرجل ، ورده المؤلف بأن هذا لا يعرف عن أحمد ، ولا يقتضيه مذهبه ، وعنه : يلزم التغلبي ، جزم به في " الترغيب " وتؤخذ منه ضعف ما تؤخذ من أهل الذمة ، وقدم في " المحرر " : لا شيء عليه ؛ لأن نصف العشر وجب في أموالهم بالشرط فلا تؤخذ مرة أخرى كسائر أهل الذمة . وظاهره أنه لا شيء عليه في غير مال التجارة ، فلو مر بالعاشر منهم منتقل معه أمواله وسائمته ، فلا شيء عليه نص عليه ، إلا أن تكون الماشية للتجارة فتؤخذ منها .

[ ص: 427 ] ( وإن اتجر حربي إلينا ، أخذ منه العشر ) لأن عمر أخذ من أهل الحرب العشر ، واشتهر ، ولم ينكر ، وعمل به الخلفاء بعده ، وقيل : نصفه ، وكذا حكم المستأمن إذا اتجر إلى بلد الإسلام . ( ولا يؤخذ من أقل من عشرة دنانير ) نص عليه ، وهو اختيار المعظم ؛ لأنه مال يجب فيه حق بالشرع ، فاعتبر له النصاب كزكاة الزرع ، ثم بين مقداره وهو عشرة ؛ لأن ذلك مال يبلغ واجبه نصف دينار ، فوجب كالعشر في حق المسلم ، وعنه : نصابه عشرون دينارا ؛ لأن الزكاة لا تجب في أقل منها فلم يجب على الذمي شيء كاليسير . وقيل : يؤخذ منه وإن قل . ونقل صالح : العشرون للذمي ، والعشرة للحربي ؛ لأنه أولا أقل مال له نصف عشر صحيح ، وثانيا أقل مال له عشر صحيح ، فوجب أن لا ينقص عنهما كالجزية . وقال أبو الحسين : يعتبر للذمي عشرة ، وللحربي خمسة .

فرع : يمنع الدين أخذه كالزكاة إن ثبت ببينة ، وفي تصديقه بجارية مر بها بأنها بنته أو أهله روايتان ، وفي " الروضة " لا عشر عن زوجته وسريته . ( ويؤخذ كل عام مرة ) نص عليه ، لما روي أن نصرانيا جاء إلى عمر فقال : إن عاملك عشرني في السنة مرتين . قال : ومن أنت ؛ قال : أنا الشيخ النصراني . فقال عمر : وأنا الشيخ الحنيف ، ثم كتب إلى عامله : أن لا يعشر في السنة إلا مرة . رواه أحمد ، ولأن الجزية والزكاة إنما تؤخذ في السنة مرة ، فكذا هذا ، وذكر ابن هبيرة عنه : ما لم يشرط أكثر . وفي " الواضح " : الخمس ، وذكر المؤلف : للإمام تركه إذا رأى المصلحة فيه ( وقال ابن حامد ) والآمدي ( يؤخذ من الحربي كلما دخل إلينا ) لأن سببه الدخول إلينا ، والشيء يتكرر بتكرر سببه ، وقال [ ص: 428 ] القاضي : لا يؤخذ منه شيء من ميرة محتاج إليها ؛ لأن في دخولهم نفعا للمسلمين .

تنبيه : يستثنى من أموال التجارة ثمن الخمر والخنزير ، فإنه لا يؤخذ عشره ؛ لأنه ليس بمال في حقنا . ونقل الميموني : بلى . جزم به في " الروضة " و " الغنية " وأنه يؤخذ عشر ثمنه في زمن عمر . رواه أبو عبيد ، وجود أحمد إسناده ، وقال ابن حامد : ويتخرج تعشير ثمن الخمر دون الخنزير ؛ لأن الخمرة مباحة في سائر الشرائع غير الإسلام ، وذكر القاضي في شرحه الصغير : الذمي غير التغلبي تؤخذ منه الجزية ، وفى غيرها روايتان .

إحداهما : لا شيء عليهم غيرها ، اختاره شيخنا ، والثانية : عليهم نصف العشر في أموالهم ، وعلى ذلك هل تختص بالأموال التي يتجرون فيها إلى غير بلدنا ؛ على روايتين إحداهما : تختص بها .

والثانية : تجب في ذلك ، وفيما لم يتجروا به من أموالهم وثمارهم ، ومواشيهم . قال : وأهل الحرب إذا دخلوا إلينا بأمان أخذ منهم العشر دفعة واحدة سواء عشروا أموال المسلمين إذا دخلت إليهم أم لا . وعنه : إن فعلوا ذلك بالمسلمين ، فعل بهم ، وإلا فلا .

التالي السابق


الخدمات العلمية