صفحة جزء
فصل : الخامس : أن يكون مقدورا على تسليمه ، فلا يجوز بيع الآبق ولا الشارد ولا الطير في الهواء . . . ولا السمك في الماء ولا المغصوب إلا من غاصبه ، أو من يقدر على أخذه .


فصل

( الخامس : أن يكون مقدورا على تسليمه ) لأن ما لا يقدر على تسليمه شبيه بالمعدوم ، والمعدوم لا يصح بيعه ، فكذا ما أشبهه ( فلا يجوز بيع الآبق ، ولا الشارد ) لما روى مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعا أنه نهى عن بيع الغرر ، وفسره القاضي وجماعة ما تردد بين أمرين ليس أحدهما أظهر ، والآبق كذلك ؛ لأنه متردد بين الحصول وعدمه مع أن فيه نهيا خاصا ، رواه أحمد ، عن أبي سعيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن شراء العبد وهو آبق وظاهره لا فرق بين أن يعلم خبره أم لا ( ولا الطير في الهواء ) لأنه بيع غرر ، وظاهره ، ولو كان يألف الرجوع ؛ لأنه غير مقدور عليه ، فلم يجز لفوات شرطه وقيل يجوز ، واختاره في " الفنون " ، وأنه قول الجماعة ، وأنكره من لم يحقق فإن أمكن أخذه وبابه مغلق جاز ، ذكره في " المغني " و " الشرح " إناطة بالقدرة على التسليم ، وشرط القاضي مع ذلك أخذه بسهولة فإن لم يمكن إلا بتعب ومشقة لم يجز لعجزه في الحال ، [ ص: 24 ] والجهل بوقت تسليمه ، ويرد عليه الغائب البعيد الذي لا يمكن إحضاره إلا بمشقة ، فإنه يجوز ويفرق بينهما بأن البعيد تعلم الكلفة التي يحتاج إليها في إحضاره بالعادة ، وتأخير تسليمه مدته معلومة ( ولا السمك في الماء ) لما روى أحمد عن ابن مسعود مرفوعا لا تشتروا السمك في الماء فإنه غرر قال البيهقي : فيه انقطاع ، والمراد به إذا كان في الآجام فلو كان في بركة معدا للصيد وعرف برؤية لصفاء الماء فيها وأمكن اصطياده ، صح بيعه ؛ لأنه معلوم ممكن تسليمه ، أشبه الموضوع في طست ، نعم ؛ إن كان في أخذه كلفة ومشقة خرج فيه الخلاف السابق مع أنه ذكر في " المغني " و " الشرح " أن البركة إذا كانت كبيرة وتطاولت المدة في أخذه أنه لا يجوز بيعه للجهل بوقت إمكان التسليم ( ولا المغصوب ) لأنه لا يقدر على تسليمه ( إلا من غاصبه ) لأن المانع منه معدوم هنا ، وعلى الأصح ( أو من يقدر على أخذه ) لعدم الغرر ولإمكان قبضه ، وعنه : يصح بيع آبق لقادر على تحصيله ، ذكره في " المغني " و " الشرح " وحكاه القاضي في موضع ، والأشهر المنع فإن عجز عن استنقاذه فله الفسخ ؛ لأنه إنما صح لظن القدرة على التحصيل .

التالي السابق


الخدمات العلمية