صفحة جزء
فصل في تفريق الصفقة وهو أن يجمع بين ما يجوز بيعه وما لا يجوز بيعه وله ثلاث صور : أحدها : باع معلوما ومجهولا ؛ فلا يصح .

الثانية : باع . . . . مشاعا بينه وبين غيره كعبد مشترك بينهما ، أو ما ينقسم عليه الثمن بالأجزاء كقفيزين متساويين لهما ، فيصح في نصيبه بقسطه في الصحيح من المذهب ، وللمشتري الخيار إن لم يكن عالما .

الثالثة : باع عبده وعبد غيره بغير إذنه ، أو عبدا وحرا ، أو خلا وخمرا ففيه روايتان أولاهما : لا يصح ، والأخرى : يصح في عبده وفي الخل ، . . . بقسطه ، وإن باع عبده وعبد غيره بإذنه بثمن واحد فهل يصح ؛ على وجهين ، إن جمع بين بيع وإجارة ، أو بيع وصرف ؛ صح فيهما ويقسط العوض عليهما في أحد الوجهين . . . . وإن جمع بين كتابة وبيع فكاتب عبده وباعه شيئا صفقة واحدة ؛ بطل البيع ، وفي الكتابة وجهان .


فصل في تفريق الصفقة .

الصفقة : المرة من صفق له بالبيعة ، والبيع : ضرب بيده على يده وهي عقد البيع ؛ لأن المتبايعين يفعلان ذلك ومعنى تفريقها أي : تفريق ما اشتراه في عقد واحد ( وهو أن يجمع بين ما يجوز بيعه ، وما لا يجوز وله ثلاث صور ؛ أحدها : باع معلوما ومجهولا ) يتعذر علمه ( فلا يصح ) بغير خلاف نعلمه ؛ لأن ما بعضه مجهولا يكون كله كذلك ، إذ الثمن ينقسم على المبيع بالقيمة ، والمجهول لا يمكن تقويمه ، فلا طريق إلى معرفة ثمن المعلوم ، فلو قال : كل منهما بكذا فوجهان بناء على أن علة المنع اتحاد الصفقة ، أو جهالة الثمن في الحال قلت : وكذا إذا باعه بمائة ورطل خمر فسد ؛ لأن الخمر لا قيمة لها في حقنا اتفاقا ، وما لا قيمة له لا ينقسم عليه البدل بل يبقى العقد بالمائة ويبقى الرطل شرطا فاسدا ، وفي " الانتصار " يتخرج صحة العقد فقط على رواية ( الثانية : باع [ ص: 39 ] مشاعا بينه وبين غيره كعبد مشترك بينهما ، أو ما ينقسم عليه الثمن بالأجزاء كقفيزين متساويين لهما ، فيصح في نصيبه بقسطه ) من الثمن ؛ لأنه لا يلزم منه جهالة في الثمن لانقسامه هنا على الأجزاء ( في الصحيح من المذهب ) وهو قول الأكثر لكون الثمن معلوما وبه يظهر الفرق بينها وبين الصورة الأولى .

والثانية : لا تصح ؛ لأن الصفقة جمعت حراما وحلالا فغلب الحرام ، ولأنه إذا لم يمكن تصحيحهما في جميع العقود بطلت في الكل كالجمع بين الأختين ، وجوابه أن كل واحد منهما له حكم عند الانفراد ، فكذا عند الاجتماع ، وفي " الشرح " هما وجهان بناء على نص أحمد فيمن تزوج حرة وأمة في عقد واحد هل يفسد فيهما ، أو يصح في الحرة ؛ وليس كذلك بل هما منصوصتان عن أحمد هنا ، كما نقله المعظم ( وللمشتري الخيار ) بين الفسخ والإمساك ( إذا لم يكن عالما ) لأن الشركة عيب ولهذا تثبت الشفعة في المبيع خوفا من سوء المشاركة ، وفي " المغني " له الأرش إن لم يكن عالما وأمسك فيما ينقص بالتفريق ، وظاهره أنه إذا كان عالما لا خيار له ؛ لأن إقدامه عليه مع العلم به دليل على الرضى ، ولا للبائع أيضا مطلقا ؛ لأنه رضي بزوال ملكه عما يجوز بيعه بقسطه ( الثالثة : باع عبده وعبد غيره بغير إذنه ، أو عبدا وحرا ، أو خلا وخمرا ففيه روايتان ) وكذا في " الكافي " ( أولاهما لا تصح ) جزم به في " الوجيز " ، وصححه في " المغني " و " الشرح " ؛ لأن الصفقة جمعت حلالا وحراما فغلب ، ولأن الثمن مجهول لكونه إنما يعلم بالتقسيط على القيمة ، وهو مجهول في الحال ، فلم يصح كالرقم المجهول ( والأخرى يصح في عبده ، وفي الخل ) في ظاهر المذهب ؛ لأن كل واحد منهما له حكم مفرد ، فإذا اجتمعا بقيا على حكمهما ، [ ص: 40 ] كما لو باع شقصا وسيفا ( بقسطه ) لأن ذلك هو الذي يقابله ، وقيل : يصح بالثمن ، والأشهر الأول ، والخمر قيل : تقدر خلا كالحر عبدا ، وقيل : قيمتها عند من لها قيمة عنده ، وعند صاحب " الترغيب " وغيره إن علما بالخمر لم يصح ، وعلى الأول لمشتر الخيار ( وإن باع عبده وعبد غيره بإذنه بثمن واحد فهل يصح ؛ على وجهين ) أحدهما : لا يصح جزم به في " الوجيز " ؛ لأن كل واحد منهما مبيع بقسطه من الثمن ، وهو مجهول بخلاف ما إذا كانا لرجل واحد ، فإن جملة المبيع تقابل جملة الثمن تقسيط ، والعبد المشترك ينقسم عليه الثمن بالأجزاء فلا جهالة ، والثاني : يصح ، وهو المنصوص ، وهو المذهب وقدمه في " المحرر " و " الفروع " ؛ لأن جملة الثمن معلومة فصح ، كما لو كانا لواحد فعليه يقسط على قدر القيمة ، ومثله بيع عبديه لاثنين بثمن واحد لكل منهما عبدا واشتراهما منهما ، وفيها في " المنتخب " وجه على عددهما فيتوجه في غيرها ، ومثلها في الإجارة ، ذكره في " الفروع " ( وإن جمع ) بعوض واحد ( بين بيع وإجارة ، أو بيع وصرف ، صح فيهما ) نص عليه ، وهو المذهب ، لأنهما عينان يجوز أخذ العوض عنهما منفردين ، فجاز أخذه عنهما مجتمعين كالعبدين ، واختلاف حكمهما لا يمنع الصحة ، كما لو جمع بين ما فيه شفعة ، وما لا شفعة فيه ( ويقسط العوض عليهما في أحد الوجهين ) لما ذكرنا ، والثاني : لا يصح ؛ لأن حكمهما مختلف ، وليس أحدهما أولى من الآخر فيبطل فيهما ، فإن المبيع فيه خيار ، ولا يشترط فيه التقابض في المجلس ، ولا ينفسخ العقد بتلف البيع ، والصرف بخلافه ، فلو جمع بين بيع وخلع ؛ صح ، نص عليه ، وكذا إذا جمع بين نكاح وبيع ، فيصح النكاح في الأصح ؛ لأنه لا يفسد بفساد العوض .

[ ص: 41 ] وفي البيع وجهان ( وإن جمع بين كتابة وبيع ، فكاتب عبده وباعه شيئا صفقة واحدة بطل البيع ) في الأصح ، وذكره في " الشرح " وجها واحدا ؛ لأنه باع ماله لعبده القن ؛ فلم يصح ، كما لو باعه ( وفي الكتابة وجهان ) كذا في " المحرر " و " الفروع " أحدهما : يبطل ، جزم به في " الوجيز " ؛ لأنه بطل في بعضه فبطل في كله كما تقدم ، والثاني : يصح ؛ لأن البطلان وجد في البيع فاختص به ، وقيل : نصه صحة البيع ، والكتابة ويقسط العوض على قيمتهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية