صفحة جزء
الثالث : أن يشترط شرطا يعلق البيع كقوله : بعتك إن جئتني بكذا ، أو إن رضي فلان ، أو يقول للمرتهن : إن جئتك بحقك في محله ، وإلا فالرهن لك ، فلا يصح البيع ، ولا الشرط في الرهن إلا بيع العربون ، وهو أن يشتري شيئا ويعطي البائع درهما ، ويقول : إن أخذته ، وإلا فالدرهم لك ، فقال أحمد رضي الله عنه : يصح ؛ لأن عمر فعله ، وعند أبي الخطاب لا يصح وإن قال : بعتك على أن تنقدني الثمن إلى ثلاث ، وإلا فلا بيع بيننا ، فالبيع صحيح ، نص عليه ، وإن باعه وشرط البراءة من كل عيب لم يبرأ ، وعنه : يبرأ إلا أن يكون البائع علم العيب فكتمه .


( الثالث : أن يشترط شرطا يعلق البيع كقوله : بعتك إن جئتني بكذا ، أو إن رضي فلان ) فالمذهب أنهما لا يصحان ؛ لأن مقتضى البيع نقل الملك حال التبايع ، والشرط هنا يمنعه ، وعنه : صحة عقده لما تقدم ، وعنه : صحتهما اختاره الشيخ تقي الدين في كل العقود التي لم تخالف الشرع ؛ لأن إطلاق الاسم يتناول المنجز والمعلق والصريح والكناية كالنذر ، ويستثنى على الأول : بعت ، أو قبلت إن شاء الله ( أو يقول للمرتهن : إن جئتك بحقك في محله ، وإلا فالرهن لك ، فلا يصح البيع ولا الشرط في الرهن ) لقوله عليه السلام : لا يغلق الرهن من صاحبه رواه الأثرم ، وفسره أحمد بذلك ، وحكاه ابن المنذر عن جماعة من العلماء ، ولأنه علقه على شرط مستقبل كالأولى ، وفيه الخلاف المتقدم ( إلا بيع العربون ، وهو أن يشتري شيئا ) بثمن معلوم ( ويعطي البائع درهما ) أو أكثر ( ويقول : إن أخذته ) احتسب به من الثمن ( وإلا ) أي : وإن لم آخذه ( فالدرهم لك فقال أحمد : يصح ؛ لأن عمر فعله ) لما روى نافع بن عبد الحارث أنه اشترى لعمر دار السجن من صفوان ، فإن رضي عمر ، وإلا له كذا وكذا ، فلو دفع إليه درهما قبل البيع ، وقال : لا تبعه لغيري ، وإن لم أشترها منك فهو لك ، ثم عقد وحسب من الثمن جاز ، وحمل في " الشرح " فعل عمر عليه جمعا بين فعله والخبر وموافقة القياس ( وعند أبي الخطاب لا يصح ) لنهيه عليه السلام عن بيعه .

[ ص: 60 ] رواه ابن ماجه ، ولأنه شرط للبائع شيئا بغير عوض ؛ فلم يصح ، كما لو شرطه لأجنبي ، ولأنه بمنزلة الخيار المجهول ، وفي " المغني " هذا هو القياس .

مسائل : الأولى : حكم إجارته كالبيع ، ذكره في " الوجيز " و " الفروع " .

الثانية : مقارنة الشرط ، ذكره في " الانتصار " ويأتي في النكاح .

الثالثة : يصح تعليق فسخ بشرط ، واختار أبو الخطاب ، والمؤلف لا . قال في " الرعاية " : فيما إذا آجره كل شهر بدرهم إذا مضى شهر ، فقد فسختها أنه يصح كتعليق الخلع ، وهو فسخ على الأصح .

الرابعة : إذا صححنا العقد دون الشرط فلمن فات غرضه منهما ، وقيل : للجاهل - فساد الشرط - الفسخ ؛ لأنه لم يسلم له ما عقد عليه ، أو أرش نقص الثمن بإلغائه كالمعيب ، وقيل : لا أرش ، وذكره الشيخ تقي الدين ، ظاهر المذهب .

( وإن قال : بعتك على أن تنقدني الثمن إلى ثلاث ) زاد في " الشرح " أو مدة معلومة ( وإلا فلا بيع بيننا فالبيع صحيح ، نص عليه ) وهو قول عمر ، واختاره جمع وخصه بالثلاث ؛ لأنه علق رفع العقد بأمر يحدث في مدة الخيار فجاز ، كما لو شرط الخيار ، ولأنه نوع بيع ، فجاز أن يفسخ بتأخر القبض كالصرف ، فإذا لم ينعقد في المدة انفسخ العقد ، وقيل : يبطل بفواته .

( وإن باعه ، وشرط البراءة من كل عيب ) أو من عيب كذا إن كان به ( لم يبرأ ) في ظاهر المذهب ؛ لأنه خيار يثبت بعد العقد ، فلا يسقط قبله كالشفعة [ ص: 61 ] ذكره أبو الخطاب وجمع ، أو لأنه شرط يرتفق به أحد العاقدين ، فلا يصح شرطه كالأجل المجهول ( وعنه : يبرأ إلا أن يكون البائع علم العيب فكتمه ) ومعناه أنه يبرأ مع الجهل لا العلم به ، لأن عبد الله بن عمر باع عبدا من زيد بن ثابت بثمانمائة درهم بشرط البراءة ، فأصاب به زيد عيبا فأراد رده على ابن عمر ، فلم يقبله فترافعا إلى عثمان فقال عثمان لابن عمر أتحلف أنك لم تعلم بهذا العيب ؛ فقال لا ، فرده عليه ، ثم باعه ابن عمر بألف درهم رواه أحمد ، وهذه قضية اشتهرت ، ولم تنكر فكانت كالإجماع ، ونقل ابن هانئ إن عينه صح ، ومعناه نقل ابن القاسم وغيره لا يبرأ إلا أن يخبره بالعيوب كلها ؛ لأنه مرفق في البيع كالخيار ، وعنه : يبرأ مطلقا قال في " الانتصار " : وهو الأشبه بأصولنا كبراءة من مجهول ، وحيث قيل بفساد الشرط فالعقد صحيح على المذهب ، وفيه رواية ، فإن سمى العيب وأبرأه منه ؛ صح .

التالي السابق


الخدمات العلمية