صفحة جزء
والثالثة : المسترسل إذا غبن الغبن المذكور وعنه : أن النجش وتلقي الركبان باطلان .


( الثالثة : المسترسل ) وهو اسم فاعل من استرسل إذا اطمأن واستأنس لغة ، وفسره الإمام أحمد بأنه لا يحسن يماكس ، وذكر الشيخان والجد : هو الجاهل بقيمة المبيع ، زاد في " المغني " و " الشرح " ولا يحسن المبايعة ( إذا غبن الغبن المذكور ) على الأصح ؛ لأنه حصل لجهله بالبيع فثبت له الخيار ، كما سبق ، وقيل : يقع لازما ؛ لأن النقصان لا يمنع لزوم العقد كالغبن اليسير ، وظاهره أن غير المسترسل لا خيار له ؛ لأنه دخل على بصيرة بالغبن كالعالم بالعيب وكالمستعجل ، وفي المذهب يثبت إذا جهلها ، وعنه : ولمسترسل مع البائع لم يماكسه ، اختاره الشيخ تقي الدين ، وذكره المذهب قال أحمد : اشتر وماكس قال : والمساومة أسهل من المرابحة ؛ لأنه أمانة ، ولا يأمن الهوى .

فرع : حكم الإجارة كالبيع ، ذكره في شرح " الهداية " عن القاضي ، فإن فسخ في أثنائها رجع عليه بالقسط من أجرة المثل لا من المسمى ، وذكر الشيخ تقي الدين أنه إذا دلس مستأجر على مؤجر وغره حتى استأجره بدون القيمة ، [ ص: 80 ] فله أجرة المثل قال : ويحرم تغرير مشتر بأن يسومه كثيرا ليبذل قريبه .

مسألة : خيار الغبن فيه وجهان في الفورية وعدمها هما مبنيان على الروايتين في خيار العيب ، وهل للإمام جعل علامة تنفي الغبن عمن يغبن كثيرا ؛ فيه احتمالان .

ومن قال عند العقد لا خلابة فله الخيار إذا خلب ، وقال المؤلف : لا .

( وعنه : أن النجش وتلقي الركبان باطلان ) أما الأول : فلما روى ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن النجش وعن أبي هريرة مرفوعا لا تناجشوا متفق عليهما ، وهو خديعة ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : الخديعة في النار وإذا كان منهيا عنه كان باطلا تغليبا لحق الله تعالى في النهي ، وفي " المغني " و " الشرح " أنه اختيار أبي بكر ، وصرح في التنبيه : بأنه لا يجوز ، وقيل : إن نجش البائع أو واطأ على ذلك بطل ، قدمه في " المحرر " ، وصححه ابن حمدان ، وخرجه صاحب " التلخيص " من قول أبي بكر في إبطال البيع بتدليس العيب ، ولأن البائع أحد ركني العقد فارتكابه النهي يفسد البيع بخلاف الأجنبي ، وأما ثانيا فاختاره أبو بكر لما روى ابن عباس قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن تلقي الركبان ، ولا يبيع حاضر لباد متفق عليه ؛ لأن النهي يدل على الفساد كبيع الحاضر ، وجوابه بأن بيع الحاضر للبادي لا يمكن استدراكه ؛ لأن الضرر ليس عليه إنما هو على المسلمين بخلاف التلقي ، فإن الضرر عليهم فأمكن تداركه بثبوت الخيار لهم ، فلا حاجة إلى الإبطال .

التالي السابق


الخدمات العلمية