صفحة جزء
فصل

الخامس : خيار العيب ، وهو النقص كالمرض وذهاب جارحة أو سن أو زيادتها ونحو ذلك ، وعيوب الرقيق من فعله كالزنى والسرقة والإباق والبول في الفراش إذا كان من مميز ، فمن اشترى معيبا لم يعلم عيبه فله الخيار بين الرد والإمساك مع الأرش ، وهو قسط ما بين قيمة الصحيح والمعيب من الثمن ، وما كسب فهو للمشتري ، وكذلك نماؤه المنفصل ، وعنه : لا يرده إلا مع نمائه ، ووطء الثيب لا يمنع الرد ، وعنه : يمنع وإن وطئ البكر أو تعيبت عنده فله الأرش ، وعنه : أنه مخير بين الأرش وبين رده ، وأرش العيب الحادث عنده ويأخذ الثمن ، قال الخرقي : إلا أن يكون البائع قد دلس العيب فيلزمه رد الثمن كاملا ، قال القاضي : ولو تلف المبيع عنده ، ثم علم أن البائع دلس العيب رجع بالثمن كله ، نص عليه في رواية حنبل ، ويحتمل أن يلزمه عوض العين إذا تلفت ، وأرش البكر إذا وطئها لقوله عليه السلام : " الخراج بالضمان " وكما يجب عوض لبن المصراة على المشتري وإن أعتق العبد ، أو تلف المبيع رجع بأرشه ، وكذلك إن عالم بعيبه ، نص عليه ، وكذلك إن وهبه ، وإن فعله عالما بعيبه ، فلا شيء له ، وذكر أبو الخطاب رواية أخرى فيمن باعه ليس له شيء إلا أن يرد عليه المبيع فيكون له حينئذ الرد أو الأرش ، وإن باع بعضه فله أرش الباقي ، وفي أرش المبيع الروايتان ، وقال الخرقي : له رد ملكه منه بقسطه من الثمن ، وأرش العيب بقدر ملكه فيه ، وإن صبغه ، أو نسجه فله الأرش ، وعنه : له الرد ، ويكون شريكا بصبغه ونسجه ، وإن اشترى ما مأكوله في جوفه فكسره فوجده فاسدا ، فإن لم يكن له مكسورا قيمة كبيض الدجاج رجع بالثمن كله ، وإن كان له مكسورا قيمة كبيض النعام وجوز الهند فله أرشه ، وعنه : يتخير بين أرشه ، وبين رده ورد ما نقصه وأخذ الثمن ، وعنه : ليس له رد ولا أرش في ذلك كله ، ومن علم العيب وأخر الرد لم يبطل خياره إلا أن يوجد منه ما يدل على الرضى من التصرف ونحوه ، وعنه : أنه على الفور ، ولا يفتقر الرد إلى رضى ولا قضاء ولا حضور صاحبه ، وإن اشترى اثنان شيئا ، وشرطا الخيار ، أو وجداه معيبا فرضي أحدهما فللآخر الفسخ في نصيبه ، وعنه : ليس له ذلك ، وإن اشترى واحد معيبين صفقة واحدة فليس له إلا ردهما أو إمساكهما ، فإن تلف أحدهما : فله رد الباقي بقسطه ، والقول في قيمة التالف قوله مع يمينه ، وإن كان أحدهما معيبا فله رده بقسطه من الثمن ، وعنه : لا يجوز له إلا ردهما أو إمساكهما ، وإن كان المبيع مما ينقصه التفريق كمصراعي باب وزوجي خف ، أو من يحرم التفريق بينهما كجارية وولدها فليس له رد أحدهما وإن اختلفا بالعيب ، هل كان عند البائع أو حدث عند المشتري ففي أيهما يقبل قوله ؛ روايتان إلا أن يحتمل إلا قول أحدهما ، فالقول قوله بغير يمين ، ومن باع عبدا تلزمه عقوبة من قصاص ، أو غيره يعلم المشتري ذلك فلا شيء له ، وإن علم بعد البيع فله الرد أو الأرش ، فإن لم يعلم حتى قتل فله الأرش ، وإن كانت الجناية موجبة للمال ، والسيد معسر قدم حق المجني عليه ، وللمشتري الخيار إذا لم يكن عالما ، وإن كان السيد موسرا تعلق الأرش بذمته ، والبيع لازم .


فصل

( الخامس : خيار العيب ، وهو النقص ) أي : ما نقص ذات المبيع أو قيمته عادة ، وفي " الترغيب " وغيره نقيصة يقتضي العرف بالإجماع المبيع عنها غائبا ، ثم [ ص: 86 ] شرع في تعداد ما ينقص الثمن ، وليس من فعل العبد ( كالمرض ) على جميع حالاته ( وذهاب جارحة أو سن أو زيادتها ونحو ذلك ، وعيوب الرقيق من فعله كالزنى والسرقة والإباق والبول في الفراش إذا كان من مميز ) وجزم به في " المحرر " و " الوجيز " لأن الزنى ينقص قيمته ويقلل الرغبة فيه ، وقولهم وتعرضه لإقامة الحد ليس بجيد ، وشرب الخمر ونحوه كالزنى ، نص عليه ، والباقي عيوب فيمن جاوز العشر ، فكذا ما دونها ، وقدم في " الفروع " أن ذلك مختص بمن بلغ عشرا ، نص عليه ، وظاهره سواء تكرر منه أو لا ، وصرح جماعة لا يكون عيبا إلا إذا تكرر ، وقيل : بول كبير إذا تكرر ، وفي " الواضح " بالغ ، وعلم منه أن ذلك ليس بعيب في الصغير ؛ لأن وجودها يدل على نقصان وضعف بنيته بخلاف الكبير ، فإنه يدل على خبث طويته ، والبول على داء في بطنه .

أصل : العيوب منها ما هو من أصل الخلقة ، ومنها ما هو من غيرها فالأول : كالجنون والجذام والبرص والعمى والعور والعرج والقرع والصمم والطرش والخرس والبخر والحول والتخنث وكونه خنثى والخصي والتزويج في الأمة وتحريم عام كالمجوسية ، وحمل الأمة دون البهيمة ، وعدم ختان في كبير للخوف عليه ، وفي " المغني " و " الشرح " ليس من بلد الكفر ؛ لأن العادة أنهم لا يختتنون وحمق نص عليه ، وهو من الكبير ارتكاب الجهل على بصيرة ، وفي " المغني " و " الشرح " وحمق شديد واستطالة على الناس ، وليس عجمة اللسان وفأفاء وتمتام وقرابة وارث ، وألثغ وعدم حيض في المنصوص فيه عيبا ، ومثله عقيم ، وفي الثيوبة ومعرفة الغناء ، والكفر وجهان ، وقيل : وفسق باعتقاد ، أو فعل وتغفيل [ ص: 87 ] والثاني : كون الدار ينزلها الجند ، قاله في " الترغيب " وغيره ، وعبارة القاضي قد نزلها الجند قالا : أو اشترى قرية وجد فيها سبعا أو حية عظيمة تنقص الثمن ، وظاهر كلامهم وبق غير معتاد وفزع شديد من كبير ، وكونه أعسر ، والمراد لا يعمل باليمين عملها المعتاد ، وإلا فزيادة خير ، وفي " المغني " و " الشرح " ليس بعيب لعمله بإحدى يديه ، وكان شريح يرد به قال الشيخ تقي الدين : والجار السوء عيب ، وهو ظاهر .

( فمن اشترى معيبا لم يعلم عيبه ) ثم علم ( فله الخيار بين الرد ) وأخذ الثمن ( والإمساك مع الأرش ) هذا هو المذهب المشهور مع أنه في " المغني " و " الشرح " لم يذكرا خلافا أما الرد ، فلا نزاع فيه ، إذ مطلق العقد يقتضي السلامة بدليل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشترى مملوكا فكتب هذا ما اشترى محمد بن عبد الله من العداء بن خالد اشترى منه عبدا ، أو أمة لا داء ولا خبثة ولا غائلة بيع المسلم المسلم وإذا يثبت له الخيار بظهور المبيع معيبا استدراكا لما فاته ، وإزالة لما يلحقه من الضرر في بقائه في ملكه ناقصا عن حقه ، وأما الإمساك مع الأرش فلأن المتبايعين تراضيا على أن العوض في مقابلة المعوض ، فكل جزء من العوض يقابله جزء من المعوض ومع العيب فات جزء منه فيرجع ببدله ، وهو الأرش ، وعنه : لا أرش لممسك له الرد ، اختاره الشيخ تقي الدين حذارا من أن يلزم البائع ما لم يرض به ، فإنه لم يرض بإخراج ملكه إلا بهذا العوض ، فإلزامه بالأرش إلزام له بشيء لم يلزمه ، يحققه حديث المصراة ، وجوابه أن المصراة [ ص: 88 ] ليس فيها عيب ، قاله في " المغني " و " الشرح " وإنما ملك الخيار فيها بالتدليس لا لفوات جزء ، فلذلك لا يستحق أرشا بخلاف المعيب ، فإنه يستحقه عند تعذر الرد ، فلم يصح الإلحاق وهل يأخذ الأرش من عين الثمن ، أو حيث شاء البائع ؛ فيه احتمالان ، وظاهره لا فرق بين العيب اليسير وغيره ، وقاله في " الروضة " وغيرها ، وفي " الانتصار " ومفردات أبي يعلى الصغير : لا فسخ بعيب يسير كصداع وحمى يسيرة وآيات في المصحف للعادة كغبن يسير ، ولو من ولي ، وكذا قاله أبو الوفاء ، والقاضي في جامعه قال : لأنه لا يسلم عادة من ذلك كيسير التراب والعقد في البر ومحل ذلك ما لم يفض إلى الربا لشراء فضة بزنتها دراهم ونحوها معيبة ، أو قفيزا مما يجري فيه الربا بمثله فله الرد ، أو الإمساك مجانا ، وظاهره أنه إذا كان عالما به لا خيار له بغير خلاف نعلمه ؛ لأنه دخل على بصيرة أشبه ما لو صرح به ، وفي " الانتصار " إذا كان عالما به ، ولم يرض ثبت له الخيار ( وهو ) أي : الأرش ( قسط ما بين قيمة الصحيح ، والمعيب من الثمن ) نص عليه ، وذكره عن الحسن البصري فقال : يرجع بقيمة المعيب من الثمن يوم اشتراه ، قال أحمد : هذا أحسن ما سمعت ، فعلى هذا يقوم المبيع صحيحا ، ثم معيبا فيؤخذ قسط ما بينهما من الثمن ، كما إذا قوم صحيحا بعشرة ومعيبا بثمانية ، والثمن خمسة عشر مثلا ، فقد نقصه العيب خمسه فيرجع بخمس الثمن ، وهو ثلاثة ؛ لأن المبيع مضمون على المشتري بثمنه ، ففوات جزء منه يسقط عنه ضمان ما قابله من الثمن ، ولأنا لو ضمناه نقص القيمة لأفضى إلى اجتماع الثمن والمثمن للمشتري في صورة ما إذا اشترى شيئا بعشرة وقيمته عشرون ، فوجد به عيبا ينقصه النصف فأخذها ، وهذا لا سبيل إليه .

[ ص: 89 ] ( وما كسب فهو للمشتري وكذلك نماؤه المنفصل ) وحاصله أنه إذا أراد رد المعيب ، فلا يخلو إما أن يكون بحاله أو يزيد أو ينقص ، فإن كان الأول فظاهره أنه يرده ويأخذ الثمن ، وإن كان الثاني فهو قسمان ؛ أحدهما : أن تكون الزيادة متصلة كالسمن وتعلم صنعة ، والحمل والثمرة قبل ظهورها فيردها بنمائها ؛ لأنه يتبع في العقود والفسوخ ولعدم تصور ردها بدونه ، وظاهره أنه لا يلزم البائع قيمتها في قول أكثر الأصحاب لئلا يلزمه معاوضة لم يلتزمها ، وقال ابن عقيل : القياس أن للمشتري القيمة لحدوثها في ملكه وكالصداق ، وهو رواية ، وفي القياس نظر . الثاني : أن تكون منفصلة وهي نوعان ؛ أحدهما : أن يكون في غير المبيع كالكسب والأجرة وما يوهب له ، أو يوصى له به فهذا للمشتري في مقابلة ضمانه ؛ لأنه لو هلك كان من مال المشتري ، وحكاه في " المغني " و " الشرح " بغير خلاف نعلمه ، وفيه رواية ، ذكرها في " الكافي " و " الفروع " . الثاني : أن يكون من المبيع كالولد والثمرة المجذوذة واللبن المحلوب ، فالمذهب المعمول به أنه للمشتري أيضا ويرد الأصل بدونها لقوله : الخراج بالضمان

( وعنه : لا يرده إلا مع نمائه ) المنفصل حكاها القاضي والشيخان جعلا للنماء كالجزء من الأصل ، أو نظرا إلى أن الفسخ رفع للعقد من أصله حكما ويرد عليه الكسب ونحوه ، وقد يفرق بينهما ، وناقش الشيخ تقي الدين القاضي وغيره في هذه الرواية ، فإنهم أخذوها من رواية ابن منصور ، وفي الأخذ نظر ، فلو حدث العقد وهي حامل فولدت عنده ، ثم ردها رد ولدها معها [ ص: 90 ] صرح به في " المغني " و " الشرح " ؛ لأنه من جملة المبيع ، والولادة هنا نماء متصل بالمبيع ، وهذا ظاهر كلام أحمد ، واختاره الشيخان ؛ لأنه يحرم التفريق بينهما فمرادهم بالولد هنا ولد البهيمة لا الأمة ، فإن تلف الولد فهو كتعيب المبيع عنده ، وقال القاضي والشريف وأبو الخطاب له إمساك الولد ورد الأم ؛ لأنه موضع حاجة ، كما لو ولدت حرا فباعها دونه ، وفيه نظر ، لأن الجمع ممكن بأخذ الأرش أوردهما معا ، وأما النقص فسيأتي .

( ووطء الثيب ) إذا اطلع على عيب بها ( لا يمنع الرد ) على الأصح ؛ لأنه لم يحصل نقص جزء ولا صفة ، ولم يتضمن الرضى بالعيب ، فلم يمنع الرد كالاستخدام وكما لو كانت مزوجة فوطئها الزوج ، فعلى هذا يردها مجانا ولهذا له بيعها مرابحة بلا إجبار ، قاله في " الانتصار " ، وعنه : يرد معها مهر مثلها ، وقاله ابن أبي موسى ، روي عن عمر ، لأنه إذا فسخ صار واطئا في ملك الغير بناء على أن الفسخ رفع للعقد من أصله ( وعنه : يمنع ) روي عن علي وغيره ؛ لأن الوطء كالجناية ؛ لأنه لا يخلو في ملك الغير من عقوبة أو مال ، فوجب أن يمنع الرد كالبكر ( وإن وطئ البكر أو تعيبت عنده ) كقطع الثوب ( فله الأرش ) اختاره أبو بكر وأبو الخطاب ، وابن أبي موسى ، وذكر أنه الصحيح عن أحمد ، وقدمه في " المحرر " وجزم به في " الوجيز " ؛ لأن العقد اقتضى السلامة ، فإذا فات منه شيء وجب الرجوع فيما قابله من الثمن ، فعلى هذا لا يملك الرد ؛ لأنه شرع لإزالة الضرر ، وفي الرد ضرر على البائع ، والضرر لا يزال بالضرر ، إذ ضرر المشتري يخير بالأرش فتعين ، ولأن وطأها يعيبها عرفا وينقصها حسا لكونه يذهب جزءا منها ( وعنه : أنه مخير بين الأرش وبين رده وأرش العيب [ ص: 91 ] الحادث عنده ويأخذ الثمن ) وهذا اختيار الخرقي ، والقاضي أبي الحسين ، والمؤلف قال في " التلخيص " : وهي المشهورة ، وعليها الأصحاب لحديث المصراة ، فإنه جعل للمشتري الرد مع ذهاب جزء من المبيع ، وهو اللبن وجعل التمر بدلا له ، وقد روى الخلال بإسناده عن ابن سيرين أن عثمان قال في رجل اشترى ثوبا ولبسه ، ثم اطلع على عيب فرده ، وما نقص فأجاز الرد مع النقصان ، وعليه اعتمد أحمد ، ولأنه عيب حدث عند أحد المتعاقدين ، فلم يمنع الخيار المذكور كالعيب الحادث عند البائع قبل القبض ، وظاهره ولو أمكن عوده ، وفيه رواية كزواله قبل رده ، وإن زال بعده ففي رجوع مشتر على بائع بما دفعه إليه احتمالان فعليها إن أمسك وأخذ أرش العيب الموجود قبل البيع فظاهر ، وإن رده رد أرش العيب الحادث عنده ؛ لأن التلف حصل في يده ، وكان عليه كالآخر ، فإذا كانت بكرا قيمتها مائة وثيبا ثمانين رد معها عشرين ؛ لأنه بفسخ العقد يصير مضمونا عليه بقيمته بخلاف أرش العيب الذي يأخذه المشتري ، وعنه : الواجب في وطء البكر المهر مع أرش البكارة ( قال الخرقي : إلا أن يكون البائع قد دلس العيب فيلزمه رد الثمن كاملا ) أي : إذا دلس البائع العيب أي : كتمه وأخفاه ، فإن المشتري يرد بلا أرش ويلزم البائع رد الثمن بكماله ، وهذا هو المنصوص ، وبالغ ابن أبي موسى فقال : له الرد قولا واحدا ، ولا عقد عليه ؛ لأنه قد ورط المشتري وغره فصار كالغار بحرية أمة الضمان عليه ، ولا فرق في العيب الحادث سواء كان بفعل المشتري كوطء البكر أو أجنبي ، كما لو جنى عليه ، أو بفعل العبد كالإباق ، والسرقة ، أو بفعل الله تعالى كالمرض وسواء كان ناقصا للمبيع ، أو مذهبا لجميعه ، ثم أكد ذلك بقوله :

[ ص: 92 ] ( قال القاضي : ولو تلف المبيع عنده ، ثم علم أن البائع دلس العيب رجع بالثمن كله ، نص عليه في رواية حنبل ) وابن القاسم قال الإمام أحمد في رجل اشترى عبدا فأبق من يده وأقام بينة أن إباقه كان موجودا في يد البائع يرجع على البائع بجميع الثمن الذي أخذه منه ؛ لأنه غره ويتبع البائع عبده حيث كان ، ويحكى عن الحكم ومالك ( ويحتمل أن يلزمه عوض العين إذا تلفت ، وأرش البكر إذا وطئها ) حكاه المجد رواية ، وذكر في " المغني " أنه مذهب أكثر العلماء ( لقوله عليه السلام : الخراج بالضمان ) رواه الخمسة وحسنه الترمذي ، وصححه ابن القطان من حديث عائشة ، ورواه الشافعي ، والحاكم ، وقال صحيح الإسناد ، وفيه نظر ، فإنه من رواية مخلد بن خفاف ومسلم بن خالد الزنجي ، وقد اختلف فيهما ( وكما يجب عوض لبن المصراة على المشتري ) مع كونه قد نهي عنها ، وإنما أوجب على المشتري عوض اللبن ؛ لأنه مبيع تعيب في يد المشتري بعد تمام ملكه فكان من ضمانه ، كما لو لم يدلسه ، ولأن وجوب الضمان على البائع لا يثبت إلا بدليل قال في " المغني " و " الشرح " : ولا نعلم له أصلا ، ولا يشبه التغرير بحرية أمة ؛ لأنه يرجع على من غره ، وإن لم يكن سيدها وهاهنا لو كان التدليس من وكيل البائع لم يرجع عليه بشيء .

تنبيه : قد شمل ما ذكرنا كل مبيع كان معيبا لم يعلم به ، ثم حدث به آخر كزنى الأمة ، ولم يكن ذلك عرف منها ، وفيه احتمال ونسيان صنعة وكتابة ، وعنه : يرده ، ولا شيء عليه وعلله القاضي بأنه ليس بنقص في العين ويمكن عوده بالتذكير ، وكذا لو كان سمينا فهزل ، والعيب بعد العقد قبل قبض المشتري [ ص: 93 ] كالعيب قبله فيما ضمانه على البائع ، وقال جماعة : لا أرش إلا أن يتلفه آدمي فيأخذه منه ، وإن كان من ضمان المشتري غرمه كالعيب الحادث عنده ، وعنه : عهدة الحيوان ثلاثة أيام ، وعنه : سنة قال في " المبهج " : وبعدها قال أحمد : ليس فيه حديث صحيح ، وقال ابن المنذر : لا يثبت في العهدة حديث ، والحسن لم يلق عقبة ، وإجماع المدينة ليس بحجة .

( وإن أعتق العبد أو تلف المبيع ) ثم علم عيبه ( رجع بأرشه ) أي : إذا ظهر المشتري على عيب في السلعة المبيعة بعد أن تلفت تلفا معنويا كالإعتاق ونحوه كالوقف ، والاستيلاد ، أو حسيا كالموت وتلف الثوب فله الأرش رواية واحدة ؛ لأنه كان يملك ذلك ، والأصل البقاء ، إذ التخيير بين شيئين يقتضي تعيين أحدهما عند تعذر الآخر ، وخرج بعض أصحابنا من خيار الشرط أن يفسخ ويرجع بالثمن ويغرم القيمة ، وفرق صاحب " التلخيص " بأن هذا يعتمد الرد ولا مردود ، ثم يعتمد الفسخ ، ومقتضاه أن الأرش له ، ولا يلزمه صرفه في الرقاب ، وهو الأصح ، إذ العتق إنما صادف الرقبة لا الجزء الفائت ، والثانية : بلى ؛ لأنه عين الرقبة لله تعالى ظانا سلامتها فاقتضى خروجه عن هذا الجزء ، وحملها المؤلف والقاضي على ما إذا كان العتق في واجب ، فأما التبرع ، فلا أرش له قولا واحدا ( وكذلك إن باعه غير عالم بعيبه ، نص عليه ) لأن البائع لم يعرف ما أوجب له العقد ، ولم يوجد منه الرضى به ناقصا فكان له الرجوع ، كما لو أعتقه ( وكذلك إن وهبه ) فله أرشه جزم به الأكثر ؛ لأنه لم يستدرك ظلامته أشبه الوقف ، وعنه : أنها كالبيع ؛ لأنه لم ييأس من إمكان الرد لاحتمال رجوع الموهوب إليه .

[ ص: 94 ] وجوابه بأن إمكان الرد ليس بمانع من أخذ الأرش ، كما قبل الهبة .

فرع : إذا زال ملكه عند غير عالم بعيبه وقلنا : له الأرش قبل قوله في قيمته ، ذكره في " المنتخب " ( وإن فعله ) في العتق ونحوه ( عالما بعيبه فلا شيء له ) على الأشهر ؛ لأنه قد رضي بالمبيع ناقصا فسقط حقه من الأرش كالرد بلا نزاع ، وفي " المغني " قياس المذهب أن له الأرش بكل حال ؛ لأن التصرف هنا بمنزلة الإمساك مع العلم ، إذ الأرش عوض الجزء الفائت ( وذكر أبو الخطاب رواية أخرى فيمن باعه ليس له شيء ) أي : لا أرش له مطلقا ، وهذا ظاهر الخرقي ، لأن امتناع الرد كان بفعله ، وقد استدرك ظلامته ببيعه ، أشبه ما لو زال العيب ( إلا أن يرد عليه المبيع ، فيكون له حينئذ الرد أو الأرش ) لأنه إذا عاد ملكه ثبتت الخيرة ، كما لو لم يبعه .

فرع : لو باعه مشتر لبائعه فله رده على البائع الثاني ، ثم للثاني رده عليه وفائدته اختلاف الثمنين .

( وإن باع بعضه فله أرش الباقي ) في ملكه بلا نزاع ؛ لأنه باق في يده فات منه جزء اقتضى العقد سلامته ، فكان له عوضه ، ويكون بالحساب ، فإذا باع النصف كان له نصف الأرش ، أو الربع فله ثلاثة أرباعه ، وليس هذا خاصا بالبيع بل إذا زال ملكه عن بعضه ، فكذلك صرح به في " الرعاية " ، وإنما نص على البيع لكثرته ( وفي أرش البيع الروايتان ) فيما إذا باع الجميع ، ثم علم بالعيب ونص أحمد أنه لا شيء للبائع مع تدليسه ، وظاهره أنه ليس له رد [ ص: 95 ] الباقي ، وهو الأصح ( وقال الخرقي ) وهو رواية عن أحمد ( له رد ملكه منه بقسطه من الثمن ) لأنه مبيع ظهر على عيبه وأمكنه الرد فملكه ، كما لو كان جميعه باقيا ( وأرش العيب بقدر ملكه فيه ) لما ذكرناه ، قال القاضي : سواء كان المبيع عينا واحدة أو عينين ، وخص في " المغني " و " الشرح " الخلاف بما إذا كان المبيع عينين ، ولم ينقصهما التفريق كالعبدين ، والثوبين ، فإذا نقصهما التفريق كزوجي خف ، أو كان عينا واحدة فيمتنع الرد دفعا لضرر البائع لنقصهما بالتفريق ، وفيه نظر ؛ لأن ضرره يندفع برد أرش النقص وحملا قول الخرقي على ما إذا دلس البائع العيب ، فإن للمشتري الرد مطلقا ؛ لأن نقص المبيع عنده لا أثر له مع التدليس كما مر .

( وإن صبغه أو نسجه فله الأرش ) لأنه أمكن استدراك ظلامته من غير ضرر على البائع ، فتعين لما فيه من الجمع بين الحقين ، وليس له الرد على المذهب ؛ لأنه شغل المبيع بملكه ، فلم يكن له رده لما فيه من سوء المشاركة وكما لو فصله ( وعنه : له الرد ، ويكون ) المشتري ( شريكا بصبغه ونسجه ) أي : يكون شريكا بقيمة الزيادة كالغاصب ، وبعده في " الشرح " ، ولا يجبر البائع على بذل عوض ذلك على الأصح ، ولا المشتري على قبوله في الأصح .

( وإن اشترى ما مأكوله في جوفه فكسره فوجده فاسدا ، فإن لم يكن له مكسورا قيمة كبيض الدجاج ) والجوز والرمان والبطيخ ( رجع بالثمن كله ) في ظاهر المذهب لأنا تبينا فساد العقد من أصله لكونه وقع على ما لا نفع فيه [ ص: 96 ] كبيع الحشرات ، فإن كان بعضه فاسدا رجع بقسطه من الثمن ، قاله في " الرعاية " ، وليس عليه رد المبيع إلى بائعه فيه ( وإن كان له مكسورا قيمة كبيض النعام ، وجوز الهند ) والبطيخ الذي فيه نفع ( فله أرشه ) على المذهب ، قاله ابن المنجا ، وفيه نظر ، فإنه رواية ؛ لأنه تعذر رده بكسره فتعين الأرش ( وعنه : يتخير بين أرشه وبين رده ورد ما نقصه وأخذ الثمن ) اختاره الخرقي ورجحه جماعة لحديث المصراة ، فإنه جعل للمشتري الرد مع رد بدل المتلف بيده من المبيع ، وهو اللبن مع تدليس البائع وغرره فهنا أولى ، وقال القاضي : إن كسره كسرا لا يمكن الاستعلام إلا به فله رده استدراكا لظلامته ، ولا أرش عليه ؛ لأن الكسر حصل ضرورة الاستعلام ، والبائع سلطه عليه ، وإن كسره كسرا يمكن الاستعلام بدونه فيبنى على الروايتين فيما إذا تعيب في يده هل يلزمه رد أرش الكسر المستعلم به ، والرد إن زاد على قدر الاستعلام ؛ فيه وجهان ( وعنه : ليس له رد ولا أرش في ذلك كله ) لأن البائع لم يوجد منه تدليس ولا تفريط لعدم معرفته بعيبه ، زاد في " المحرر " و " الفروع " إلا مع شرط سلامته ، فإنه يتعين .

تنبيه : تقدم أنه إذا اشترى ربويا معيبا فله الفسخ للضرورة دون الأرش لإفضائه إلى التفاضل ، وعنه : له الأرش ؛ لأنه عوض الفائت ، قال بعضهم : جنسه قياسا على مد عجوة ، فإن حدث به عيب ، ثم المشتري ، فروايتان إحداهما : يرده ويرد أرش العيب الحادث عنده ، كما لو جنى عليه في ملك صاحبه ، والأخرى يفسخ الحاكم البيع ويرد البائع الثمن ويطالب بقيمة الحلي مثلا ؛ لأنه لم يمكن إهمال العيب ، ولا أخذ الأرش .

[ ص: 97 ] ( ومن علم العيب فأخر الرد لم يبطل خياره ) لأنه خيار لدفع ضرر متحقق ، فلم يبطل بالتأخير الخالي عن الرضى به كخيار القصاص ( إلا أن يوجد منه ما يدل على الرضى من التصرف ونحوه ) كالوطء والسوم والاستغلال ، ذكره معظمهم ؛ لأن دليل الرضى منزل منزلة التصريح به ، لكن لو احتلب المبيع ونحوه لم يمنع الرد ؛ لأنه ملكه فله أخذه فيستثنى ، قال في " عيون المسائل " : أو ركبها ليسقيها أو علفها ، وفي " المغني " و " الشرح " إن استخدم لا للاختبار بطل رده بالكثير ، وإلا فلا ، ومقتضاه أنه يبطل بما ذكرنا ، وأنه لا أرش أيضا ، وهو المذهب ، وعنه : له الأرش قال في " الفروع " : وهو أظهر ؛ لأنه ، وإن دل على الرضى فمع الأرش كإمساكه ، اختاره الشيخ قال : وهو قياس المذهب ، وقدمه في " المستوعب " قال في التنبيه : والاستخدام ، والركوب لا يمنع أرش العيب إذا ظهر قبل ذلك أو بعده ، وأحمد في رواية حنبل إنما نص أنه يمنع الرد ، فدل أنه لا يمنع الأرش ( وعنه : أنه على الفور ) لأنه خيار ثبت بالشرع لدفع الضرر عن المال أشبه الشفعة ، فعلى هذا متى علم العيب وأخر الرد مع إمكانه بطل خياره ؛ لأنه يدل على الرضى كالتصرف ، وجوابه أن الشفعة ثبت لدفع ضرر غير محقق بخلاف الرد بالعيب .

( ولا يفتقر الرد إلى رضى ولا قضاء ولا حضور صاحبه ) ؛ لأنه رفع عقد جعل إليه ، فلم يعتبر فيه ذلك كالطلاق ، وظاهره سواء كان قبل القبض أو بعده ، ( وإن اشترى اثنان شيئا ، وشرطا الخيار ، أو وجداه معيبا فرضي أحدهما فللآخر الفسخ ، [ ص: 98 ] في نصيبه ) في المنصوص ؛ لأن نصيبه جميع ما يملكه بالعقد ، فجاز له رده بالعيب تارة وبالشرط أخرى ، وكشراء واحد من اثنين ، وعلله في " المغني " بأن عقد الواحد مع الاثنين عقدان فكأنه باع كل واحد منهما نصيبه مفردا فرد عليه أحدهما جميع ما باعه إياه فاقتضى ذلك أنها خرجت من ملك البائع مشقصة ( وعنه : ليس له ذلك ) لأنه خرج من ملك البائع دفعة واحدة ، فإذا رد أحدهما نصيبه رده مشتركا مشقصا ، فلم يكن له ذلك ، وكما لو تعيب عنده ، أو ورثاه ، وهذا ظاهر في المعيب ، واقتصر في " المحرر " عليه ، وأما في خيار الشرط فلا ، فعلى هذا له الأرش وقياس الأول للحاضر منهما نقد نصف ثمنه فأتى نصفه ، وإن نقد كله قبض نصفه ، وفي رجوعه الروايتان ، ذكره في " الوسيلة " وغيرها ، وعلى الأول لو قال : بعتكما فقال أحدهما : قبلت جاز .

( وإن اشترى واحد معيبين ) أو طعاما في وعاءين ، ذكره في " الترغيب " وغيره ( صفقة واحدة فليس له إلا ردهما أو إمساكهما ) قاله القاضي ، وجزم به في " الوجيز " ؛ لأن في رد أحدهما تفريقا للصفقة على البائع مع إمكان أن لا يفرقها أشبه رد بعض المعيب الواحد ، فعلى هذا إذا أمسك فله الأرش ، وعنه : له رد أحدهما بقسطه من الثمن ، كما لو كان أحدهما معيبا ، وعنه : يتعين ( فإن تلف أحدهما فله رد الباقي بقسطه ) من الثمن ؛ لأنه رد للمعيب على وجه لا ضرر فيه على البائع فجاز ، كما لو رد الجميع ، وفي " المغني " أن الرد هنا مبني في رد أحدهما ، فعلى هذا إن قلنا ليس له رد أحدهما فليس له رد الباقي إذا تلف أحدهما ( والقول في قيمة التالف قوله ) أي : قول المشتري ( مع يمينه ) لأنه منكر لما يدعيه البائع من زيادة قيمته ، ولأنه بمنزلة الغارم ، وقيل : يقبل [ ص: 99 ] قول البائع ( وإن كان أحدهما معيبا ) وأبى أخذ الأرش ( فله رده بقسطه من الثمن ) جزم به في " الوجيز " ؛ لأنه رد للمبيع المعيب من غير ضرر على البائع ، كما سبق ( وعنه : لا يجوز له إلا ردهما أو إمساكهما ) لأن في رد المعيب وحده تبعيضا للصفقة على البائع ، فلم يكن له ذلك ، كما لو كان المبيع مما ينقص بالتفريق ، ولم يرجح في " الفروع " شيئا ، ( وإن كان المبيع مما ينقصه التفريق كمصراعي باب ، أو زوجي خف ، أو ممن يحرم التفريق بينهما كجارية وولدها فليس له رد أحدهما ) رواية واحدة بل يتعين إما ردهما ، أو إمساكهما لما فيه من الضرر على البائع بنقص القيمة وسوء المشاركة ، والنهي الخاص عن التفرقة بين الوالدة وولدها ، وكل ذي رحم كذلك قال في " الفروع " ، ومثله بيع جان له ولد صغير يباعان وقيمة الولد لمولاه ( وإن اختلفا في العيب هل كان عند البائع ، أو حدث عند المشتري ) وكان محتملا لقول كل منهما كالخرق في الثوب ونحوه ( ففي أيهما يقبل قوله ؛ روايتان ) وكذا في " الفروع " إحداهما : يقبل قول المشتري مع يمينه وهي اختيار الخرقي ، وجزم بها في " الوجيز " ؛ لأن الأصل عدم القبض في الجزء الفائت ، فكان القول قول من ينفيه ، كما لو اختلفا في قبض المبيع ويمينه على البت فيحلف أنه اشتراه وبه العيب ، أو أنه ما حدث عنده ، والثانية : يقبل قول البائع مع يمينه وهي أنصهما ، واختارها القاضي في الروايتين ، وأبو الخطاب ، وقدمها في " المحرر " ؛ لأن الأصل سلامة المبيع وعدم استحقاق الفسخ ، ويمينه على حسب جوابه ، فإن أجاب أن العيب لم يكن فيه حلف على ذلك ، وإن أجاب أنه ما يستحق على ما يدعيه من الرد حلف على ذلك ، والأشهر [ ص: 100 ] أنه يحلف على البت ؛ لأن الأيمان كلها على البت إلا على النفي في فعل الغير ، وعنه : على نفي العلم ، وفي الإيضاح يتحالفان ( إلا أن يحتمل إلا قول أحدهما ) كالأصبع الزائدة ، والجرح المندمل عقيب العقد ، والجرح الطري الذي لا يحتمل أن يكون قديما ( فالقول قول ) من يدعيه ( بغير يمين ) للعلم بصدقه ، فلا حاجة إلى استحلافه ، وقيل : بلى ؛ لأنه محتمل .

فرع : إذا اشترى جارية على أنها بكر ، وأنكر المشتري بكارتها أريت الثقات ، ويقبل فيه قول واحدة ، فإن وطئها ، وقال ما وجدتها بكرا ، فوجهان مبنيان على الاختلاف في العيب الحادث ، ذكره في " المغني " و " الشرح " .

تنبيهان : الأول : إذا وكل في البيع فباع الوكيل ، ثم ظهر المشتري على عيب بالمبيع فله رده على الموكل ، فإن كان العيب مما يمكن حدوثه فأقر به الوكيل ، وأنكر موكله ، فقال أبو الخطاب : يقبل إقراره على موكله بالعيب ؛ لأنه أمر يستحق به الرد ، فقبل كخيار الشرط ، وصحح المؤلف أنه لا يقبل ؛ لأنه إقرار على الغير ، فلم يقبل كالأجنبي فعليه لو رده على الوكيل لم يملك رده على الموكل ، لأن رده بإقراره على غيره ، فإن أنكره الوكيل وتوجهت عليه اليمين فنكل عنها ، فرد عليه بنكوله ، فهل له رده على الموكل ؛ فيه وجهان .

الثاني : إذا رد المشتري السلعة بعيب ، وأنكر البائع أنها سلعته ، قبل قوله بخلاف ما إذا ردت عليه بخيار شرط ، فإن القول قول المشتري ، نص عليهما ، لأنهما اتفقا على استحقاق فسخ العقد ، والرد بالعيب بخلافه .

[ ص: 101 ] مسألة : إذا خرج من يده إلى يد غيره لم يجز له أن يرده نقله مهنا .

( ومن باع عبدا تلزمه عقوبة من قصاص ، أو غيره يعلم المشتري ذلك فلا شيء له ) لأنه رضي به معيبا أشبه سائر المعيبات ( وإن علم بعد البيع ، فله الرد ) وأخذ الثمن ( أو ) الإمساك مع ( الأرش ) لأنه عيب فملك به الخيرة كبقية العيوب ( وإن لم يعلم حتى قتل فله الأرش ) لأنه تعين لتعذر الرد ، وهو قسط ما بين كونه جانيا ، وغير جان ، فيقال جان بمائة وجان بخمسين فما بينهما النصف ، فالأرش إذن نصف الثمن ، فإن قطع فهل يمنع من رده قيمته ؛ فيه روايتان ( وإن كانت الجناية موجبة للمال ) أو القصاص فعفي عنه إلى مال ( والسيد ) أي : البائع ( معسر قدم حق المجني عليه ) لأن حق الجناية سابق على حق المشتري ، فإذا تعذر إمضاؤهما قدم حق السابق ( وللمشتري الخيار إذا لم يكن عالما ) لأن تمكن المجني عليه من انتزاعه عيب فملك به الخيار كغيره ، فإن فسخ رجع بالثمن ، وإن لم يفسخ وكانت الجناية مستوعبة لرقبة العبد وأخذ بها رجع المشتري بالثمن أيضا ؛ لأن أرش مثل ذلك جميع الثمن ، وإن لم تكن مستوعبة رجع بقدر أرشه ، وظاهره أنه إذا كان عالما بعيبه لا خيار له ( وإن كان السيد موسرا تعلق الأرش بذمته ) لأن الخيرة له بين تسليمه في الجناية وفدائه ، فإذا باعه تعين عليه فداؤه لإخراج العبد عن ملكه ، ولأنه زال ملكه عن عين تعلق بها حق المجني عليه فلزمه الأرش ، كما لو قتله ( والبيع لازم ) لأنه لا ضرر على المشتري لرجوع المجني عليه على البائع .

التالي السابق


الخدمات العلمية