صفحة جزء
[ ص: 158 ] باب بيع الأصول والثمار ، ومن باع دارا تناول البيع أرضها وبناءها ، وما يتصل بها لمصلحتها كالسلاليم ، والرفوف المسمرة ، والأبواب المنصوبة ، والخوابي المدفونة ، والرحا المنصوبة ، ولا يدخل ما هو مودع فيها من الكنز ، والأحجار المدفونة ، ولا المنفصل منها كالحبل ، والدلو ، والبكرة ، والقفل ، والفرش فأما ما كان من مصالحها كالمفتاح وحجر الرحا الفوقاني ، فعلى وجهين ، وإن باع أرضا بحقوقها دخل غراسها وبناؤها في البيع ، وإن لم يقل بحقوقها ، فعلى وجهين وإن كان فيها زرع يجز مرة بعد أخرى كالرطبة ، والبقول ، أو تكرر ثمرته كالقثاء ، والباذنجان فالأصول للمشتري ، والجزة الظاهرة ، واللقطة الظاهرة من القثاء ، والباذنجان للبائع إلا أن يشترطه المبتاع ، وإن كان فيها زرع لا يحصد إلا مرة كالبر ، والشعير فهو للبائع مبقي إلى الحصاد إلا أن يشترطه المبتاع .


باب بيع الأصول ، والثمار .

الأصول : جمع أصل ، وهو ما يتفرع عنه غيره ، والمراد به هنا الأرضون والأشجار ، والثمار جمع ثمر كجبل وجبال وواحد الثمر ثمرة وجمع الثمار ثمر ككتاب وكتب وجمع ثمر أثمار كعنق وأعناق فهو رابع جمع .

( ومن باع دارا تناول البيع أرضها ) أي : إذا كانت الأرض يصح بيعها ، فإن لم يجز كسواد العراق ، فلا ( وبناءها ) ؛ لأنهما داخلان في مسمى الدار ، ولم يتعرض الأصحاب لذكر حريمها ( و ) تناول ( ما يتصل بها لمصلحتها كالسلاليم ) واحدها : سلم بضم السين وفتح اللام المشددة ، وهو المرقاة والدرجة ، ولفظه مأخوذ من السلامة ( والرفوف المسمرة ) ، وهو شرط في السلم وحذف منه لدلالة الثاني عليه ( والأبواب المنصوبة ) وحلقها ( والخوابي المدفونة ، والرحا المنصوبة ) ؛ لأنه متصل بها لمصلحتها أشبه الحيطان ، وظاهره أن الخوابي إذا لم تكن مدفونة وحجر الرحا إذا لم يكن منصوبا أنه لا يدخل فيها ؛ لأنه منفصل عنها أشبه الطعام ، وكذا يدخل فيها المعدن الجامد ، وعنه : والجاري ؛ لأنه من أجزائها فهو كأحجارها ، لكن لا يباع معدن ذهب بذهب ويباع بغير جنسه ، فإن لم يعلم به البائع فله الخيار ؛ لأنها زيادة لم يعلم بها هذا إذا ملك الأرض بإحياء أو إقطاع ، وإن كان ببيع فوجهان ( ولا يدخل ما هو مودع فيها من الكنز ) ، وهو المال المدفون ( والأحجار المدفونة ) ؛ لأن ذلك مودع فيها كالفرش ، والستور ( ولا المنفصل منها كالحبل ، والدلو ، والبكرة ، والقفل ، والفرش ) ؛ لأن [ ص: 159 ] اللفظ لا يشمله ، ولا هو من مصلحتها أشبه المودع فيها ، وكذا حكم الرف الموضوع على الوتد من غير سمر ، ولا غرز في الحائط ( فأما ما كان من مصالحها ) ، وهو منفصل عنها ( كالمفتاح وحجر الرحا الفوقاني ) إذا كان السفلاني منصوبا ( فعلى وجهين ) أحدهما : وهو الأشهر أنه لا يدخل ؛ لأن لفظ الدار لا يتناوله ، ولا هو متصل لمصلحتها أشبه القفل ، والثاني : بلى ؛ لأنه لمصلحتها أشبه المنصوب فيها ، وفي الشجر والنخل المغروس فيها احتمالان .

فرع : إذا كان فيها بئر ، أو عين مستنبطة فنفس البئر وأرض العين مملوكة لصاحب الأرض ، والماء غير مملوك على الأصح ( وإن باع أرضا بحقوقها دخل غراسها وبناؤها في البيع ) ؛ لأنهما من حقوق الأرض ويتبعان من كل وجه ؛ لأنه يتخذ للبقاء فيها ، وليس لانتهائه مدة معلومة ، والرهن كالبيع ( وإن لم يقل بحقوقها ، فعلى وجهين ) أظهرهما يدخلان ؛ لأنهما من حقوقها ، وما كان كذلك فيدخل فيها بالإطلاق كطرقها ومنافعها ، والثاني : لا ؛ لأنهما ليسا من الأرض ، فلم يدخلا كالثمرة ، والفرق أنها تراد للنقل وليست من حقوقها بخلاف الشجر ، والبناء ، وعلى هذا للبائع تبقيته ، وفي " الترغيب " هل يتبعها في الرهن كالبيع إذا قلنا يدخل ؛ فيه الوجهان لضعفه ، وكذا الوصية ، والوقف ونحوهما .

فرع : إذا باعه قرية لم يدخل مزارعها إلا بذكرها ، وفي " المغني " ، و " الشرح " ، أو قال في " الفروع " : وهو أولى كالمساومة على أرضها ، ولا يدخل زرع ، ولا بذر وحكم الغرس في بنيانها حكم الغرس في الأرض على ما تقدم .

[ ص: 160 ] مسألة : إذا باعه بستانا دخل فيه الشجر ؛ لأنه اسم للأرض ، والشجر ، والحائط بدليل أن الأرض المكشوفة لا تسمى به ، ويدخل فيه البناء كالشجر ، ذكره ابن عقيل وقيل : لا لعدم الافتقار إليه ، فإن باعه شجرا لم تدخل الأرض ، ذكره أبو إسحاق بن شاقلا ، لأن الاسم لا يتناولها ، ولا هي تبع للمبيع ، فإن باعه شجرة فله تبقيتها في أرض البائع كالثمر على الشجر ، وفي " الرعاية " يبقى بالأجرة ، إذ مغرسها للبائع قال أبو الخطاب ، وغيره : ويثبت حق الاختيار وله الدخول لمصالحها ( وإن كان فيها زرع يجز مرة بعد أخرى كالرطبة ) وهي الغضة ، فإذا يبست فيقال لها قت . قاله أبو حنيفة الدينوري ( والبقول ) ، وهو ما يأكله الناس ( أو تكررت ثمرته كالقثاء ، والباذنجان فالأصول للمشتري ) ؛ لأن ذلك يراد للبقاء أشبه الشجر ( والجزة الظاهرة ، واللقطة الظاهرة من القثاء ، والباذنجان للبائع ) ؛ لأنه تؤخذ ثمرته مع بقاء أصله أشبه ثمرة الشجرة المؤبرة وسواء كان ما يبقى سنة كهندبا ، أو أكثر كرطبة ، لكن على البائع قطع ما يستحقه منه في الحال ، فإنه ليس له حد ينتهي إليه فيطول زمنه ما كان ظاهرا ( إلا أن يشترطه المبتاع ) ؛ لأنه لو اشترى شجرا عليه ثمر أبر واشترطه كان له ، فكذا هنا ، فإن كان مما يؤخذ زهره وتبقى عروقه في الأرض كالبنفسج ونحوه فهو كالرطبة وكذلك ورقه وأغصانه فأما زهرته ، فإن تفتحت فهي للبائع ، وإلا فهي للمشتري ، واختار ابن عقيل في هذا كله أن البائع إن قال : بعتك هذه الأرض بحقوقها دخل فيها ، وإلا فوجهان كالشجر ( وإن كان فيها زرع لا يحصد إلا مرة كالبر ، والشعير ) ، والجزر ، والفجل ، والفوم وأشباه ذلك ( فهو للبائع ) ؛ لأنه مودع في الأرض فهو كالكنز [ ص: 161 ] والقماش ، ولا نعلم فيه خلافا ( مبقي إلى الحصاد ) ؛ لأن ذلك هو العرف في نقله فحمل عليه كالثمرة تباع بعد بدو صلاحها ، وظاهره أنه يبقى بغير أجرة ؛ لأن المنفعة حصلت مستثناة ، وعليه حصاده في أول وقت أخذه حسب العادة زاد في " المغني " ، و " الشرح " ، ولو كان بقاؤه أنفع له ، وقيل : عادته ( إلا أن يشترطه المبتاع ) ؛ لأنه بمنزلة الثمرة التي قد أبرت ، فعلى هذا هو له قصيلا كان ، أو حبا مستترا ، أو ظاهرا معلوما ، أو مجهولا لكونه دخل في البيع تبعا للأرض ، فلم يضر جهله وعدم كماله .

تنبيه : حكم القصب الفارسي كذلك ؛ لأن له وقتا يقطع فيه إلا أن العروق للمشتري ؛ لأنها تترك في الأرض للبقاء فيها ، والقصب كالثمرة ، فإن لم يكن ظهر منه شيء فهو للمشتري وقصب السكر كالزرع ، وقيل : كالفارسي ، فإن حصده قبل أوان حصاده لينتفع بالأرض في غيره لم يملك ذلك ؛ لأن منفعتها حصلت مستثناة ، وعلى البائع تسوية الحفر ؛ لأنه استصلاح لملكه فهو كما لو باع دارا فيها دابة كبيرة لا تخرج إلا بهدم الباب فهدمه كان عليه الضمان .

أصل : ما لم يدخل في البيع من زرع وحجر ونحوه يلزمه نقله ، وعليه تسوية الحفر ، وإن أبى النقل فللمشتري إجباره على تفريغ ملكه وتسويته إذا ضر عرقه بالأرض كقطن ، وكذا إن لم يضر وينقله بحسب العادة ، فلا يلزمه ليلا ، ولا جمع الحمالين له ، فإن طالت مدة نقله فذكر جماعة فوق ثلاثة أيام [ ص: 162 ] فعيب يثبت له الخيار بين الفسخ ، والإمساك مع الأرش ، ولا أجرة مدة نقله ، وقيل : مع العلم ، وقيل : بلى ، وإن لم ينضر مشتر ببقائه ففي إجباره وجهان .

مسألة : إذا باع بيتا من دار ، وقال : بحقوقه لم يصح ، وإن سمى الطريق وعينه صح ، وإلا فلا ، وقيل : إن أطلق الطريق ، ولم يعينه ، صح ، وقيل : إن كان المشتري في البيت صح ، وإلا فلا .

التالي السابق


الخدمات العلمية