صفحة جزء
ولا يصح إلا بشروط سبعة أحدها : أن يكون فيما يمكن ضبط صفاته كالمكيل ، والموزون ، والمذروع فأما المعدود ، والمختلف كالحيوان ، والفواكه ، والبقول ، والجلود ، والرءوس ونحوها ففيه روايتان وفي الأواني المختلفة الرءوس ، والأوساط كالقماقم ، والأسطال الضيقة الرءوس ، وما يجمع أخلاطا متميزة كالثياب المنسوجة من نوعين وجهان ، ولا يصح فيما لا ينضبط كالجواهر كلها ، والحوامل من الحيوان ، والمغشوش من الأثمان ، وغيرها ، وما يجمع أخلاطا غير متميزة كالغالية ، والند ، والمعاجين ويصح فيما يترك فيه شيء ، وغير مقصود لمصلحته كالجبن وخل التمر ، والسكنجبين وغيرها .


( ولا يصح إلا بشروط سبعة ) [ ص: 178 ] وجعلها في " المحرر " أربعة زائدا على شروط البيع فيكون أربعة عشر شرطا ، لكن من شرط صحة السلم أن يوجد الإيجاب ، والقبول ( أحدها : أن يكون فيما يمكن ضبط صفاته ) أي : التي يختلف الثمن باختلافها اختلافا كثيرا ظاهرا ؛ لأن ما لا يمكن ضبط صفاته يختلف كثيرا فيفضي إلى المنازعة ، والمشاقة المطلوب عدمها ( كالمكيل ) في الحبوب ، وغيرها ، وهو إجماع في الطعام ، ذكره ابن المنذر ( والموزون ) كالقطن ، والإبريسم ، والصوف ، والنحاس ، والطيب ، والعنب ، والأدهان ، والخلول ( والمذروع ) على المذهب كالثياب ؛ لأن بعض ذلك منصوص عليه ، والباقي بالقياس ، وفي " المستوعب " أن أبا بكر حكى في التنبيه أن لأحمد قولا أنه لا يجوز السلم إلا في المكيل ، والموزون ، وهو ظاهر " الوجيز " ، والمذهب خلافه لتأتي الصفة عليه ، وعلم منه أنه لا سلم في أرض وشجر ونخيل ، صرح به في " الرعاية " لعدم تأتي الصفة فيه ( فأما المعدود ، والمختلف كالحيوان ، والفواكه ، والبقول ، والجلود ، والرءوس ونحوها ) كالبيض ( ففيه روايتان ) ، وكذا في " المحرر " المشهور في المذهب ونص عليه في رواية الأثرم أنه يجوز في الحيوان ، وصححه في " الفروع " وغيره آدميا كان أو غيره ، وهو قول جماعة من الصحابة وتابعيهم لحديث أبي رافع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استسلف من رجل بكرا . رواه مسلم ، ولأنه يثبت في الذمة صداقا فيثبت في السلم كالثياب ، والثانية : لا يصح السلم فيه ، وجزم به في " الوجيز " ، روي عن عمر أنه قال : إن من الربا أبوابا لا تخفى ، وإن منها السلم في السن ؛ ولأنه يختلف اختلافا مباينا ، ولا يمكن ضبطه ، ولو استقصى صفاته ؛ لتعذر تسليمه ولندرة وجوده عليها ورد بأنه لم يثبت ، ولو سلم فهو محمول على أنهم يشرطون من ضراب فحل بني [ ص: 179 ] فلان ، وهو معارض بقول علي ، وعلم منه جوازه في شحم ولحم نيء ، ولو مع عظمه إن عين موضع القطع منه وأطلق في " الكافي " ، و " الفروع " الخلاف في البواقي ، الأشهر - وبه جزم في " الوجيز " - أنه لا يجوز . نقل عنه إسحاق بن إبراهيم أنه قال : لا أرى السلم إلا فيما يكال ، أو يوزن ، أو يوقف عليه قال أبو الخطاب : معناه يوقف عليه بحد معلوم لا يختلف كالزرع فأما الرمان ، والبيض ، فلا أرى السلم فيه ، ولأن الفواكه تختلف بالصغر ، والكبر ، والبقول تختلف ، ولا يمكن تقديرها بالحزم فتكون كالجواهر ، والثانية : نقلهاابن منصور جواز السلم فيها ؛ لأن التفاوت في ذلك يسير ويمكن ضبطه بالصغر ، والكبر وبعضه بالوزن كالبقول ، وأما الجلود ، فلا يصح السلم فيها في الأشهر ؛ لأنه مختلف فالورك قوي ، والصدر ثخين رخو ، والبطن رقيق ضعيف ، والظهر أقوى فيحتاج إلى وصف كل موضع منه ، ولا يمكن ذرعه لاختلاف أطرافه ، والثانية : يجوز ، نصره في " الشرح " ؛ لأن التفاوت في ذلك معلوم ، فلم يمنع الصحة كالحيوان ، وفي الأطراف الخلاف كالرءوس إحداهما : لا يصح ؛ لأن اللحم فيه قليل ، وليس بموزون عكس اللحم ، والثانية : يجوز ؛ لأنه لحم فيه عظم يجوز شراؤه فجاز السلم فيه كبقية اللحم ، وعليه لا فرق بين كونه مطبوخا ، أو مشويا ، أو غيره ( وفي الأواني المختلفة الرءوس ، والأوساط كالقماقم ) واحده قمقم بضم القافين يكون ضيق الرأس ، وهو ما يسخن فيه من نحاس ( والأسطال ) واحدها : سطل ، وهو على هيئة التور له عروة ( والضيقة الرءوس ) فيهما ( وما يجمع أخلاطا ) واحدها : خلط بكسر الخاء ( متميزة كالثياب المنسوجة [ ص: 180 ] من نوعين وجهان ) ، وكذا في " الفروع " إحداهما : لا يصح في الأولين قدمه في " الشرح " ، وجزم به في " الوجيز " ؛ لأن الصفة لا تأتي عليها ، والثاني : بلى ؛ لأن التفاوت في ذلك يسير ويمكن ضبطها بارتفاع حائطها ودور أسفلها وسعة رأسها ، وعلى الأولى يصح فيما لا يختلف كالهاون ، والسطل المربع لإمكان ضبطه ، والأصح جواز السلم في الثياب المنسوجة من نوعين كالكتان ، والقطن ونحوهما ؛ لأن ضبطها ممكن ، وفي معناه النشاب ، والنبل المريشين وخفاف ورماح ، وقال القاضي : لا يصح كالمعاجين ، والفرق واضح ( ولا يصح فيما لا ينضبط كالجواهر كلها ) كاللؤلؤ ، والياقوت ، والزبرجد ، والبلور ؛ لأنه يختلف اختلافا متباينا بالكبر ، والصغر وحسن التدوير وزيادة ضوئهما ، ولا يمكن تقديرها بثمن معين ؛ لأنه يختلف ، وفي العقيق وجهان ( والحوامل من الحيوان ) ؛ لأن الصفة لا تأتي على ذلك ، والولد مجهول غير محقق ، وفيه وجه ؛ لأن الحمل لا حكم له مع الأم بدليل البيع ، ولا يصح في أمة وولدها لندرة جمعهما الصفة ( والمغشوش من الأثمان ) ؛ لأن غشه يمنع العلم بالقدر المقصود منه ، فلم يصح ، ولما فيه من الغرر ، وظاهره يصح فيها حيث لم تكن مغشوشة ، ويكون رأس المال غيرها ( وغيرها ) كاللبن المشوب بالماء ، والحنطة المختلطة بالزوان ؛ لأنه مجهول لا ينضبط بالصفة ( وما يجمع أخلاطا غير متميزة كالغالية ، والند ، والمعاجين ) لعدم ضبطها بالصفة ، وفي معناه القسي المشتمل على الخشب ، والقرن ، والعقب ، والعراء ، والتور للعجز عن ضبط مقادير ذلك وتمييزه ، وفيه وجه يصح كالثياب ، وفي شهد وكتان وقنب يقضيانه وجهان ( ويصح فيما يترك فيه مقصود لمصلحته كالجبن ) ، فإن فيه إنفحة ( والعجين ) ، فإن فيه ملحا ( وخل التمر ) ، فإن فيه ماء ( والسكنجبين ) [ ص: 181 ] فإن فيه خلا ( وغيرها ) كالخبز ولبن فيه ماء يسير ودهن ورد وبنفسج ، ولأن ذلك يسير غير مقصود لمصلحته ، فلم يؤثر .

فرع : يصح السلم في اللبأ ، والخبز ، وما أمكن ضبطه مما مسته النار ومنع الشافعي السلم في كل معمول بالنار واستثنى النووي أربعة : السكر ، والفانيد ، واللبأ ، والدبس ، والأشهر جوازه في اللحم المشوي ، والمطبوخ ، وقال القاضي : لا يصح ؛ لأنه يتفاوت كثيرا .

التالي السابق


الخدمات العلمية