صفحة جزء
فصل الثاني : أن يصفه بما يختلف به الثمن ظاهرا فيذكر جنسه ونوعه ، وقدره وبلده وحداثته وجودته ورداءته ، وما لا يختلف به الثمن لا يحتاج إلى ذكره فإن شرط الأجود لم يصح ، وإن شرط الأردأ ، فعلى وجهين وإن جاءه بدون ما وصف له ، أو نوع آخر فله أخذه ، ولا يلزمه ، وإن جاءه بجنس آخر ، لم يجز له أخذه ، فإن جاءه ، وقال : خذه وزدني درهما لم يجز ، وإن جاءه بزيادة في القدر فقال ذلك ، صح .


فصل

( الثاني : أن يصفه بما يختلف به الثمن ظاهرا ) ؛ لأن السلم عوض يثبت في الذمة فاشترط العلم به كالمثمن وطريقه الرؤية ، أو الصفة ، والأول ممتنع فتعين الوصف ( فـ ) على هذا ( يذكر جنسه ونوعه ، وقدره وبلده وحداثته ، وقدمه وجودته ورداءته ) بغير خلاف نعلمه ومختلف فيه كغير هذه الصفات ، فيكون ذكرها شرطا كالأول ، ذكره في " الشرح " ، ولا يجب استقصاء كل الصفات ؛ لأنه يتعذر ، وشرطه أن يكون الوصف بلغة يفهمها عدلان ليرجع إليهما عند التنازع ( وما لا يختلف به الثمن لا يحتاج إلى ذكره ) لعدم الاحتياج إليه ، فعلى الأول يصف التمر بالنوع كبرني ، أو معقلي وبالجودة أو عكسها وبالقدر نحو كبار أو صغار وبالبلد نحو بغدادي ؛ لأنه أحلى وأقل بقاء لعذوبة مائه أو بصري ، وهو بخلافه وبالحداثة ، أو عكسها ، فإن أطلق العتيق أجزأ ما لم يكن معيبا [ ص: 182 ] وإن شرط عتيق عام ، أو عامين فله شرطه ، وأما اللون ، فإن كان يختلف ذكره ، وإلا فلا ، والرطب كالتمر فيما ذكرنا إلا الحداثة وضدها ، وليس له من الرطب إلا ما أرطب كله .

ويصف الحنطة بالنوع كسلموني وبالبلد كحوراني وبالقدر كصغار الحب ، أو كباره وبالحداثة وضدها ، واللون ، كما ذكرنا ، والشعير كالبر .

ويصف العسل بالبلد كفيجي ويجزئ ذلك عن ذكر النوع وبالزمان كخريفي وباللون كأبيض .

ويصف السمن بالنوع كسمن ضأن وباللون كأبيض قال القاضي : ويذكر المرعى ، ولا يحتاج إلى ذكر الحداثة وضدها ؛ لأن إطلاقه يقتضي الحديث ، ولا يصح السلم في عتيقه ؛ لأنه عيب ، ولا ينتهي إلى حد ينضبط به ، والزبد كالسمن ويزيد زبد يومه ، أو أمسه .

ويصف اللبن بالنوع ، والمرعى ، ولا يحتاج إلى اللون ، ولا حلب يومه ؛ لأن إطلاقه يقتضي ذلك .

ويصف الجبن بالنوع والمرعى ، ورطب أو يابس ، واللبأ كاللبن ويزيد اللون ، والطبخ ، أو عدمه .

ويصف الحيوان بالنوع ، والسن ، والذكورة وضدها ، فإن كان رقيقا ذكر نوعه كتركي وسنه ويرجع في سن الغلام إليه إن كان بالغا ، وإلا فالقول قول سيده ، وإن لم يعلم رجع إلى أهل الخبرة ، والطول بالشبر معتبر فيه قال أحمد : يقول [ ص: 183 ] خماسي ، أو سداسي أسود ، أو أبيض أعجمي ، أو فصيح ، وفي " الترغيب " ، فإن كان رجلا ذكر طويلا ، أو ربعا ، أو قصيرا ، وفي ذكر الكحل ، والدعج ، والبكارة ، والثيوبة ونحوها وجهان ، وقال ابن حمدان ، وفي اشتراط ثقل الأرداف ووضاءة الوجه وكون الحاجبين مقرونين ، وكذا الشعر سبطا ، أو جعدا ، أو أشقر ، أو أسود ، والعين زرقاء ، والأنف أقنى وجهان .

ويصف الإبل بالنتاج فيقول : من نتاج بني فلان ، مكان النوع إن اختلف نتاجها وباللون كأبيض ، والخيل كالإبل فأما البغال ، فلا نتاج لها ، والحمير ، فلا يقصد نتاجها فيجعل مكان ذلك نسبتها إلى بلدها كرومي في البغال ومصري في الحمير ، والبقر ، والغنم إن عرف لها نتاج فكالإبل ، وإلا فكالحمير .

ويصف اللحم بالسن ، والذكورة ، والعلف وضدها وبالنوع وموضع اللحم في الحيوان ويزيد في الذكر فحلا ، أو خصيا ، وإن كان لحم صيد لم يحتج إلى ذكر العلف ، والخصاء ، لكن يذكر الآلة أحبولة ، أو كلبا ، أو فهدا ؛ لأن ذلك يختلف ، واختار في " المغني " ، و " الشرح " أنه لا يشترط ؛ لأن التفاوت فيه يسير وإذا لم يعتبر في الرقيق ذكر سمن وهزال ونحوهما مما يتباين به الثمن فهذا أولى ويلزمه قبول اللحم بعظامه أي : حيث أطلق ؛ لأنه يقطع كذلك فهو كالنوى في التمر ، ولا يحتاج في لحم الطير إلى ذكر الأنوثة والذكورة ، إلا أن يختلف بذلك كلحم الدجاج ، ولا إلى موضع اللحم منه إلا أن يكون كثيرا يأخذ منه بعضه ، ولا يلزمه قبول الرأس ، والساقين ؛ لأنه لا لحم عليهما ، وفي [ ص: 184 ] " عيون المسائل " : يعتبر ذكر الوزن في الطير كالكركي ، والبط ؛ لأن القصد لحمه .

ويصف السمك بالنوع كبردي ، والكبر ، والسمن وضدهما ، والطري ، أو الملح ، ولا يقبل الرأس ، والذنب بل ما بينهما .

ويصف الثياب بالنوع ككتان وبالبلد كبغدادي وبالطول ، أو الغلظ ، أو النعومة ، أو ضدها ، والغزل كذلك ويذكر مكان الطول ، أو العرض ، اللون نحو أبيض ، أو أصفر .

ويصف الإبريسم باللون ، والبلد ، والغلظ ، والرقة .

ويصف الصوف بالبلد ، واللون ، والطول ، أو القصر ، والذكورة ، أو الأنوثة وبالزمان كخريفي ، أو ربيعي ؛ لأن صوف الخريف أنظف وصوف الإناث أنعم ، وفي " الشرح " احتمال أنه لا يحتاج إلى ذكر الأنوثة ، والذكورة ؛ لأن التفاوت فيه يسير ، والشعر والوبر كالصوف .

ويصف الكاغد بالطول ، والعرض ، والرقة ، أو الغلظ واستواء الصنعة ، وما يختلف به الثمن .

ويصف الرصاص ، والنحاس ، والحديد بالنوع كقلعي وبالنعومة ، أو ضدها وباللون إن كان يختلف به ويزيد في الحديد ذكرا ، أو أنثى ، فإن الذكر أحد وأمضى [ ص: 185 ] ويصف القصاع من الخشب بالنوع كجوز ، والصغر ، والكبر ، والعمق ، والضيق ، والثخانة ، والرقة .

ويصف السيف بالنوع كفولاذ وطوله وعرضه ورقته وغلظه وبلده ، وقدمه ، أو ضده ماض ، أو غيره ويصف قبيعته .

ويصف خشب البناء بالنوع ، والرطوبة ، أو ضدها وبالطول ، والدور ، أو سمكه وعرضه ويلزمه أن يدفع إليه من طرفه إلى طرفه بذلك الوصف ، فإن كان أحد طرفيه أغلظ مما وصف ، فقد زاده خيرا ، وإن كان أدق لم يلزمه قبوله ، وإن ذكر الوزن جاز .

ويصف حجارة الأرحية بالدور ، والثخانة ، والبلد ، والنوع ويضبط ما هو للبناء بذكر اللون ، والقدر ، والنوع ، والوزن .

ويصف الآجر ، واللبن بموضع التربة ، والدور ، والثخانة .

ويصف الجص ، والنورة باللون ، والوزن ، ولا يقبل ما أصابه الماء ، ولا قديما يؤثر فيه .

ويصف العنبر باللون ، والوزن ، وإن شرط قطعة ، أو قطعتين جاز ويضبط العود الهندي ببلده ، وما يعرف به ، والمسك ونحوه بما يختلف به الثمن ( فإن شرط الأجود لم يصح ) لتعذر الوصول إليه إلا نادرا ، إذ ما من جيد إلا ويحتمل أن يوجد أجود منه ( وإن شرط الأردأ ، فعلى وجهين ) كذا في " المحرر " ، و " الفروع " أصحهما لا يصح ؛ لأنه لا ينحصر ، والثاني : يصح ؛ لأن ما يدفعه [ ص: 186 ] إليه إن كان الموصوف فهو المسلم فيه ، وإن لم يكن فهو خير منه فيلزم المسلم قبوله بخلاف الأجود ويكفي جيد ورديء ويجزئ بأقلها أي : يترك الوصف على أقل درجة ( وإن جاءه بدون ما وصف له ، أو نوع آخر ) من جنسه ( فله أخذه ) ؛ لأن الحق له ، وقد رضي بدونه ومع اتحادهما في الجنس يجعلهما كالشيء الواحد بدليل حرمة التفاضل ( ولا يلزمه ) ؛ لأن الإنسان لا يجبر على إسقاط حقه ، وقال القاضي وغيره : يلزمه قبوله حيث لم يكن أدنى ؛ لأنه من جنسه ، أشبه الزائد في الصفة ورد بأنه لم يأت بالمشروط ، فلم يلزمه قبوله كالأدنى ، وعنه : يحرم قبوله كغير جنسه نقله جماعة ( وإن جاءه بأجود منه من نوعه لزمه قبوله ) في الأصح ؛ لأنه أتى بما تناوله العقد وزيادة منفعة وكشرطه ، وظاهره ولو تضرر ، والثاني : لا لأنه غير ما أسلم فيه ، وعنه : يحرم قبوله . نقل صالح وعبد الله لا يأخذ فوق صفته بل دونها ( وإن جاءه بجنس آخر لم يجز له أخذه ) لقوله عليه السلام : من أسلم في شيء ، فلا يصرفه إلى غيره . رواه أبو داود ، وابن ماجه من رواية عطية العوفي وضعفه جماعة من حديث أبي سعيد . ونقل جماعة عن الإمام يأخذ أدنى كشعير عن بر بقدر كيله ، ولا يربح مرتين واحتج بابن عباس وبأنه أقل من حقه وحمل على أنهما جنس واحد ( فإن جاءه ) بالأجود ( وقال : خذه وزدني درهما لم يجز ) ؛ لأن الجودة صفة ، فلا يجوز إفرادها بالعقد ، كما لو كان مكيلا ، أو موزونا ( وإن جاءه بزيادة في القدر فقال ذلك ، صح ) ؛ لأن الزيادة هنا يجوز إفرادها بالبيع .

[ ص: 187 ] مسألة : إذا قبض المسلم فيه فوجد به عيبا فله رده وإمساكه مع الأرش

التالي السابق


الخدمات العلمية