صفحة جزء
فصل السادس : أن يقبض رأس المال في مجلس العقد وهل يشترط كونه معلوم القدر ، والصفة كالمسلم فيه ؛ على وجهين وإن أسلم ثمنا واحدا في جنسين ، لم يجز حتى يبين ثمن كل جنس .


فصل

( السادس : أن يقبض رأس مال السلم في مجلس العقد ) أي : قبل التفرق [ ص: 195 ] نص عليه واستنبطه الشافعي من قوله عليه السلام : من أسلف فليسلف . أي : فليعط قال : لأنه لا يقع اسم السلف فيه حتى يعطيه ما سلفه قبل أن يفارق من أسلفه انتهى ، وحذارا أن يصير بيع دين بدين فيدخل تحت النهي ، ولا يجوز شرط تأخير العوض فيه ، فلم يجز التفرق قبل القبض كالصرف ويشترط قبض جميعه ، فلو قبض البعض ، ثم افترقا بطل فيما لم يقبض ، والأشهر أنه يصح في المقبوض ، فلو جعل دينا سلما لم يصح ، لكن لو كان عنده أمانة ، أو عين مغصوبة صح ؛ لأنه في معنى القبض .

أصل : المجلس هنا كمجلس الصرف وهما كمجلس الخيار في ظاهر كلام الأصحاب ، وفي الجامع الصغير أنه إذا تأخر قبض رأس مال السلم اليومين ، والثلاثة لم يصح ( وهل يشترط كونه معلوم القدر ، والصفة كالمسلم فيه ) أم تكفي مشاهدته ؛ ( على وجهين ) كذا في " المحرر " ، و " الفروع " أحدهما : يشترط ذلك . قاله القاضي ، وأبو الخطاب وصاحب " التلخيص " ، وجزم به في " الوجيز " ؛ لأنه عقد يتأخر بتسليم المعقود عليه ، فوجب معرفة رأس ماله ليرد بدله كالقرض ، والشركة ، فعلى هذا لا يجوز أن يكون رأس المال جوهرة لعدم تأتي الصفة عليه ، فإن فعلا بطل العقد ويرده إن كان موجودا ، وإلا قيمته ، فإن اختلفا فيها قبل قول المسلم إليه ؛ لأنه غارم ، وفي " الانتصار " يقع العقد بقيمة مثلي ؛ لأنه قد يضمنه بأقل وأكثر ، وهو ربا وظاهر كلام غيره بمثله ، وكذا الأجرة ، والثاني : لا يشترط ، وهو ظاهر الخرقي ومال إليه في [ ص: 196 ] " المغني " ، و " الشرح " ؛ لأنه عوض مشاهد ، فلم يحتج إلى معرفته كبيوع الأعيان .

تنبيه : كل مالين حرم النساء فيهما لا يجوز إسلام أحدهما في الآخر ؛ لأن السلم من شرطه التأجيل ، وما ذكره الخرقي أنه لا يجوز النساء في العروض هو إحدى الروايات ، فعلى هذا لا يجوز إسلام بعضها في بعض ، وقال ابن أبي موسى ، وذكره القاضي هو ظاهر كلام أحمد إنه يشترط أن يكون رأس مال السلم أحد النقدين ، فعلى هذا لا يجوز أن يكون المسلم فيه ثمنا ، والأصح أنه يصح إسلام عرض في عرض ، وفي ثمن ( وإن أسلم ثمنا واحدا في جنسين ) قال في " التنقيح " : أو ثمنين في جنس لم يصح حتى يعين ثمن كل جنس ، وقدر كل ثمن ، نص عليهما ( لم يجز حتى يبين ثمن كل جنس ) نقله الجماعة ؛ لأن ما يقابل كل واحد من الجنسين مجهول ، فلم يجز ، كما لو عقد عليه مفردا بثمن مجهول ، ولما فيه من الغرر ، والثانية : يجوز قبل البيان ؛ لأنه إذا جاز أن يسلم في شيء واحد إلى أجلين من غير بيان ، فكذا هنا ، فعلى هذا لو تعذر أحدهما رجع بقسطه من رأس المال ، وفي " المغني " ، و " الشرح " الجواز تخريجا لعدم اطلاعهما عليها ، وظاهره ولو كان الثمن مختلفا ، وقال ابن أبي موسى : لا يجوز إسلام خمسة دنانير وخمسين درهما في كر حنطة إلا أن يبين حصة كل واحد من الثمن ، وفيه نظر ، إذ الرجوع ممكن بقدر الحصة .

التالي السابق


الخدمات العلمية