صفحة جزء
فصل الثاني : أن من وجد عنده عينا باعها إياه فهو أحق بها بشرط أن يكون المفلس حيا ولم ينقد من ثمنها شيئا ، والسلعة بحالها لم يتلف بعضها ولم تتغير صفتها بما يزيل اسمها كنسج الغزل وخبز الدقيق ، ولم يتعلق بها حق من شفعة ، أو جناية ، أو رهن ونحوه ، ولم تزد زيادة متصلة كالسمن وتعلم صنعة ، وعنه : أن الزيادة لا تمنع الرجوع فأما الزيادة المنفصلة ، والنقص بهزال ، أو نسيان صنعة ، فلا يمنع الرجوع ، والزيادة للمفلس ، وعنه : للبائع ، وإن صبغ الثوب ، أو قصره لم يمنع الرجوع ، والزيادة للمفلس ، وإن غرس أو بنى فيها فله الرجوع ودفع قيمة الغراس والبناء فيملكهما إلا أن يختار المفلس والغرماء القلع ومشاركته بالنقص ، فإن أبوا القلع ، وأبى البائع دفع القيمة سقط الرجوع .


فصل

( الثاني : أن من وجد عنده عينا باعها إياه فهو أحق بها ) ، روي عن علي ، وعمار ، وأبي هريرة لحديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من أدرك متاعه عند إنسان أفلس فهو أحق به . متفق عليه قال أحمد : لو أن حاكما حكم أنه أسوة الغرماء ، ثم رفع إلى رجل يرى العمل بالحديث جاز له نقض حكمه ، ذكره في " المغني " ، و " الشرح " ويحتمل أن لا ينقض ، وحينئذ البائع بالخيار بين الرجوع فيها وبين أن يكون أسوة الغرماء وسواء كانت السلعة مساوية لثمنها ، أو لا ، وظاهره لا يفتقر الفسخ إلى حكم حاكم لثبوته بالنص كفسخ المعتقة ، وقيل : بل بناء على تسويغ الاجتهاد ، وهو على التراخي كالرجوع في الهبة ، وقيل : على الفور ، نصره القاضي كخيار الشفعة ، وهما مبنيان على الروايتين في الرد بالعيب . قاله في " الشرح " ، فلو بذل الغرماء الثمن لصاحب السلعة لم يلزمه قبوله ، نص عليه ، فإن دفعوا الثمن إلى المفلس فبذله للبائع لم يكن له الفسخ ، لأنه زال العجز عن تسليم الثمن فزال ملك الفسخ ، كما لو أسقط الغرماء حقهم .

[ ص: 314 ] وفيما إذا باعه بعد حجره في ذمته وتعذر الاستيفاء أقوال ثالثها : له خيار الفسخ إذا كان جاهلا به ، وهو ظاهر كلام جماعة ، لأن العالم دخل على بصيرة بخراب الذمة ، كما لو اشترى معيبا يعلم عيبه بخلاف الجاهل ، ويستثنى من ذلك ما إذا كان المبيع صيدا ، والبائع محرم ، فإنه لا يملك الرجوع فيه ، كما لو اشتراه ، وظاهره اختصاص هذا الحكم بالبيع ، وليس كذلك ، فلو اقترض مالا ، ثم أفلس ، وعين المال قائمة ، فله الرجوع فيها ، أو أصدق امرأة عينا ، ثم انفسخ نكاحها بسبب من جهتها يسقط صداقها إن طلقها قبل الدخول فاستحق الرجوع في نصفه ، وقد أفلست ووجد عين ماله فهو أحق به ، وظاهره أنه لا رجوع لورثة البائع لظاهر الخبر ، والأصح أنه يثبت لهم ( بشرط أن يكون المفلس حيا ) إلى أخذها لما روى أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أيما رجل باع متاعا فأفلس الذي ابتاعه ، ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئا فوجد متاعه بعينه فهو أحق به ، وإن مات المشتري فصاحب المتاع أسوة الغرماء . رواه مالك ، وأبو داود مرسلا ورواه أبو داود مسندا من حديث إسماعيل بن عياش عن الزبيدي عن الزهري عن أبي بكر عن أبي هريرة قال أبو داود : وحديث مالك أصح ، فعلى هذا : البائع أسوة الغرماء ، سواء علم بفلسه قبل الموت فحجر عليه ، ثم مات ، أو مات ، فتبين فلسه ، ولأن الملك انتقل عن المفلس إلى الورثة ، أشبه ما لو باعه ، وعنه : له الرجوع لما روى عمر بن خلدة قال : أتينا أبا هريرة في صاحب لنا قد أفلس ، فقال بقضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أفلس ، أو مات فوجد رجل متاعه بعينه فهو [ ص: 315 ] أحق به . رواه أبو داود ، وجوابه بأنه مجهول الإسناد . قاله ابن المنذر ، وهذا الشرط لم يذكره في " التلخيص " ، و " البلغة " ( ولم ينقد من ثمنها شيئا ) ، ولا أبرئ من بعضه ، فإن كان قد نقد من ثمنها ، أو أبرئ منه فهو أسوة الغرماء ، لأن في الرجوع في قسط ما بقي تبعيضا للصفقة على المشتري وإضرارا له . لا يقال : لا ضرر فيه لكون مال المفلس يباع ، ولا يبقى ، لأن الضرر متحقق مع البيع ، فإنه لا يرغب فيه كالرغبة منفردا فينقص ثمنه فيتضرر المفلس ، والغرماء ، ولأنه سبب يفسخ به البيع ، فلم يجز مع تشقيصه كالرد بالعيب ( والسلعة بحالها لم يتلف بعضها ) للخبر ، فلو ذهب بعض أطراف العبد ، أو عينه ، أو بعض الثوب ، أو انهدم بعض الدار ، أو تلفت الثمرة فيما إذا اشترى شجرا مثمرا لم تظهر ثمرته . قاله في " الشرح " فهو أسوة الغرماء ، لأنه لم يجدها بعينها ، إذ الشارع جعله شرطا في الرجوع ، ولا فرق بين أن يرضى بالموجود بجميع الثمن ، أو يأخذه بقسطه منه ، لأنه فات شرط الرجوع ، فإن باع بعضه ، أو وهبه ، أو وقفه ، أو خلطه بغيره على وجه لا يتميز كزيت بمثله فهو كتلفه ، وظاهره ولو كان المبيع عينين ، وفيه روايتان إحداهما : ونقلها أبو طالب : لا رجوع ، بل هو أسوة الغرماء ، لأنه لم يجد المبيع بعينه ، والثانية : بلى ، نقلها الحسن بن ثواب ، وقدمها في " المحرر " ، لأن السالم من المبيع وجده بعينه فيدخل في العموم ، وحينئذ يأخذ الباقي بقسطه من الثمن ، وعليها يفرق بينها وبين ما إذا قبض بعض الثمن ، لأن المقبوض من الثمن مقسط على المبيع فيقع القبض من ثمن كل واحدة من العينين وقبض شيء من ثمن ما يريد الرجوع فيه مبطل له بخلاف التلف ، فإنه لا يلزم من تلف أحد العينين تلف شيء من العين [ ص: 316 ] الأخرى ( ولم تتغير صفتها بما يزيل اسمها كنسج الغزل وخبز الدقيق ) وجعل الزيت صابونا ، والخشبة بابا ، والشريط إبرا ونحو ذلك ، لأنه لم يجد متاعه بعينه ، فلم يكن له الرجوع كالتلف ، وكما لو كان نوى فنبت شجرا . قاله ابن المنجا ، وفيه شيء ، فإنهم اختلفوا في الحب إذا صار زرعا وبالعكس ، والنوى إذا نبت شجرا ، والبيض إذا صار فراخا فذهب القاضي وصاحب " التلخيص " أنه لا يسقط الرجوع ، لأن الخارج هو نفسه ، والأشهر عندنا أنه لا يملك الرجوع ، كما هو ظاهر كلام المؤلف ، ودخل في كلامه ما لو كان المبيع أمة بكرا فوطئها المشتري أنه لا رجوع له لما ذكرنا ، وفيه وجه : بلى كالرد بالعيب في الأصح . ووطء غيره كهو ( ولم يتعلق بها حق ) للغير ( من شفعة ) ، وجزم به المحققون ، لأن حقه أسبق لكونه ثبت بالبيع ، والبائع حقه ثبت بالحجر ، وما كان أسبق فهو أولى ، وقال ابن حامد : للبائع أخذه لعموم الخبر ، وفي ثالث إن طالب بها فهو أحق لتأكد حقه بالمطالبة ، وإلا فلا ( أو جناية ) ، فإن كان المبيع عبدا فجنى ، ثم أفلس المشتري فالمذهب أن البائع أسوة الغرماء ، لأن الرهن يمنع الرجوع ، وحق الجناية مقدم عليه فأولى أن يمنع ، والثاني : لا يمنع ، لأنه حق يمنع تصرف السيد بالبيع وغيره ، فلا يمنع الرجوع ، كما لو ثبت في ذمته دين ، فعلى هذا يخير إن شاء رجع فيه ناقصا بأرش الجناية ، وإن شاء ضرب بثمنه مع الغرماء ، وقيل : ما نقص من قيمته رجع بقسطه من ثمنه ( أو رهن ) بغير خلاف نعلمه للخبر ، ولأن المفلس عقد قبل الفلس عقدا منع نفسه من التصرف ، فلم يملك الرجوع ، كما لو وهبه ، ولأن في الرجوع إضرارا بالمرتهن ، والضرر لا يزال بمثله ، فإن كان دين المرتهن دون [ ص: 317 ] قيمة الرهن بيع كله فقضى منه دينه وباقيه يرد على مال المفلس ، فإن بيع بعضه فباقيه يشترك فيه الغرماء ، وقال القاضي : يرجع فيه البائع ، لأنه عين ماله ، فلو كان المبيع عينين فرهن إحداهما ، فهل يملك البائع الرجوع في الأخرى ؛ على وجهين بناء على الروايتين فيما إذا تلفت إحداهما ( ونحوه ) كالعتق .

مسألة : إذا أفلس بعد خروجه من ملكه بوقف ونحوه ، فلا رجوع له ، فإن أفلس بعد رجوعه إلى ملكه فأوجه ثالثها : إن عاد إليه بفسخ كإقالة فله الرجوع لا إذا عاد بسبب جديد ، لأنه لم يصل إليه من جهته ، فلو اشتراها ، ثم باعها ، ثم اشتراها فقيل : البائع الأول أولى لسبقه ، وقيل : يقرع ( ولم تزد زيادة متصلة كالسمن وتعلم صنعة ) هذا اختيار الخرقي ، وقاله في " الإرشاد " ، " و " " الموجز " ، لأن الرجوع فسخ بسبب حادث ، فلم يملك به الرجوع في عين المال الزائد زيادة متصلة كفسخ النكاح بالإعسار ، أو الرضاع .

( وعنه : أن الزيادة لا تمنع الرجوع ) هذا هو المنصوص عن أحمد ، وهو المذهب لعموم الخبر ، ولأنه فسخ لا يمنع منه الزيادة المنفصلة ، فكذا المتصلة كالرد بالعيب ، وفارق الرد هنا الرد بالفسخ بالإعسار ، أو الرضاع من حيث إن الزوج يمكنه الرجوع في قيمة العين فيحصل له حقه تاما وهاهنا لا يمكن البائع الرجوع في جميع الثمن لمزاحمة الغرماء ، فلا يحصل له حقه تاما ونصر في " المغني " ، و " الشرح " الأول .

( فأما الزيادة المنفصلة ) كالولد ، والثمرة ( والنقص بهزال ، أو نسيان صنعة ، فلا [ ص: 318 ] يمنع الرجوع ) بغير خلاف بين أصحابنا . قاله في " الشرح " ، وفيه شيء ، لأن البائع وجد عين ماله فكان أحق به بخلاف المتصلة ، وقيل : يمنع ، وحكاه في " الموجز " ، و " التبصرة " رواية كالمتصلة ، وعلى الأول لا فرق بين أن ينقص بالزيادة ، أو لا إذا كان على صفته ( والزيادة للمفلس ) في ظاهر الخرقي ، وقاله القاضي ، وابن حامد ، وصححه في " المغني " ، و " الشرح " ، وجزم به في " الوجيز " ، لأنها زيادة حصلت في ملكه فكانت له ، يؤيده " الخراج بالضمان " ( وعنه : للبائع ) ، نص عليه ، وهو الأشهر ، لأنها زيادة فكانت للبائع كالمتصلة وحكاه في " المغني " قولا لأبي بكر ، وأنه أخذه من قول أحمد في ولد الجارية ، ونتاج الدابة ، وقياسهم على المتصلة غير صحيح ، لأنه يتبع في الفسوخ ، والرد بالعيب بخلاف المنفصلة ، قال في " المغني " : ولا ينبغي أن يقع في هذا خلاف لظهوره ، وأما نقص المال بذهاب صفة مع بقاء عينه ، فلا يمنع ، لأن فقد الصفة لا يخرجه عن كونه عين ماله ، لكن يتخير بين أخذه ناقصا بجميع حقه ، وبين أن يضرب مع الغرماء بكمال ثمنه ، لأن الثمن لا يتقسط على صفة السلعة من سمن وهزال ، وعلم ونحوه ، فيصير كنقصه لتغير الأسعار .

( وإن صبغ الثوب ، أو قصره ) أو لت السويق بزيت ( لم يمنع الرجوع ) ، ذكره الأصحاب ، لأن العين قائمة مشاهدة لم يتغير اسمها ، ولا صفتها ( والزيادة للمفلس ) ، لأنها حصلت بفعله في ملكه فيكون شريكا للبائع بما زاد عن قيمة الثوب ، والسويق ، وإن حصل نقص ، فعلى المفلس ، لكن إن نقصت قيمتها فيخير البائع بين أخذهما ناقصين ، ولا شيء له وبين تركهما ، وهو أسوة الغرماء [ ص: 319 ] لأن هذا نقص صفته فهو كالهزال ، وقيل : لا رجوع إن زادت القيمة ، لأنه اتصل بالمبيع زيادة للمفلس فمنعت الرجوع كالسمن . وحاصله إذا قصر الثوب لم يخل من حالين أحدهما : أن لا تزيد قيمته بذلك فللبائع الرجوع ، والثاني : أن تزيد قيمته به فظاهر الخرقي أنه لا يملك الرجوع ، لأنه زاد زيادة لا تتميز فهي كالسمن ، وقال القاضي ، وأصحابه : له الرجوع ، لأنه أدرك متاعه بعينه ، فعلى هذا إن كانت القصارة بفعل المفلس ، أو بأجرة وفاها فهما شريكان في الثوب ، فإن اختار البائع دفع قيمة الزيادة إلى المفلس لزمه قبولها ، لأنه يتخلص بذلك من ضرر الشركة ، أشبه ما لو دفع الشفيع قيمة البناء إلى المشتري ، وإن لم يختر بيع الثوب وأخذ كل واحد بقدر حقه ، فلو كان قيمة الثوب خمسة فصار يساوي ستة فللمفلس سدسه وللبائع خمسة أسداسه ، وإن كان العمل من صانع لم يستوف أجره فله حبس الثوب على استيفاء أجرته اقتصر عليه في " الشرح " .

( وإن غرس ) المفلس الأرض ( أو بنى فيها فله ) أي : للبائع ( الرجوع ) هذا هو الأصح قبل قلع غرس ، أو بناء ، لأنه أدرك متاعه بعينه ومال المشتري دخل على وجه التبع كالصبغ ( ودفع قيمة الغراس ، والبناء فيملكهما ) ، لأنهما حصلا في ملكه لغيره بحق ، فكان له أخذه بقيمته كالشفيع ويملك البائع قلعه وضمان نقصه كالمعير إذا رجع في أرضه بعد غرس المستعير ، والثاني : لا يملك الرجوع إلا بعد القلع ، لأنه غرس المفلس وبناؤه ، فلم يجبر على بيعه لهذا البائع ، ولا على قلعه ، كما لو لم يرجع في الأرض ، وعلى الأول لو قلعه المفلس ، والغرماء لزمهم [ ص: 320 ] تسوية الأرض ، وأرش نقصها الحاصل به ويضرب بالنقص مع الغرماء ، وعلى الثاني : لا ( إلا أن يختار المفلس ، والغرماء القلع ومشاركته بالنقص ) ، لأن البائع لا حق له في الغراس ، والبناء ، فلا يملك إجبار مالكهما على المعاوضة ، فعلى هذا يرجع في أرضه ويضرب مع الغرماء بأرش نقصها ، لأن ذلك نقص حصل لتخليص ملك المفلس فكان عليه ، كما لو دخل فصيل دارا فكبر ، ولم يمكن إخراجه إلا بالانهدام ( فإن أبوا القلع ، وأبى البائع دفع القيمة سقط الرجوع ) في الأصح لما فيه من الضرر على المشتري ، والغرماء ، والضرر لا يزال بمثله ، ولأن عين مال البائع صارت مشغولة بملك غيره فسقط حقه من الرجوع ، كما لو كان مسامير فسمر بها بابا ، أو خشبة فبنى عليها دارا ، وظاهره أنهم إذا امتنعوا من القلع لم يجبروا لوضعه بحق ، وقال القاضي : له الرجوع ، لأنه أدرك متاعه بعينه وكالثوب إذا صبغه ، وجوابه المنع ، ولو سلم فيفرق بينهما من حيث إن الصبغ يفرق في الثوب فصار كالصفة بخلاف الغراس ، والبناء ، فإنها أعيان متميزة وبأن الثوب لا يراد للبقاء بخلاف الأرض ، فعلى قوله : إذا رجع في الأرض بقي الغراس ، والبناء للمفلس ، فإن اتفق الجميع على البيع بيعت الأرض بما فيها وأخذ كل واحد قدر حصته ، وقيل : يباع الغرس مفردا ، وعلى الأول يقسم الثمن على قدر القيمتين فتقوم الأرض خالية ، ثم تقوم وهما بها فقيمة الأرض خالية للبائع ، والزيادة للمفلس والغرماء .

تنبيه : شرط بعض أصحابنا أيضا أن يكون الثمن حالا ، فإن كان مؤجلا ، فلا رجوع للبائع . قاله أبو بكر وصاحب " التلخيص " فيه لعدم تمكنه من [ ص: 321 ] المطالبة ، وظاهر كلامه هنا ، وقاله الأكثر أن هذا ليس بشرط ، والمنصوص أنه يوقف إلى الأجل ، ثم يعطاه ، وقال ابن أبي موسى : له أخذه في الحال ومحل الرجوع إذا استمر العجز عن أخذ الثمن ، فإن تجدد للمفلس مال بعد الحجر وقبل الرجوع ، فلا رجوع إذن .

مسائل : الأولى : لو اشترى أرضا فزرعها ، ثم أفلس يقر الزرع لربه مجانا إلى الحصاد ، فإن اتفق المفلس ، والغرماء على الترك ، أو القطع جاز ، وإن اختلفوا وله قيمة بعد القطع قدم قول من يطلبه .

الثانية : إذا اشترى نخلا فأطلع ، ثم أفلس قبل التأبير فالطلع زيادة متصلة في الأصح ، وإن كان بعده فمنفصلة وحكم الشجر كذلك .

الثالثة : إذا اشترى غراسا فغرسه في أرضه ، ثم أفلس ، ولم تزد الغراس فله الرجوع فيه ، فإن أخذه لزمه تسوية الأرض ، وأرش نقصها ، فإن بذل الغرماء والمفلس له القيمة لم يجبر على قبولها ، وإن امتنع من القلع فبذلوا القيمة له ليملكه المفلس ، أو أرادوا قلعه وضمان النقص فلهم ذلك ، وكذا لو أرادوا قلعه من غير ضمان النقص في الأصح .

الرابعة : إذا اشترى أرضا من شخص وغراسا من آخر وغرسه فيها ، ثم أفلس ، ولم يزد فلكل الرجوع في عين ماله ولصاحب الأرض قلع الغراس من غير ضمان ، فإن قلعه بائعه لزمه تسوية الأرض ، وأرش نقصها الحاصل به [ ص: 322 ] فإن بذل صاحب الغراس قيمة الأرض لصاحبها لم يجبر على ذلك ، وفي العكس إذا امتنع من القلع له ذلك في الأصح .

الخامسة : رجوع البائع فسخ للبيع لا يحتاج إلى معرفة المبيع ، ولا إلى القدرة على تسليمه ، فلو رجع بثمن آبق ، صح وصار له ، فإن قدر أخذه ، وإن تلف فمن ماله ، وإن بان تلفه حين استرجعه بطل استرجاعه ، وإن رجع في مبيع اشتبه بغيره قدم تعيين المفلس لإنكاره دعوى استحقاق البائع ، وإن مات بائع مدينا فمشتر أحق بطعام وغيره ولو قبل قبضه ، نص عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية