صفحة جزء
فصل وللولي أن يأكل من مال المولى عليه بقدر عمله إذا احتاج إلى ذلك وهل يلزمه عوض إذا أيسر ؛ على روايتين ، وكذلك يخرج في الناظر في الوقف ومتى زال الحجر عنه فادعى على الولي تعديا ، أو ما يوجب ضمانا فالقول قول الولي ، وكذلك القول قوله في دفع المال إليه بعد رشده وهل للزوج أن يحجر على امرأته في التبرع بما زاد على الثلث من مالها ؛ على روايتين .


فصل

( وللولي أن يأكل من مال المولى عليه بقدر عمله إذا احتاج إلى ذلك ) لقوله تعالى : ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف [ النساء : 6 ] ، ولما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إني فقير ، وليس لي شيء ولي يتيم فقال : كل من مال يتيمك غير مسرف . رواه أبو بكر ، وروى ابن بطة عن الحسن العرني مرفوعا : معناه ، ولأنه إنما يستحق بعمله فتقيد بقدره ، والمذهب كما جزم به الجماعة أن له الأقل من أجرة مثله ، أو قدر كفايته ، لأنه يستحقه بالعمل ، والحاجة جميعا ، فلم يجز أن يأخذ إلا ما وجد فيه ، وفي الإيضاح إذا قدره حاكم ، وقيده في " الرعاية " ، و " الوجيز " إن شغله ذلك عن ما يقوم بكفايته قال ابن رزين : يأكل فقير ، ومن يمنعه من معاشه بمعروف ، وظاهره أنه لا يحل له تناول شيء مع غناه لقوله تعالى : ومن كان غنيا فليستعفف [ النساء : 6 ] ، وعنه : بلى ، اختاره ابن عقيل كالعمل في الزكاة وحمل الآية على الاستحباب ، وعنه : [ ص: 346 ] لا يجوز للوصي أن يأكل شيئا من مال اليتيم مطلقا ( وهل يلزمه عوضه إذا أيسر ؛ على روايتين ) كذا في " المحرر " الأصح أنه لا يلزمه ، لأن ذلك جعل عوضا له عن عمله ، فلم يلزمه عوضه كالأجير ، والمضارب ، ولأنه يقال أمر بالأكل ، ولم يذكر عوضا ، والثانية : بلى ، وقاله مجاهد وعطاء ، وسعيد بن جبير ، لأنه استباحة بالحاجة من مال غيره ، فلزمه عوضه كالمضطر إلى طعام غيره ، وجوابه بأن العوض وجب عليه في ذمته بخلافه هنا ، وهذا الخلاف في غير الأب . قاله في " المغني " ، و " الشرح " وإذا قلنا برد البدل فيتوجه برده إلى الحاكم ، لأنه لا يبرئ نفسه بنفسه ( وكذلك يخرج في الناظر في الوقف ) إذا لم يشرط له شيئا ، وهذا التخريج ذكره أبو الخطاب ، وغيره ، لأنه يساوي الوصي معنى وحكما ونص أحمد في الناظر أنه يأكل بمعروف ، وظاهره ، ولو لم يكن محتاجا . قاله في القواعد ، وعنه : أيضا إذا اشترط ، قيل له : فيقضي دينه ؛ قال : ما سمعت . قال الشيخ تقي الدين : لا يقدم بمعلومه بلا شرط إلا أن يأخذ أجرة عمله مع فقره كوصي اليتيم وفرق القاضي بين الوصي بأنه لا يمكنه موافقته على الأجرة ، والوكيل يمكنه ( ومتى زال الحجر عنه فادعى على الولي تعديا ، أو ما يوجب ضمانا ) كدعوى النفقة ، وقدرها ووجود الغبطة ، والضرورة ، والمصلحة ، والتلف ( فالقول قول الولي ) مع يمينه ، لأنه يقبل قوله في عدم التفريط ، فكذا هنا كالمودع ، وهذا ما لم يخالف عادة وعرفا ، وظاهره أنه يحلف الولي ، ولو كان حاكما ، وهو رواية ، والمذهب أنه لا يحلف الحاكم فلو قال : أنفقت عليك منذ سنتين فقال : منذ سنة قدم قول الصبي ، لأن الأصل يوافقه ، وظاهره أن الحظ ، والغبطة لا تفتقر إلى ثبوت ذلك عند الحاكم ( وكذلك القول قوله في [ ص: 347 ] دفع المال إليه بعد رشده ) هذا هو المذهب ، لأنه أمين ، أشبه المودع ، وقيل : يقبل قول الصبي لقوله تعالى : فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم [ النساء : 6 ] فمتى ترك الإشهاد ، فقد فرط فلزمه الضمان فعليه لا يقبل قول الولي إلا ببينة ، وكذلك الحكم في المجنون ، والسفيه ( وهل للزوج ) الرشيد قاله في " الرعاية " ( أن يحجر على امرأته ) أي : الرشيدة ( في التبرع بما زاد على الثلث من مالها ؛ على روايتين ) كذا في " الرعاية " أرجحهما ليس له منعها ، وهي ظاهر الخرقي ، وجزم بها في " الوجيز " ، وقدمها في " الفروع " لقوله تعالى : فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم [ النساء : 6 ] وهي ظاهرة في فك الحجر عنهن وإطلاقهن في التصرف بدليل قوله عليه السلام : يا معشر النساء تصدقن ولو من حليكن . وكن يتصدقن ويقبل منهن ولم يستفصل ، ولأن من وجب دفع ماله إليه لرشده جاز له التصرف بغير إذن كالغلام ، والثانية : يملك منعها من ذلك أي : بزيادة على الثلث نصره القاضي وأصحابه لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا يجوز للمرأة عطية في مالها إلا بإذن زوجها ، إذ هو مالك عصمتها . رواه أبو داود ، ولأن حق الزوج يتعلق بمالها وينتفع به وإذا أعسر بالنفقة أنظرته فجرى مجرى حقوق الورثة المتعلقة بمال المريض ، وجوابه بأن شعيبا لم يدرك عبد الله بن عمرو ، وليس لهم حديث يدل على تحديد ، وقياسهم على المريض فاسد ، لأن المرض سبب إلى وصول المال إليهم بالميراث ، والزوجية إنما تجعله من أهل الميراث فهي أحد وصفي العلة ، فلا يثبت الحكم بمجردها [ ص: 348 ] كما لا يثبت لها الحجر على زوجها ، وظاهره أنه لا يملك منعها من التبرع بما دون الثلث ، وعنه : بلى صححها في " عيون المسائل " قال : لا تهب شيئا إلا بإذنه ، ولا ينفذ عتقها إلا بإذنه لظاهر الخبر .

التالي السابق


الخدمات العلمية