صفحة جزء
ولا يجوز التوكيل ، والتوكل في شيء إلا ممن يصح تصرفه فيه ، ويجوز التوكيل في كل حق آدمي من العقود ، والفسوخ ، والعتق ، والطلاق ، والرجعة وتملك المباحات من الصيد ، والحشيش ونحوه إلا الظهار ، واللعان ، والأيمان ، ويجوز أن يوكل من يقبل له النكاح ، ومن يزوج وليته إذا كان الوكيل ممن يصح منه ذلك لنفسه وموليته .


( ولا يجوز التوكيل والتوكل في شيء إلا ممن يصح تصرفه فيه ) ، لأن من لا يصح تصرفه بنفسه فنائبه أولى ، فلو وكله في بيع ما سيملكه ، أو طلاق من يتزوجها لم يصح ، إذ الطلاق لا يملكه في الحال ، ذكره الأزجي ، وذكر غيره إن قال : إن تزوجت هذه ، فقد وكلتك في طلاقها ، أو إن اشتريت هذا العبد فقد وكلتك في عتقه ، صح إن قلنا يصح تعليقهما على ملكهما ، وإلا فلا ، وكل من صح تصرفه بنفسه ، صح منه ما ذكرنا ، لأن كلا منهما يملك التصرف بنفسه فجاز أن يستنيب غيره ، وأن ينوب عن غيره لانتفاء المفسد ، وشرطه أن يكون مما تدخله النيابة [ ص: 357 ] فلا يصح توكيل فاسق في إيجاب نكاح إلا على رواية ، وفي قبوله وجهان ويصح توكيل المرأة في طلاق نفسها ، وغيرها ، وتوكيل العبد في قبول نكاح ، لأنه يجوز أن يقبله لنفسه بإذن سيده وللمكاتب أن يوكل فيما يتصرف فيه بنفسه وله أن يتوكل لغيره بجعل ، لأنه من اكتساب المال ، وليس له أن يتوكل بغير جعل إلا بإذن سيده ، وصحة وكالة المميز في طلاق وغيره مبني على صحته منه ، وفي " الرعاية " روايتان لنفسه ، أو غيره بلا إذن ويصح أن يتوكل واجد للطول في قبول نكاح أمة لمباح له ، وغني لفقير في قبول زكاة ، لأن سلبهما القدرة تنزيها ، وقبول نكاح أخته ونحوها من أبيه الأجنبي . قاله في " الوجيز " وغيره .

( ويجوز التوكيل في كل حق آدمي من العقود ) ، لأنه عليه السلام وكل عروة بن الجعد في الشراء ، وسائر العقود كالإجارة ، والقرض ، والمضاربة ، والإبراء في معناه ، لأن الحاجة تدعو إليه ، لأنه قد لا يحسن البيع ، والشراء ، أو لا يمكنه الخروج إلى السوق ، أو يحط ذلك من منزلته فأباحها الشارع دفعا للحاجة وتحصيلا للمصلحة ، ومقتضاه أنه يصح التوكيل في الإقرار ، وقيل : التوكيل فيه إقرار ، جزم به في " المحرر " ، وفي إثبات القصاص ، وفي المطالبة بالحقوق وإثباتها ، والمحاكمة فيها حاضرا كان الموكل ، أو غائبا صحيحا ، أو مريضا في قول الجمهور ( والفسوخ ، والعتق ، والطلاق ) ، لأنه يجوز التوكيل في الإنشاء ، فجاز في الإزالة بطريق الأولى ( والرجعة ) ، لأن الحاجة تدعو إلى ذلك ( وتملك المباحات من الصيد والحشيش ، ونحوه ) كإحياء الموات واستيفاء المواريث ، لأنها تملك مال بسبب لا يتعين عليه فجاز كالابتياع ، والاتهاب ، وقيل : من وكل في احتشاش [ ص: 358 ] واحتطاب فهل يملك الوكيل ما أخذه ، أو موكله ؛ فيه وجهان ( إلا الظهار ) ، لأنه قول منكر وزور يحرم عليه فعله ، فلم تجز الاستنابة فيه كالإيلاء ( واللعان ، والأيمان ) ، لأنها أيمان ، فلا تدخلها النيابة كالعبادات البدنية ، والنذر والقسامة كذلك ، ويستثنى أيضا القسم بين الزوجات ، لأنها تتعلق بالزوج لأمر يختص به ، والشهادة لأنها تتعلق بالشاهد ، والرضاع ، لأنه يختص بالمرضعة ، والالتقاط ، فإذا فعل ذلك فالتقط كان أحق به من الآمر ، والاغتنام ، لأنه يستحق بالحضور ، والغصب ، والجناية ، لأنه محرم ( ويجوز أن يوكل من يقبل له النكاح ) لفعله عليه السلام ، ولأن الحاجة قد تدعو إلى ذلك ، فإنه ربما احتاج إلى التزوج من مكان بعيد لا يمكنه السفر إليه ، كما تزوج عليه السلام أم حبيبة وهي بأرض الحبشة ( ومن يزوج وليته ) ، لأن الحاجة تدعو إلى ذلك ، أشبه البيع ( إذا كان الوكيل ممن يصح ذلك منه لنفسه وموليته ) يحترز به عن الصبي ، والمجنون ، فإن توكيلهما غير صحيح ، وعن الفاسق ، فإن توكيله في الإيجاب كذلك ، لأنه لا يصح أن يتولى نكاح موليته بنفسه ، إذ لا ولاية لفاسق ، وفيه إشعار بأنه يصح أن يكون وكيلا في القبول ، وقد تقدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية