صفحة جزء
وإن وكله في بيع فاسد ، أو كل قليل وكثير لم يصح ، وإن وكله في بيع ماله كله صح ، وإن قال : اشتر لي ما شئت ، أو عبدا بما شئت ، لم يصح حتى يذكر النوع ، وقدر الثمن ، وعنه : ما يدل على أنه يصح .


( وإن وكله في بيع فاسد ) أي : لم يصح ، ولم يملكه ، لأن الله تعالى لم يأذن فيه ، ولأن الموكل لا يملكه فوكيله كذلك وأولى ، وكشرطه على وكيل في بيع أن لا يسلمه المبيع ( أو كل قليل وكثير لم يصح ) ، ذكره الأزجي اتفاق الأصحاب ، لأنه يدخل فيه كل شيء من هبة ماله وطلاق نسائه وإعتاق رقيقه فيعظم الغرر ، والضرر ، ولأن التوكيل لا بد وأن يكون في تصرف معلوم . ومثله وكلتك في شراء ما شئت من المتاع الفلاني فلو قال : وكلتك بما إلي من التصرفات فاحتمالان ، وقيل : يصح في كل قليل وكثير كبيع ماله ، أو المطالبة بحقوقه ، أو الإبراء ، أو ما شاء منه يؤيده قول المروذي بعث بي أبو عبد الله في حاجة ، وقال كل شيء تقول على لساني ، فأنا قلته ( وإن وكله في بيع ماله كله ، صح ) ، لأنه يعرف ماله فيقل الغرر ، وذكر الأزجي في : بع من عبيدي من شئت أن من للتبعيض ، فلا يبيعهم إلا واحدا ، ولا الكل لاستعمال هذا في الأقل غالبا ، وقال هذا ينبني على أصل ، وهو استثناء الأكثر ، وفيه نظر ( وإن قال : اشتر لي ما شئت ، أو عبدا بما شئت لم يصح ) ، لأن ما يمكن [ ص: 378 ] شراؤه ، والشراء به يكثر فيكثر فيه الغرر ( حتى يذكر النوع ) ، وعليه اقتصر القاضي ، لأنه إذا ذكر نوعا ، فقد أذن في أغلاه ثمنا ، فيقل الغرر فيه ( وقدر الثمن ) ، وهو رواية لانتفاء الغرر فمن اعتبره جوز أن يذكر أكثر الثمن وأقله ، وحكاه في " الفروع " قولا ، واقتصر عليه في " الشرح " وصريح كلامه أنه لا بد للصحة من اعتبار الأمرين ، وقاله أبو الخطاب ( وعنه : ما يدل على أنه يصح ) ، فإنه روي عنه فيمن قال : ما اشتريت من شيء فهو بيننا - أن هذا جائز ، وأعجبه ، وهذا توكيل في شراء كل شيء ، لأنه إذن في التصرف فجاز من غير تعيين كالإذن في التجارة وكما لو قال : بع من مالي ما شئت ، والإطلاق يقتضي شراء عبد مسلم عند ابن عقيل لجعله الكفر عيبا .

التالي السابق


الخدمات العلمية