صفحة جزء
ولا تصح إلا بشروط خمسة ، أحدها : أن يعقد على نفع العين دون أجزائها ، فلا تصح إجارة الطعام للأكل ، ولا الشمع لشعله ، ولا حيوان ليأخذ لبنه إلا في الظئر ، ونقع البئر فإنه يدخل تبعا .


( ولا تصح إلا بشروط خمسة ، أحدها : أن يعقد على نفع العين دون أجزائها ) لأن الإجارة هي بيع المنافع فلا تدخل الأجزاء فيها ( فلا تصح [ ص: 77 ] إجارة الطعام للأكل ، ولا الشمع لشعله ) لأن هذا لا ينتفع به إلا بإتلاف عينه فلم يجز ، كما لو استأجر دينارا لينفقه ، فلو اكترى شمعة ليسرجها ويرد بقيتها وثمن ما ذهب وأجر الباقي فهو فاسد ; لأنه يشمل بيعا وإجارة ، وما وقع عليه عقد البيع مجهول ، وحيث جهل جهل الآخران ( ولا حيوان ليأخذ لبنه ) كالإبل ونحوها ، وأخذ الصوف ، والشعر ، والوبر كاللبن ، وجوز الشيخ تقي الدين إجارة الحيوان لأخذ لبنه ، فإن قام عليها المستأجر وعلفها فكاستئجار الشجر ، وإن علفها ربها وأخذ المشتري اللبن فبيع ، وليس هذا بغرر ، فإنه كمنيحة الشاة وهو عاريتها للانتفاع بلبنها كما يعيره الدابة لركوبها ; لأن هذا يحدث شيئا فشيئا فهو بالمنافع أشبه ، فإلحاقه بها أولى ( إلا في الظئر ) فإنه يجوز وقد تقدم ( ونقع البئر ) أي ماؤها المستنقع فيها ، قاله ابن فارس ، وعبر في " المبهج " وغيره : وماء بئر ( فإنه يدخل تبعا ) هو عائد إلى الأجير لإفراده الضمير ، ولا يصح عوده إلى الظئر ; لأن المعقود عليه إن كان الخدمة فلا يصح استثناؤها مما ذكر ; لأنها ليست من جنس المستثنى منه ; لأن خدمة المرضعة تقع مع بقاء العين ، وإن كان اللبن فلا يصح قوله : يدخل تبعا ; لأنه معقود عليه فهو أصل لا تبع بخلاف نقع البئر فإن هواء البئر وعمقه فيه نوع انتفاع لمرور الدلو فيه ، وفي " التبصرة " يعود ذلك إليهما . انتهى . وكذا حبر ناسخ ، وخيوط خياط ، وكحل كحال ، ومرهم طبيب ، ومنعه في " المغني " قال ابن عقيل : يجوز استئجار البئر ليسقى منه أياما معلوما ، وفي " الفصول " إنه لا يستحق بالإجارة ; لأنه إنما يملك بحيازته .

[ ص: 78 ] تنبيه : ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يجوز إجارة الفحل للضراب لنهيه عليه السلام عن عسب الفحل ، متفق عليه ، ولأن المقصود الماء وهو محرم لا قيمة له ، فلم يجز أخذ العوض عنه كالميتة ، وصرح أبو الخطاب وجها بجوازه بناء على إجارة الظئر والبئر لأن الحاجة تدعو إليه فينبغي أن يوقع العقد على العمل ، ويقدره بمرة أو مرتين ، وقيل : يقدر بالمدة وهو بعيد إلا أن يكتري فحلا لإطراق ماشية كثيرة ، والمذهب الأول ، فإن احتاج إليه ولم يجد من يطرقه له جاز أن يبذل الكراء وليس للمطرق أخذه ، فإن أطرق إنسان فحله بغير شرط فأهديت له هدية لذلك فلا بأس ، قاله في " المغني " ، و " الشرح " ، ونقل ابن القاسم : لم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى شيئا كالحجام ، فحمله القاضي على ظاهره وأنه مقتضى النظر ، وحمله في " المغني " على الورع ، وهو ظاهر ، قال الشيخ تقي الدين : فلو أنزاه على فرسه فنقص ضمن نقصه .

التالي السابق


الخدمات العلمية