صفحة جزء
الثالث : معرفة الرمي هل هو مفاضلة أو مبادرة ؛ فالمبادرة أن يقولا : من سبق إلى خمس إصابات من عشرين رمية فقد سبق ، فأيهما سبق إليها مع تساويهما في الرمي فهو السابق ، ولا يلزم إتمام الرمي ، والمفاضلة أن يقولا : أينا فضل صاحبه بخمس إصابات من عشرين رمية سبق ، فأيهما فضل بذلك فهو السابق ، وإذا أطلقا الإصابة تناولها على أي صفة كانت ، فإن قالا : خواصل كان تأكيدا; لأنه اسم لها كيفما كانت ، وإن قالا : خواسق ، وهو ما خرق الغرض وثبت فيه ، أو خوارق ، وهو ما خرقه ولم يثبت فيه ، وإن قالا : خواصر ، وهو ما وقع في أحد جانبي الغرض ، تقيدت بذلك . وإن شرطا إصابة موضع من الغرض كالدائرة تقيد به


( الثالث : معرفة الرمي هل هو مفاضلة أو مبادرة ؛ ) لأن غرض الرماة يختلف فمنهم من إصابته في الابتداء أكثر منها في الانتهاء ، ومنهم من هو بالعكس ، فوجب اشتراط ذلك ليعلم ما دخل فيه ( فالمبادرة أن يقولا : من سبق إلى خمس إصابات من عشرين رمية فقد سبق ، فأيهما سبق إليها مع تساويهما في الرمي فهو السابق ، ولا يلزم إتمام الرمي ) لأن السبق قد حصل بسبقه إلى ما شرطا السبق إليه ، فإن رمى أحدهما عشرا فأصاب خمسا ، والآخر تسعا فأصاب أربعا لم يحكم بالسبق ، ولا بعدمه حتى يرمي العاشر ، وإن أصاب به فلا سابق منهما ، وإن أخطأ به فالأول سابق ، وإن لم يكن أصاب من التسعة إلا ثلاثا ، فقد سبق ، ولا يحتاج إلى رمي العاشر ; لأن أكثر ما يحتمل أن يصيب به ، ولا يخرجه عن كونه مسبوقا .

( والمفاضلة أن يقولا : أينا فضل صاحبه بخمس إصابات من عشرين رمية [ ص: 133 ] سبق ، فأيهما فضل بذلك فهو السابق ) لما ذكرنا ، وللمناضلة صورة أخرى ذكرها أبو الخطاب ، وفي " المغني " ، و " الشرح " ، وأنها تسمى محاطة ، ومعناها أن يشترطا حط ما يتساويان فيه من الإصابة في رشق معلوم ، فإذا فضل أحدهما بإصابة معلومة فقد سبق صاحبه كأن يشترطا الرشق عشرين ، ويشترطا حط ما يتساويان فيه ، فإذا فضل أحدهما بعدد ، فقد فضل صاحبه ( وإذا أطلقا الإصابة تناولها على أي صفة كانت ) لأن أي صفة كانت تدخل تحت مسمى الإصابة ، وفي " المغني " أن صفة الإصابة شرط لصحة المناضلة ، وفي " الرعاية " إن أطلقا العقد كفى إصابة بعضه كيف كان ، ويسن أن يصفا الإصابة ، وقيل : يجب ( فإن قالا : خواصل ) بالخاء المعجمة ، والصاد المهملة ( كان تأكيدا; لأنه اسم لها كيفما كانت ) قال الأزهري : الخاصل الذي أصاب القرطاس ، وقد خصله إذا أصابه ، وخصلت مناضلي أخصله خصلا إذا نضلته وسبقته ، وتسمى القرطسة ، يقال : قرطس إذا أصاب ( وإن قالا : خواسق ) بالخاء المعجمة ، والسين المهملة ( وهو ما خرق الغرض ، وثبت فيه أو خوارق ) بالخاء المعجمة ، والراء ( وهو ما خرق الغرض وثبت فيه ) وضبطه بعضهم بالزاي ، وفيه نظر ; لأن الأزهري والجوهري قالا : الخارق بالراء لغة في الخاسق ، فهما شيء واحد ، وقد فسر الخوارق بغير ما فسر به الخواسق ، فتعين أن يكون بالراء لئلا يلزم الاشتراك أو المجاز ، وهما على خلاف الأصل ، والأصل في الألفاظ التباين ( وإن قالا : خواصر ) بالخاء المعجمة ، والصاد ، والراء المهملتين ( وهو ما وقع في أحد جانبي الغرض ) ومنه قيل : الخاصرة ; لأنها في جانب الإنسان ( تقيدت بذلك ) لأنه [ ص: 134 ] وصف وقع العقد عليه فوجب أن يتقيد به ضرورة الوفاء بموجبه ، فإن شرطا الخواسق والخوارق معا صح ( وإن شرطا إصابة موضع من الغرض كالدائرة تقيد به ) لأن الغرض يختلف باختلاف ذلك ، فتعين أن تتقيد المناضلة به تحصيلا للغرض .

وبقي منها أقسام ، الأول : الموارق ، وهو ما خرق الغرض ونفذ منه ، ذكره في " المغني " ، و " الكافي " ، وذكر الأزهري أنه يقال له : الصادر ، الثاني : الخوارم ، وهو ما خرم جانب الغرض ، الثالث : الحوابي ، وهو ما وقع بين يدي الغرض ثم وثب إليه ، ومنه يقال حبا الصبي ذكرهما في " المغني " ، وليس الأولان من شرط صحة المناضلة ، ذكره السامري .

التالي السابق


الخدمات العلمية