صفحة جزء
وللمعير التصرف في أرضه على وجه لا يضر بالشجر ، وللمستعير الدخول للسقي والإصلاح وأخذ الثمرة ، ولم يذكر أصحابنا عليه أجرة من حين الرجوع ، وذكروا عليه أجرة في الزرع فيخرج فيهما وفي سائر المسائل وجهان ، وإن غرس ، أو بنى بعد الرجوع ، أو بعد الوقت فهو غاصب يأتي حكمه ، وإن حمل السيل بذرا إلى أرض فنبت فيها فهو لصاحبه فيبقى إلى الحصاد بأجرة مثله ، وقال القاضي : لا أجرة له ويحتمل أن لصاحب الأرض أخذه بقيمته ، وإن حمل غرس رجل فنبت في أرض غيره فهل يكون كغرس الشفيع أو كغرس الغاصب ؛ على وجهين .


( وللمعير التصرف في أرضه ) والانتفاع بها كيف شاء ودخولها ; لأنها ملكه ( على وجه لا يضر بالشجر ) والبناء لإذنه فيهما ، ولا ينتفع بهما ( وللمستعير الدخول للسقي والإصلاح وأخذ الثمرة ) لأن الإذن في الشيء إذن فيما يعود بصلاحه ، واقتضى أنه ليس له الدخول لغير حاجة كالتفرج ونحوه ، وصرح به في " الشرح " ( ولم يذكر أصحابنا عليه أجرة من حين الرجوع ) لأن بقاء الغراس والبناء بحكم العارية فوجب كونه بلا أجرة كالخشب على الحائط ( وذكروا ) أي أكثر الأصحاب ( عليه أجرة في الزرع ) من رجوعه ; لأن مقتضى رجوع المعير منع المستعير من الانتفاع ضرورة بطلان الإذن المبيح لذلك ، فوجب بقاؤه بأجرة مثله جمعا بين الحقين ( فيخرج فيهما وفي سائر المسائل ) أي في كل موضع [ ص: 142 ] يشبهها ( وجهان ) لاستوائهما في الرجوع الموجب لذلك ، فخرج بعضهم من الزرع إلى الشجر والبناء ، وعكس آخرون ، وقيل : يجري في كل ما استعير ، وجزم به في " التبصرة " في مسألة السفينة ، واختاره أبو محمد الجوزي فيما سوى أرض للدفن ; لأن الأصل جواز الرجوع ، وإنما منع من القلع لما فيه من الضرر ، ففي دفع الأجرة جمع بين الحقين ، والثاني : لا يجب في شيء من المواضع ; لأن حكم العارية باق فيه لكونها صارت لازمة للضرر اللاحق بفسخها ، والإعارة تقتضي الانتفاع بغير عوض .

( وإن غرس ، أو بنى بعد الرجوع ، أو بعد الوقت فهو غاصب ) لأنه تصرف بغير إذن المالك ، وعبارة " الوجيز " وفعله بعد المنع أو المدة غصب ، وهي أعم ( يأتي حكمه ) في الغصب .

مسألة : استعار دابة إلى موضع فجاوزه فقد تعدى وعليه أجر المثل للزائد خاصة ، فإن قال مالكها : أعرتكها إلى فرسخ ، فقال : إلى فرسخين ، قدم قول المالك ( وإن حمل السيل بذرا إلى أرض فنبت فيها فهو لصاحبه ) لأنه نماء ملكه ، ولا يجبر على قلعه ، فإن أحب قلعه فله ذلك ، وعليه تسوية الحفر وما نقصت ; لأنه أدخل النقص على ملك غيره لاستصلاح ملكه ( فيبقى إلى الحصاد بأجرة مثله ) جزم به في " الوجيز " وهو الأولى ; لأن إلزامه تبقية زرع ما أذن فيه في أرضه بغير أجرة إضرار به ، فوجب عليه أجر المثل كما لو انقضت مدة الإجارة وفيها زرع لم يفرط في زرعه ( وقال القاضي : لا أجرة له ) لأنه حصل فيها بغير تفريطه ، أشبه بيتوتة الدابة في ملك غيره بغير [ ص: 143 ] تفريطه ( ويحتمل أن لصاحب الأرض أخذه بقيمته ) كزرع الغاصب ، فقيل : بذرا ، وقيل : بقيمته إذن ، ورد بأنه حصل فيها بغير عدوان ، وقد أمكن جبر حق المالك بدفع الأجر إليه ، والساقط لرب الأرض إذا نبت فيها سواء كان مالكا ، أو مستعيرا ، أو مستأجرا ، وقيل : له حكم العارية ، وفي أجرتها وجهان ( وإن حمل غرس رجل ) أو نواة ، أو لوزا ( فنبت في أرض غيره ) فهو لصاحبه ; لأنه نماء ملكه كالزرع لكن ( فهل يكون كغرس الشفيع ) قدمه في " الفروع " وغيره ; لأنه ساواه في عدم التعدي قال ابن المنجا ، وفي التشبيه نظر لأنه يوهم أن الغرس ملك الشفيع وليس كذلك بل الشفيع إذا أخذ بالشفعة وكان المشتري قد غرس لا يملك الشفيع قلع الغرس من غير ضمان النقص ، والأولى أن يقال : كغرس المشتري لما فيه شفعة ( أو كغرس الغاصب ) جزم به في " الوجيز " ; لأنه ساواه في عدم الإذن ( على وجهين ) والفرق بين الغراسين أن قلع الثاني مجانا مستحق بخلاف غرس الشفيع .

فرع : لو حمل السيل أرضا بشجرها فنبت في أرض آخر كما كانت فهي لمالكها يجبر على إزالتها ، وفي كل ذلك لو ترك صاحب الأرض المنتقلة ، أو الشجر ، أو الزرع لصاحب الأرض المنتقل إليها لم يلزمه نقله ، ولا أجرة ; لأنه حصل بغير تفريطه ، ولا عدوانه ، وكانت الخيرة لصاحب الأرض المشغولة به إن شاء أخذه ، وإن شاء قلعه ، ذكره في " الشرح " .

التالي السابق


الخدمات العلمية